العدد 373
الخميس 22 أكتوبر 2009
banner
ومعركة حول النقاب
الجمعة 26 أبريل 2024

معركة جديدة من معارك هذا العصر العربي العجيب انطلقت على أثر قرار عجيب التوقيت أصدره الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر،أقصد قرار منع الدارسات الأزهريات في كافة مراحل التعليم الأزهري من دخول محراب العلم وهن يرتدين النقاب.
والعجيب في مسألة التوقيت هنا، هو أن النقاب ليس اختراعا جديدا أو مرضا جديدا أتى مع مجيء أنفلونزا الخنازير أو مع شروع الصهاينة في هدم المسجد الأقصى ،ولكنه موجود منذ سنين ،وفتيات الأزهر وغيرهن يرتدينه منذ سنين، فما هو الجديد الذي جعل الأزهر يتخذ هذا القرار المسبب للجدل في هذا الوقت؟
 أنا لا أملك إجابة على هذا السؤال، ولكني كغيري من الناس أحمل أسئلة، والعلماء هم الذين يجيبون:إذا كان النقاب يسبب مشكلة، فلماذا لم تصدروا هذا القرار إلا الآن؟وما هي المشكلة التي تنشأ عن دخول الفتيات بالنقاب؟ وإذا كان مشايخ الأزهر لا يتعرضون لحرية النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب، بل والنساء اللاتي لا يرتدين شيئا على الإطلاق في بعض الأحيان، فلماذا لا يتركون الحرية أيضا لذوات النقاب؟
 أنا لست منقبة ،ولست من الفريق الذي تعرض بالنقد لشيخ الأزهر،ولست من الفريق الذي وصف الفريق الأول بالظلامية والانغلاق،ولكني أنظر إلى المسألة من زاوية مختلفة،وهي أن الأمة لديها ما يكفيها من معارك يراد خوضها،وفي مقدمة هذه المعارك معركة المسجد الأقصى الذي يصرخ ولا يجيبه أحد، فلماذا نترك قضايانا العاجلة ونفتح قضايا فقهية خلافية تزيد الشقاق بين العلماء وبين الناس ولا تفيد أحدا في النهاية؟
 ما فهمناه مما نشر في تبرير فتوى منع النقاب هو أن النقاب ليس فرضا، ولكن الفرض هو الحجاب، وبناء عليه، وعلى قدر فهمنا، يكون النقاب مبالغة في التدين لم تطلب من المرأة. وبناء على هذا الفهم، يكون من حقنا أن نتساءل: هل انتهت كل مشاكل المسلمين ولم يبق سوى مشكلة مبالغة بعض النساء في التدين؟ هذا إذا اتفقنا أنها مشكلة من الأساس؟
 ومرة أخرى أنا لست متزمتة، ولست ضد رجال الدين سواء الذين يحرمون النقاب، أو الذين يحرمون الخيار، ولكنني ضد إلهاء الناس بقضايا فرعية وخلافات فقهية في وقت الأمة فيه أحوج ما تكون إلى الاتفاق والتعاون.فما الذي قدمه علماء الدين لأكثر القضايا قداسة، وهي قضية المسجد الأقصى؟
 وهل تصدى العلماء لمشكلات الشباب المسلمين في عصر العولمة والضياع الأخلاقي الذي تصبه الفضائيات الساقطة على رؤوسهم ليل نهار؟ ماذا فعل العلماء من أجل التصدي لعنوسة ملايين الفتيات المسلمات؟ هل انتهت كل قضايا الأمة السياسية والاقتصادية؟ وهل حلت مشكلات الفقر والبطالة لدى الشباب المسلمين؟ هل دعا العلماء لبناء بيت مال المسلمين من جديد لحل مشكلات الذين يأكلون من القمامة وتزويج الشباب الفقراء؟
 إذا كان النقاب يمنع لأنه ليس فرض،فهل الميكرو جيب فرض؟ قلتم أنكم تمنعون النقاب في داخل قاعات الدراسة الخاصة بالنساء حيث لا يوجد رجال هناك، فماذا عن الرجال الجالسين في البيوت الذين يشاهدون نساء غير منقبات وغير محجبات من خلال التلفزيون؟هل طالبتم الحكومات بمنع المذيعات اللاتي لا ينفذن  فرض الحجاب؟
إننا لا نملك أمام هذه المواقف والمعارك التي يتم إطلاقها من وقت لآخر، إلا أن نقول:” إنا لله وإنا إليه راجعون.”
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية