العدد 2729
الإثنين 04 أبريل 2016
banner
لماذا لا تهاجم “داعش” إيران؟
الإثنين 04 أبريل 2016

كان من ضمن أهداف تنظيم “داعش” الإرهابي الاعتداء على بعض المساجد والمآتم في المملكة العربية السعودية وفي دولة الكويت، وهذا التنظيم الذي يحمل المزيج من الإرهاب والإلحاد من المفترض أنه يُعادي ما يعتنقه النظام الإيراني بحسب المادة (12) من دستوره، وأن هذا التنظيم لا يهدف فقط إلى إسقاط هيبة الدول وشل قدرتها على حفظ الأمن بل خلق التشوه والانحراف الديني بين المكونات الداخلية في كل دولة يستطيع أن يدخلها ويضربها.
وأهداف منظمة “فاحش” لا تختلف من حيث الأهداف عن أفعال النظام الإيراني، فالكثير من المآسي السياسية والاضطرابات والقلاقل في أقطار الخليج العربي وبعض الأقطار العربية تعود أسبابها إلى تدخل النظام الإيراني في الشؤون الداخلية للأقطار العربية، ودعمه المباشر لعناصر الاضطرابات سياسيًا وعسكريًا. فهذا النظام يتحمل المسؤولية الأولى عن التحريض الطائفي ضد هذه الأقطار وقياداتها وشعبها العربي. ومن هذا التشابه في الممارسة والأهداف نرى أن النظام الإيراني المستفيد من اختراع لعبة “فاحش” الإرهابية، بل يكون أحد مؤسسيها بجانب الإدارة الأميركية والعدو الصهيوني والنظام السوري، فقد ولدت “فاحش” من رحم هؤلاء الشياطين الأربعة. فهذا المولود المسخ جاء ليحقق أهداف الشياطين الأربعة في المنطقة العربية من أجل حماية تحالفاتها ومصالحها في منطقتنا.
ويعيش العرب في هذا الأوان صراعين، الأول الصراع العربي الصهيوني، فهو صراع من أجل تحرير فلسطين التي اغتصبها، ومقاومته شرعية تأتي من شرعية أرض فلسطين المحتلة، والصراع الآخر بين العرب والنظام الإيراني بمعية “فاحش” قد وضحت معالمه بعد أن عاثت “فاحش” فسادًا وتدميرًا في أراضينا العربية دون أن مس الأرض الإيرانية ولا مصالحها ولا شعبها أي ضرر من “فاحش” بالرغم من ادعاءات النظام الإيراني بمحاربة “فاحش” ودعمه النظام السوري والعراقي من أجل القضاء عليها. ففي سوريا فإن هدف “فاحش” تعظيم مساحة وجودها الجغرافي الإرهابي وليس إسقاط نظام بشار الأسد، ولتحقيق ذلك فإن “فاحش” تتعاون مع نظام الأسد لقتال عناصر الجيش الحُر وجعله أولوية أكثر من محاربة نظام الأسد، إن التنظيم يخدم المصلحتين الإيرانية والسورية في قتال أعدائهما، وعلى نفس الاتجاه تحقق مصلحة العدو الصهيوني في إضعاف القوة السورية وتقسيم شعبها إلى كيانات طائفية.
وفي العراق يتجلى تعاون النظام الإيراني وداعش في محاربة القوى الوطنية، كونها قوى تعارض حكومات الاحتلال الأميركي الإيراني الصهيوني التي تعاقبت بعد احتلال العراق منذُ عام 2003م ولتاريخه، في الوقت الذي ينقل الإعلام المُحتل المُضلل أن القتال يجري بين الكتائب الشيعية المؤيدة للنظام الإيراني في العراق وبين قوات “فاحش”، ويدعي النظام الإيراني أن قواته العسكرية والأمنية الموجودة على أرض العراق هي لحماية الشيعة والأماكن المقدسة الشيعية التي في العراق! في الوقت الذي يتعاون فيه النظام الإيراني وفاحش وقوات الحشد الشعبي الموالية للنظام الإيراني بإزهاق أرواح الآلاف من العراقيين وبإمدادات عسكرية إيرانية.
الرابط بين النظام الإيراني و”فاحش” لم يكن ليتحقق إلا بفضل تقصير الأقطار العربية في أداء دورها القومي تجاه أقطارها، لو قامت أقطارنا بواجباتها الوطنية والقومية تجاه الأمة العربية وشعبها، ومنها الدفاع عن فلسطين والعراق وسوريا وليبيا كما هو الآن في دفاع التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية عن شرعية اليمن وسيادته العربية ضد التوغل الإيراني، ولو قامت بإجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية والحقوقية ومنحت مواطنيها شيئًا من الحرية والعدالة، لما استطاع النظام الإيراني بمعية “فاحش” استغلال هذا الفراغ السياسي العربي والتدخل في شؤوننا وقضايانا العربية، ولأصبح تنوعنا الإثني والديني والمذهبي حصنًا منيعًا ضد هذا الاتحاد الإيراني الفاحشي الإرهابي الذي يدعي زورًا وعدوانًا أنه يتبني قضايانا ويدافع عنها. إن الاعتداءات المستمرة التي حدثت في السعودية والكويت واليمن لا يمكن عزلها عن ممارسات “فاحش” في سوريا والعراق وليبيا ومصر، وتعاون الأقطار العربية معًا وقيامها بدورها الوطني والقومي الصحيح هو حماية لها من التدخلات الأجنبية الإرهابية، وإجراء الإصلاحات الضرورية في أقطارنا يكون مانعا لوجود أي منفذ أمام القوى الأجنبية الإرهابية لممارسة أي نوع من الهيمنة علينا. وعلى الشعب العربي الالتفاف حول الرابطة الوطنية والقومية باعتبارها طوق النجاة من الرابطة الطائفية، وعدم الانحياز لأي مشروع طائفي يتجاوز الخيار الوطني القومي.
إن التنظيم الإرهابي لن يُهاجم النظام الإيراني أبدًا، لأنه يتبنى أهدافه، وممارساته تتشابه مع ممارسته، وعناصره جاءوا من منظمة الجهاد التي قدمت لها الاستخبارات الإيرانية الكثير من الخدمات اللوجستية من معلوماتية وعتادية ومالية وتكنولوجية في العراق والباكستان وفي الخليج العربي وفي فلسطين، كما استقبلت العديد من قادتها المطلوبين عالميًا أمنيًا. كما أن الاستخبارات الإيرانية قدمت الكثير من المعلومات للتنظيمات الإرهابية الجهادية والفاحشية التي قامت بالعمليات الإرهابية في مدريد وتركيا وبلجيكا وفي الأقطار العربية الأخرى وغيرها من الأماكن التي سقط فيها العديد من القتلى والضحايا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية