العدد 2148
الإثنين 01 سبتمبر 2014
banner
يمكن أن نفهم عناصر الخلاف ولكن ما هي دوافعه أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الإثنين 01 سبتمبر 2014

قد لا يوجد مواطن في منطقة الخليج العربي لا يعرف ما يحدث في المنطقة ولا يستطيع الإجابة عن سؤال، ما هي أسباب وعناصر الخلافات التي تعصف بالمنطقة بين دولة قطر من جهة وثلاث دول أخرى هي المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الإمارت العربية المتحدة من جهة أخرى، الجميع يعي عناصر الخلاف ويقرأ عن تلك الأسباب التي أدت إلى أن ينشق الصف حتى الآن وتضيع مواقفه الواحدة أو القريبة إلى التوحد، فقد كانت الخلافات في المواقف سمة من سمات مجلس التعاون ولكنها لم تصل إلى ما يهدد بنوع من القطيعة كالتي نحن عليها الآن، وجميعها تقريبا كانت حبيسة اللقاءات المغلقة والمشاورات الداخلية التي لم يتحدث عنها المسؤولون بهذه الصورة العلنية التي توحي بكبر حجمها وعدم القدرة على إخفائها.
ولكن على الجانب الآخر هل يوجد من يعرف دوافع تلك الخلافات ولماذا حدث التباين في المواقف، ولماذا اتخذت أطراف في المجلس مسارا سياسيا معينا وآثرت أطراف أخرى مسارا مناقضا تقريبا، مع أن المنطق يقول إن المسارات يجب أن تكون واحدة والتوافق على الأمور يجب أن يكون سريعا إن لم يكن موجودا بالفعل، حيث إن تبني المواقف ورسم السياسة في أية دولة يقوم على نوعية نظامها وتركيبته ووضعه الداخلي ومعه أهداف ذلك النظام ورؤيته المستقبلية، وكل تلك الأمور تقريبا واحدة أو متشابهة في نظمنا العربية الخليجية أو على أقل تقدير متقاربة، بالتالي لا يمكن أن تكون الثروة سببا لما يجري وإلا كانت الكويت قبل ذلك شاردة عن المنطقة، وهي لم تكن كذلك، ولا نعتقد أن التاريخ سقط فجأة وزرع أو أعاد ما كان من خلافات في السابق والتي من المفترض أن تكون قد انتهت بعد التطور الذي أصاب المنطقة والأنظمة بداخلها فعاد هذا التاريخ وفجر ما كان مخزونا، وكذلك الإعلام - محطة الجزيرة - والذي مثل خلافا بين قطر والكثير من الدول العربية، وليس في الخليج فقط، ولكنها - أي قناة الجزيرة - لم تصل بالخلافات من قبل إلى الدرجة التي نحن عليها الآن ولكنها كانت ترتفع وتخبو كل فترة وحسب البرامج التي تذاع دون أن تستمر الخلافات وتستنزف الجهود واللقاءات وتصاحبها التهديدات العلنية كما هو حادث اليوم.
تحليل هذا الوضع والبحث في الدوافع لم يقتصر في الحقيقة وكما هي العادة على فئة المثقفين في المنطقة وغيرها من الدول العربية بل تعداها لأن يكون حديثا عاما، ولكن كل تلك التحليلات ومحاولات المعرفة كانت تسير على السطح وتبحث في ما هو موجود علنا وربما يكون معروفا للجميع، مع بعض الاستثناءات، ولكن لم نقرأ عن الأسباب التي أدت إلى ذلك الانشقاق في المواقف، ولم يقل أحد لماذا شذت السياسة في دولة قطر الشقيقة بهذه الصورة حسب ما يراه الآخرون، وما الذي يدفع بها لأن تخاطر بكل شيء من أجل هذه السياسة التي تراها الدول الأخرى سياسة لا تتماشى والوضع الداخلي.
لا يمكن أن يكون السعي نحو الديمقراطية دافعا لتلك السياسة فبعض الدول الخليجية أكثر ديمقراطية، وليست حقوق الإنسان هي الأخرى سببا لما يجري فالإنسان تقريبا واحد وحقوقه متشابهة في المنطقة، بل إن حقوقه يمكن أن تكون مصانة عند البعض أكثر من الآخر - هذا لو كنا نتحدث عن الحقوق المعروفة والثابتة وليس الوقتية الزائلة -، أي الحقوق الإنسانية وليس المالية. لذلك نأمل أن يكون ما حدث في الاجتماع الوزاري الأخير فاتحة خير لرأب ما حدث ووضع بداية جديدة أكثر موضوعية للعلاقات الخليجية العربية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .