العدد 518
الثلاثاء 16 مارس 2010
banner
رحم الله شيخ الأزهر
السبت 27 أبريل 2024

رحل الإمام الأكبر فضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر، رجل التسامح والوسطية، بعد أن لقي ربه بالأراضي المقدسة بالمملكة العربية السعودية، حيث كانت رحلته الأخيرة إلى هناك ودفن بأراضي البقيع حسب وصيته، تاركا خلفه تاريخا طويلا من العطاء وخدمة الإسلام، بعد رحلة بدأت من قرية صغيرة بصعيد مصر بحفظ القرآن الكريم والتدرج في الدراسة بالأزهر الشريف حتى حصل على الدكتوراه وعلى درجة الأستاذية، وقام بالتدريس في العديد من الجامعات الإسلامية في مصر والسعودية وليبيا، ثم أصبح مفتيا للديار المصرية ثم أصبح الشيخ رقم 47 للأزهر الشريف.
في سبتمبر 2007 أثناء فترة دراستي للدبلوم العالي في القاهرة، كان لي شرف الدخول على فضيلة الدكتور طنطاوي. ولم يكن من السهل في تلك الفترة أن يدخل الصحافيون بوجه خاص على فضيلة الشيخ، ولم يكن ذلك لا سمح الله لأن شيخ الأزهر يغلق بابه في وجه أحد، أو لأنه يفعل كما يفعل كثير من الشخصيات الرسمية من وزراء وغيرهم ممن يصعب لقاؤهم، ولكن لسبب آخر يتعلق بمحاولات بعض الصحافيين التعدي على مقام هذا الرجل المتواضع الكريم، حيث قاموا في مواقف عديدة بتحريف فتاواه واجتزائها لتحقيق الإثارة الصحافية حتى وإن كانت على حساب شيخ الأزهر. ولهذا كان فضيلته في تلك الفترة وربما حتى أيامه الأخيرة لا يأمَن للصحافيين، خوفا من تحريف كلامه والإساءة إلى مؤسسة دينية كبيرة بحجم الأزهر منارة الإسلام في مصر العروبة.
ولكني أعترف أن انتظاري لم يطل من أجل الدخول على فضيلته بفضل دبلوماسي مصري عمل بالبحرين ورحل عنها قبل أشهر قليلة، هو السيد: جابر حيدر المستشار الإعلامي بالسفارة المصرية الذي جعل من المكتب الإعلامي المصري مركزا للإشعاع والتواصل مع أبناء البحرين، واستطاع أن يبهر كل من تعامل معه بأدبه وثقافته الرفيعة.
يسر لي العديد من المهام في مصر الشقيقة عن طريق زملائه بالمركز الصحافي بالقاهرة، كان من بينها لقائي بفضيلة الإمام الراحل.
عندما دخلت على الشيخ شعرت ببعض الرهبة، ولكنني وجدت رجلا غاية في التواضع والبساطة، وأدركت بعد لقائي به إلى أي مدى يمكن أن يرسم الإعلام صورا غير دقيقة وأحيانا ظالمة لكثير من الشخصيات.
أجاب الشيخ على كل أسئلتي بتواضع واحترام وخرجت وأنا ممتنة لفضيلته وللدكتور عبد الله مجاور مدير مكتبه.
رحم الله الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الذي كان عنوانا للتواضع والزهد والتسامح والوسطية التي هي جوهر الإسلام. كان حريصا على الوئام والسلام بين أبناء مصر، مسلمين وأقباط  وداعيا إلى الوحدة والتسامح الديني بينهم، فاستحق أن ينعاه ويترحم عليه الجميع.
  عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا “

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .