العدد 2483
الأحد 02 أغسطس 2015
banner
بعد ربع قرن من الزمان هذا ما وصلنا إليه أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأحد 02 أغسطس 2015

كلما نزلنا للأسفل نقول لعل وعسى أن تكون هذه آخر الملمات ونرتفع بعدها بعون الله للأفضل ونعود للمسير إلى الأمام مرة أخرى ونجاري الأمم الأخرى في التطور والتقدم، ولكن يبدو أننا نصر على السير إلى الخلف وكأننا نريد أن نصعد منحدرا والسيارة معطلة وفراملها لا تعمل، إلا أن الأمل لا يغادرنا ونتحلى به دوما ما دمنا مؤمنين ولله الحمد.
قبل ربع قرن من الزمان بالضبط استيقظنا صباحا على أخبار غزو العراق للكويت وتم احتلال بلد بكامله في سويعات قليلة ومن كان يدرك حينها أن هذا الخطأ الفادح الذي أقدم عليه العراق حينها سيكون بمثابة الكارثة على الأمة وسيغزو فكرها الداخلي قبل غزو أراضي أحد أقطارها، وسيغير في الكثير من المفاهيم والمبادئ التي يسير عليها أبناء هذه الأمة، وسيحدث شرخا من الصعب تداركه وإصلاحه.
قبل ذلك كانت معاهدة الشؤم التي أسموها “كامب ديفيد” والتي أحدثت نفس نوع التأثير على الأمة ومزقتها وخرجت بها مصر من المعادلة العربية وانفتح الباب للعدو الصهيوني “إسرائيل” ليعيث في الوطن العربي فسادا شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، وتدنس قدم الصهاينة الكثير من الأراضي العربية ويغزو لبنان دون حراك من الأمة على مستوى قيادتها، بل يحتل هذا العدو عاصمتها بيروت ويمارس القتل الجماعي والتطهير العرقي فيها “صبرا وشاتيلا” دون أن يقف له احد من المدافعين عن الأرض العربية سوى المقاومة الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية “حينها”.
ثم أتى الغزو العراقي كما قلنا الذي به وبسببه تم البدء في تدمير الجيش العراقي “حارس البوابة الشرقية” للوطن العربي وحصار العراق وإخراجه بالقوة من المعادلة العربية هو الآخر واستمر حصار الشعب العربي العراقي بمساعدة من أشقائه لما يقرب من ثلاثة عشر عاما، ثم بعد ذلك تدميره بالكامل عام 2003 باليد الغربية والعربية وبسبب ذلك انفتحت البوابة على مصراعيها لدخول فارس للعراق لتعيث فيها فسادا وتحول هويتها، وأصبح الخليج العربي هو الآخر سماء تلعب فيها فارس وأتباعها أملا في عودتها لتكون شرطي الخليج العربي وحارسه نيابة عن الغرب الذي اتفق معها مؤخرا، وتمكنت فارس بعد كل ذلك من ضم العراق إليها، إضافة إلى سوريا ولبنان والدخول إلى اليمن كذلك وتحريك طابورها الخامس في اليمن والبحرين ليفسد في الأرض تنفيذا لأوامرها.
كل ذلك يحدث والشعب العربي من أقصى قطر إلى أدناه يشاهد ما يرى ويعجز عن تغيير المسار الذي تسير عليه الأمة بسبب انصياع قيادتها للغرب وعدم قدرتها على اتخاذ قرار وطني حقيقي، ويقول هذا الشعب إننا بذلك ربما نكون قد وصلنا إلى القاع ولابد أننا عائدون لنطفو من جديد ونمسح ما حاق بالأمة وشعبها من انحدار وإذلال لا مبرر له سوى التقاعس والخوف اللذين يخلقان العجز عن الحركة والتغيير حتى جاء ما تمت تسميته بالربيع العربي الذي خرجت فيه الجماهير العربية في كل مكان مطالبة بالتغيير الحقيقي ومطالبة بالعدالة والمساواة ورافعة شعارا واحدا في تعبير طبيعي عن وحدتها التي مزقتها قياداتها والهوى الإقليمي الذي ساد منذ كامب ديفيد.
هذا الربيع انقلب هو الآخر إلى طوفان وعواصف دمرت ما صادفته في طريقها ومازالت تدمر ما بقي من الأمة وتعمل على إخراج سوريا هي الأخرى من المعادلة العربية، بل ربما تكون سوريا قد خرجت من تلك المعادلة.
هذه هي المسيرة التي حدثت منذ معاهدة الشؤم “كامب ديفيد” وحتى الآن والتي منذ حدوثها لم تر الأمة يوما جميلا ولا سماء صافية رغم الشمس الحارقة في المنطقة ومع ذلك مازلنا نحمل املا بالتغيير خصوصا بعد ثورة الثلاثين من يونيو في مصر العروبة وتمكن قطرين عربيين “مصر والبحرين” من النفاذ من حصار المؤامرة الأخيرة على الوطن وبعد التحرك العربي الأخير والقرار بمواجهة فارس علنا في اليمن... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية