العدد 2113
الإثنين 28 يوليو 2014
banner
فشل العروبيين والإسلاميين في غزة أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الإثنين 28 يوليو 2014

باللهجة العامية المحلية يمكن أن نقول إن “إسرائيل تطق اصبع” سرورا بالحال العربي اليوم وبعد ما أطلق عليه الربيع العربي، فعندما يصل بنا الصراع إلى تجاهل العدوان الصهيوني على غزة والهوان الذي نحن عليه في وقوفنا مع الشعب الفلسطيني وعدم نصرته بالصورة التي يجب أن تكون عليها النصرة فإن الكيان الصهيوني يرى أنه حقق من داخلنا ما لم يستطع تحقيق جزء منه من خارجنا، فالثورات العربية تكون بذلك قد خلقت صراعا بين مكونات الأمة لم يكن العدو الصهيوني يحلم به ولم يتمكن من الوصول إليه عن طريق الحروب الكثيرة التي شنها على الأمة طوال تاريخه، ويمكن تمثيل هذا الشقاق بما حدث إثر احتلال العراق للكويت منذ أربعة وعشرين عاما، وهو الاحتلال الذي أوجد حينها صراعا صوريا بين الوطنية الإقليمية والقومية العربية.
لقد تمكن أعداء الأمة من تغذية صراع بين القومية والإسلام وهو الصراع أو الخلاف الذي قلنا سابقا إنه غير موجود في الحقيقة ولكن المتطرفين من الجانبين يؤججون صراعا لا حقيقة له بين القومية العربية والإسلام مع أنهما في الحقيقة مكملان لبعضهما إن لم يكونا فكرا واحدا، لذلك نرى اليوم من يقف متفرجا على العدوان بحجة أن حماس تنتمي لجماعة الإخوان التي لعبت دورا تدميريا في الحراك الشعبي العربي الحالي، ويستندون في ذلك لما يجري في ليبيا وسوريا وما كان يمكن أن يحدث في مصر بسبب هذه الجماعة، وهذا ما نراه قولا لا يصدر إلا ممن لا يرى إلا تحت قدميه وبالتالي لا يستطيع رؤية الصورة كاملة وهو بذلك يتجاهل الحقيقة التي تكمن وراء أي عدوان صهيوني على الأمة.
لقد فشل أولئك الذين يرون في أنفسهم انتماءهم للفكر الإسلامي ولم نر حتى الآن موقفا مساندا للشعب الفلسطيني في مقاومته للعدوان الصهيوني فجميعهم لا يقدمون غير الكلام لذلك الشعب المطحون بالآلة العسكرية الصهيونية، والعروبيون أو جزء منهم على الأقل يتساوون معهم في ذلك الموقف ويقدمون الكلام فقط، مع أن الحقيقة أن القوميين هم الذين كانوا يقودون الصراع مع ذلك العدو منذ بدايته.
حزب الله يتفرج على الصراع والعدوان ويقدم الخطب فقط مع أنه أقرب ما يكون للعدو الصهيوني ولديه السلاح ويتشدق بفكر المقاومة والممانعة ويستخدم الكلمتين كذريعة لتخزين السلاح ووأد أي حل لما يحدث في لبنان، والجماعات التي ترفع شعار الإسلام كالإخوان والسلفيين بل وحتى التكفيريين هم جميعا على نفس الشاكلة، بل حتى النظام الرسمي العربي توقف حتى عن الكلام الداعم للشعب الفلسطيني في هذا الصراع إلى درجة أن قوافل المساعدات الطبية والإنسانية اختلفت اليوم عما كانت بالأمس إلى الدرجة التي تخلو فيها مستشفيات قطاع غزة عن الدواء اللازم للجرحى مما يزيد من عدد الشهداء حين لا يتلقى الجرحى العلاج اللازم.
السلطة الفلسطينية وبعض الأنظمة العربية لا تريد النصر للمقاومين في قطاع غزة حتى لا ترتفع مكانة حماس في ذلك القطاع وتعلو بالتالي كلمتها على تلك السلطة، لذلك نرى أن رئيس السلطة يرفض التوقيع على انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية لأن توقيعه يعني قدرته على طلب محاكمة قيادات العدو الصهيوني على جرائمه وهو ربما لا يريد ذلك، فأي حال وصلنا إليه؟
انتصار غزة على العدو الصهيوني بأية صورة من الصور، ومن هذه الصور منع العدو من تحقيق غاياته، هو اتنصار للأمة وليس لفصيل فيها مهما كان ذلك الفصيل، ثم هو خطوة في طريق التحرير الطويل، وبداية الاستقرار المفقود في وطننا العربي... والله أعلم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .