العدد 2670
الجمعة 05 فبراير 2016
banner
الشعب السوري الحاضر الغائب زينب الدرازي
زينب الدرازي
الجمعة 05 فبراير 2016

رغم كل تفاؤل “ستيفان دي ميستورة” حول مؤتمر جنيف إلا أنه من الواضح ان المؤتمر وهم آخر يعيشه الشعب السوري. وهو الوحيد الذي وضع جانبا في صراع دولي مرير بين قوى تستخدم أياد عربية لتدمير سوريا أو ما تبقى منها. بعد صراع خمس سنوات قضت على الأخضر واليابس وهجرت وفرقت العائلات والأحبة، وأصبح الدمار العنوان اليومي لحرب عبثية انتقامية لا نهاية لها الى الوقت القريب على الاقل. يقول “دي ميستورة” مبعوث الامم المتحدة لسوريا ان بناء الثقة بين الاطراف المتصارعة ووقف حقيقي لإطلاق النار الخطوة الاولى والمهمة لإنجاح الحوار في جنيف. إن التفاؤل بنجاح المفاوضات في جنيف بدأ يتلاشى بعد ان صرح “دي ميستورة” بأنه يشعر بعدم التفاؤل بعد ان كان واثقا من نجاح المؤتمر معتمدا على مجموعة من الفرضيات. وتختصر فرضياته أولا حسب رأيه ان الصراع استمر اكثر من اللازم، وحان الوقت لإيقافه. خصوصا أن الوضع الإنساني اصبح لا يحتمل وأزمة اللاجئين اصبحت تقلق الدول الأوروبية. ناهيك عن تمدد الدولة الاسلامية وتهديدها المصالح الغربية. وفرضية اخرى تقول ان المجموعة الدولية تدعم بشدة المفاوضات وتدعوا المعارضة للصمود حتى النهاية لأنها ترى بأن لا حل للأزمة اليوم إلا الحل السياسي. وفرضية اخرى تتمثل في ان روسيا غير مستعدة للتدخل عسكريا لما لا نهاية. هذا غير ان التدخل الروسي أوضح بشكل كبير ان انتصار الحركات الجهادية المدعومة دوليا وعربيا لم يعد مرجحا في المنظور القريب. لقد كان شرط الذهاب الى جنيف ان لا تكون هناك شروط مسبقة. إلا ان المعارضة وبعد ان وجدت نفسها مجبرة على الذهاب الى جنيف بدأت من اول يوم وضع شروط تعرف جيدا انها لن تتحقق. وهذا الأمر من المعارضة يأتي بعد ان اصبح موقفها ضعيفا وهامشيا وبعد ان وضحت الصورة للجميع بأنها مجرد نرد في الصراع الدولي حول سوريا وأن من يقرر مصير سوريا هو المجتمع الدولي متمثلا في اميركا وروسيا وإيران وربما تركيا. إن محاولة اقناع العالم بأن للمعارضة دورا في الحل السياسي هو وهم بدأ يتبدد ولم يعد احد يأخذ به. الشعب السوري الذي تتشدق الحركات الجهادية وتصول وتجول في دهاليز جنيف باسمه هو آخر همومها. اليوم تحاول المعارضة ايجاد موطئ قدم لها وعدم ركنها جانبا. ويبقى الشعب السوري الوحيد الذي تلعب به رياح المجتمع الدولي حتى تترتب مصالحه هو أولا ثم لا يبقى له إلا الاطلال. ان جدول الأعمال المتفائل الذي طرحه “دي ميستورة” يبدو ان وقته لم يحن بعد وقد يتأجل الى مؤتمر جنيف آخر لا نعلم متى ولكن الحلم بأن تتفق الأطراف اليوم على حكم جديد ودستور جديد يهيئ لانتخابات برلمانية ورئاسية تحت اشراف الأمم المتحدة لم يحن وقته بعد. وعلى الشعب السوري ان يظل في الشتات تتقاذفه اهواء ومصالح الدول الكبرى وشروطها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .