العدد 2677
الجمعة 12 فبراير 2016
banner
أيهمــا أهــم البنــزيــن أم اللحــم؟ أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 12 فبراير 2016

يبدو أن الدولة تقتدي بالسيد هنري كيسنجر في تعاملها معنا كما كان هو يتعامل في السياسة الدولية، وتمارس سياسة الخطوة خطوة، ولا نعرف ماذا تريد ولا كيف ستطبق الذي تريده، فكل يوم يخرج أحد الوزراء ليقتسم كعكة الضرائب الجديدة مع باقي زملائه ويدلي بتصريح من نوع ما يثقل به على كاهل المواطن، وربما يكون آخر هذه التصريحات ما هو منسوب لوزير التجارة والصناعة حول الدقيق أو الخبز والدعم المقدم، وهو الدعم الذي أبقى الرغيف أو الخبز على سعر ثابت منذ سنوات.
ويبدو أن هناك معاقبة للناس على موقفهم من قضية رفع الدعم عن اللحوم نهاية العام الماضي والتندر الذي صاحب ذلك الرفع ورفض الناس له، حيث كان رفع الدعم عن باقي المواد المدعومة شيئا فشيئا، ولكن دون تعويض مناسب، وكأن الدولة تقول هذا ما لدي فلا تعويض عن شيء، ومن استطاع القدرة على العيش فليكن، والباقي لا شأن لي بهم، فما يهمني هو التاجر الكبير الذي لن يتأثر من كل ذلك، بل ربما سيستفيد، أما الباقون فليس عليهم إلا الكفاح من أجل البقاء.
بالرغم من أهمية اللحوم التي كانت مدعومة سابقا وبالرغم من حاجة المواطن لها، إلا أن هناك مواد قد تساويها في الأهمية إن لم تسبقها، ومقياس الأهمية يعتمد على تكرار الحاجة إليها ومقدار هذه الحاجة إضافة إلى وجود البدائل من عدمها، فاللحوم لدينا بدائل عنها من أسماك ودجاج، مع أن اللحوم المدعومة لا ترقى إلى أن تكون لحوما مقبولة وليست جيدة، ثم إن هذه اللحوم لا تستخدم بصورة مستمرة بل متقطعة وأحيانا فقط، اما البنزين فلا يمكن الاستغناء عنه يوميا، أي أن استخدامه مستمر بلا انقطاع، وكذلك الخبز الذي يمثل غذاء يوميا لا يمكن تركه صباحا ومساء، ولا توجد بدائل لتلك المواد، فالسيارات لا تسير بالماء او غيره، ومع ذلك لم نسمع عن تعويض للمواطنين لكل ما تم الاقدام عليه وما سيتم الاقدام عليه في الأيام القادمة، مع ان ما تم صرفه من تعويض عن اللحوم يمكن القول انه يجعل المواطن كالمتسول، ثم ان ما ينفقه المواطن على اللحوم قليل مقارنة بما ينفق على المواد الضرورية الأخرى.
فهل أراد المسؤولون من رفع الدعم امتحان ردة فعل المواطن بعد أن يحدثوا نوعا من الصدمة عنده، ثم امتصاص هذه الصدمة وتأثيرها عن طريق هذه الدنانير القليلة التي منحوها للمواطن، وهم ربما يرون أن هذا المواطن سيكون مستعدا بعد ذلك لاستقبال الزيادات الأخرى بعد ان تؤتي الصدمة فعلها فيه، وهذا يعني أن إعطاء المواطن تلك الدنانير في البداية لمنع أية ردة فعل سلبية عنده وأي تحرك إيجابي يمكن أن يقدم عليه، ثم بعد ذلك سيكون معتادا ويمكن الضغط عليه أكثر وأكثر دون أن يتحرك، بل سيستمر في التبرم دون أي فعل.
لا يوجد تفسير آخر لما يحدث، من إهمال تعويض المواطن عن تلك الضربات المتتالية بحقه، أو التفكير في البطاقة التموينية على الأقل... أليس كذلك... الله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية