العدد 2385
الأحد 26 أبريل 2015
banner
النواب الإسلاميون و”التضبيط” لما بعد المجلس! أسامة الماجد
أسامة الماجد
سوالف
الأحد 26 أبريل 2015

تحاول الجمعيات الدينية التي أوصلت بعضا من أعضائها الى البرلمان فرض نوع من الطوق على المشاريع السياحية التي ستفيد البلد وتساعد على انعاش الاقتصاد الوطني دون ادنى دراسة ومسؤولية، وهذا شيء متوقع طالما نواب الجمعيات الدينية يسيرون على قاعدة جمعيتهم ويكونوا أكثر تجاوبا وتلاحما في أية قضية هم يرونها ويفصلونها حسب هواهم. فقد تكون المسألة في غاية البساطة ولكنهم يصفونها بالكارثة والطامة التي ستسحق البلد، وهذا المشهد تكرر مرات عديدة في المجالس السابقة بصورة عملية واضحة وعكس ارتباط عقليتهم ببرنامج الجمعية التي ينتمون اليها واتخاذها مرجعا وأداروا ظهورهم للوطن ومصلحته.
ان العلاقة بين النائب وبين جمعيته الدينية يجب أن تنتهي بمجرد دخوله البرلمان، انعتاق مؤقت من الآيديولوجية التي تسيطر عليه، والعمل ضمن فريق واحد يتخذ من مصلحة البلد شعارا له. يجب ان تكون حنجرته من اجل الوطن وليس من اجل الدفاع عن جمعيته وأصحابه. من يدخل البرلمان يجب ان يرتفع صوته مدويا من اجل المواطن وخدمته، لا من اجل زيادة راتبه وإبراز جمعيته والتركيز على القضايا التي لا تهم المواطن في شيء. العمل البرلماني يفقد قدرته وسلطانه اذا تحدث النائب عن نفسه اكثر من حديثه عن المواطن والدفاع عنه، والملفت للانتباه ان اكثر من يتحدثون عن انفسهم ويطالبون بتحسين أوضاعهم هم النواب القادمون من الجمعيات الدينية! كرأي شخصي أشعر ان هناك مشاعر من الطمع وحب الامتلاك ونزعة السيطرة والتباهي عند هؤلاء الذين حولوا عملهم في البرلمان الى مجابهة كل ما يفيد المواطن واللامبالاة بشؤونه، والتحدث فقط عن “زيادة رواتبهم” والاستحقاقات وأوضاعهم، وإن كانت هناك قضية سيخصصون لها وقتا طويلا للمناقشة فهي بالتأكيد قضية ترتبط بأي شكل من الاشكال مع جمعيتهم.
النتيجة الحتمية لعمل هؤلاء النواب الذين يتمسكون بأرجلهم وأيديهم بالكرسي هو الفشل الكبير والمواطن ليس بحاجة الى نائب يسعى وراء مصلحته الذاتية ويختار جمعيته على حساب الوطن. مشاكل المواطن لا تعد ولا تحصى، وبدل ان يقف هذا النائب مع المواطن ويطالب بحقوقه، يستمع.. ويناقش.. نراه يقف بطريقة غريبة مع مصالحه ويهجر الملفات الكثيرة التي وعد الناس بحلها قبل الانتخابات. هناك نواب سجلوا نجاحا مرموقا في عملهم ووضعوا المواطن فوق رؤوسهم بلا شعارات وعواطف. انطلقوا في عملهم دون مجاملات والتأرجح بين المد والجزر. كانوا في موقف المسؤولية والاتجاه الصحيح، وأسماؤهم معروفة ولا حاجة لذكرها. وهناك المنتمون للجمعيات الدينية الذين أعطوا المواطن، أما الغالبية منهم ومن باب تجاربنا فهم يستهترون بمشاكل المواطنين وكل من انتخبهم ويهتمون بشكل واضح بجمعيتهم ومواقف أصحابهم ولا يتخذون مواقف الا لصالح حركتهم وتوجههم.
نحن لسنا ضد الجمعيات الدينية، فالبحرين بلد متقدم والثقافة مفتوحة ولكن أن نجد الظاهرة نفسها تتكرر في كل مجلس نيابي أي ابتعاد بعض النواب الذين ينتمون الى الجمعيات الدينية عن هموم وقضايا المواطن والاكتفاء “بتضبيط نفسهم” لما بعد المجلس، هذا أمر يدعوا الى الحديث والمصارحة في الوقت الحاضر. مسألة بحاجة الى تدبر وتحليل. وللأسف مازال بعض المواطنين يعانون من ازمة وعي.. نعم هناك ازمة وعي، ولاسيما عند الذين يتهافتون على اختيار النائب القادم من جمعية دينية، فهم يرون فيه الخير والركن الاساسي لمصالحهم، ولكن بعد ذلك يكتشفون حقيقة الأمر. ورغم ذلك نجدهم يستمرون في انتخابهم وتفضيلهم على غيرهم وكل ما يستطيعون فعله هو “التحلطم” عندما يصدمون بعمله في المجلس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية