العدد 2145
الجمعة 29 أغسطس 2014
banner
قضية فلسطين... حلول القوة والضعف أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الجمعة 29 أغسطس 2014

لا نعلم وغيرنا كثيرون حجم الضغوط والتهديدات التي تعرض لها الوفد الفلسطيني المفاوض في مصر مؤخرا سواء على الطاولة أو على الأرض حتى يوافق على ما وافق عليه من وقف شامل لإطلاق النار مقرونا بفتح غير كامل للمعابر وتوسيع محدود لمنطقة الصيد البحري على سواحل غزة، ولم ترد في الأخبار أمور أخرى في الاتفاق، ومع ذلك يمكن القول إن ما حدث في الحرب الأخيرة هو انتصار للجانب الفلسطيني على العدو الصهيوني على الأقل في فتح المعابر وتوسيع منطقة الصيد البحري والاتفاق على توسيعها أكثر من خلال المفاوضات (غير المباشرة) وليس المباشرة في الأيام القادمة ومع استمرار ثبات وقف إطلاق النار، فلم يستطع العدو فرض شروط كان يريدها ويهدف إليها كعادته وأولها تجريد المقاومة من السلاح كما هو حادث في سيناء وما نراه في الضفة الغربية لتترك الشعب الفلسطيني في غزة فريسة لسلاح العدو متى شاء.
صحيح أن الثمن كان كبيرا في عدد الشهداء الذي قضوا في الحرب الأخيرة والدمار الذي لحق بكل شيء تقريبا في القطاع إلا أن الحقوق الكبيرة لا تنتزع بالمجان أو بالتهاون والضعف، بل هي بحاجة إلى ذلك الثمن الكبير الذي يتناسب وحجمها وقوة مصحوبة بقدرة على الصمود خصوصا في ظل الظروف الدولية التي يمثل فيها العدو الصهيوني أعلى المراتب ويهيمن من خلالها على كل شيء من خلال الحاضنة الكبيرة لهذا العدو وهي الولايات المتحدة الأميركية، لذلك فإن القوة مطلوبة أمام مثل هذه الأشكال المعادية وهي ليست قوة حربية فقط، مع أهميتها، ولكنها قوة مقرونة بمبادئ تتمثل في التمسك بالحق مهما كانت الظروف وقدرة على الصمود مهما كانت الضغوط والتحديات، ولنا في فترة المد العروبي منتصف القرن الماضي أسوة حسنة حين لم يستطع العدو الصهيوني الحصول على أي شيء بالرغم من القوة التي كان عليها والدمار الذي ألحقه بالمنطقة العربية وعلى رأسها الهزيمة العسكرية التي ألحقها بالقوات العسكرية العربية لثلاث دول مجتمعة.
في تلك الفترة لم يتمكن من الحصول على مكسب التفاوض المباشر حينها مع استعداده ساعتها لتقديم الكثير من التنازلات لو حدث ذلك، ولم يتمكن من الحصول على الاعتراف الذي يتمناه والذي كان سيقدم في سبيله ما لم يقدمه بعد ذلك عندما استشرى الضعف النفسي ودخل الوهن الى الجسم العربي، ولم تطأ قدم صهيوني واحد الأرض العربية إلا بوسيلة مخابراتية كانت تتم محاربتها في ذلك الوقت، ولكنه دخل علنا وساح وتمدد على هذه الأرض بعد ذلك بل رسميا باعتراف الجميع من الذين رأوا فيه قوة لا تقهر ورأوا في حاضنته الولايات المتحدة الأميركية القوة العظمى التي لا يرد لها أمر فسلموا لهما كل شيء وعلى ذلك قضية العرب الكبرى فلسطين.
هنا يمكن القول إن الحرب الأخيرة تدعو للتفاؤل بأن مصير العدو الصهيوني سيكون حتما إلى الزوال وأن فلسطين حتما عائدة إلى حضن أمتها العربية، ولكنه تفاؤل يستدعي العمل لا الكسل ويستلزم القوة وليس الضعف ويكون مقرونا بالمبدأ والتمسك به وليس الاستعداد لبيع كل شيء في سبيل الذات ومن أجل البقاء، وهو بحاجة إلى رجال غير الرجال، رجال يضعون أمتهم أمامهم في كل خطوة تخطوها وكل فكرة تعتمر بداخلها، رجال لا يحملون المرآة معهم في كل مكان ولا ينظرون إلا من خلالها.
الحديث هنا لا علاقة له بتيار معين حتى لا يؤخذ الكلام على عواهنه، فلم تكن الحرب الأخيرة بين تيار واحد والعدو الصهيوني ولا تنظيم من التنظيمات، وإنما المعني الأمة بجميع مكوناتها ودون استثناء، وهي تستلزم وتعني توحد الأمة بالكامل كما حدث في غزة، فهذه القضية أكبر بكثير من فصيل أو تيار أو فكر، بل هي مبدأ عام على الجميع الالتزام به والسير عليه... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية