العدد 2384
السبت 25 أبريل 2015
banner
الحجاب وحرية الرأي زينب الدرازي
زينب الدرازي
السبت 25 أبريل 2015



استنادا إلى حرية الرأي وحرية الانتماء والاعتقاد ودفاعا عن الموروث الاجتماعي وتعبيرا عن الغضب والرفض لدعوات الإسلام السياسي، دعى الكاتب المصري شريف الشوباشي النساء في مصر الى خلع الحجاب في ميدان التحرير في الأول من مايو المقبل. اثارت الدعوة الكثير من اللغط بين مؤيد ومعارض ولكل حججه في ذلك. إلا ان القطبين استندا فيما ذهبا اليه الى “حرية الرأي”. ويبدو ان مصطلح حرية الرأي ودلالاته النظرية اصبحت مثل قميص عثمان، او مسمار جحا، الجميع يتعلق بحجة حرية الرأي لتبرير آرائه وتمريرها سواء كانت للصالح العام أو لصالح فئة محددة.
في الدول المتقدمة التي تعيش حالة من الديمقراطية قد نتفق معهم عندما يتكلمون عن حرية الرأي وحرية الاختيار. عندما يتعلم الفرد منذ نعومة اظافره ان له حقوقا، هنا يصبح قادرا على مسألة الاختيار، حيث تشجع قضية الحقوق والقدرة على تطبيقها والمطالبة بها الفرد على تنمية شخصية مستقلة قادرة على فرض رأيها واختيار مسار حياتها. ولكن عندما نتكلم عن دول مثل الدول العربية والإسلامية نتساءل عن ماذا يعني مصطلح “حرية الرأي” لهم، وهل هم حقا قادرون على فهم ابعاده النظرية والفلسفية وانعكاسها على الواقع الاجتماعي والسياسي والديني. من الصعب الاجابة حيث ان هذه الدول تعيش حالة من الاستلاب الثقافي والاستلاب النفسي. تفتقد غالبيتهم الوعي بحقوقهم والتفرقة بين العبودية لقوانين جائرة تفرضها دولة استبدادية وبين حقوقهم التي يفترض ان يتمتعوا بها بشكل طبيعي. إن هيمنة الدولة وسيطرتها الكاملة على الفرد أفقدته القدرة على الاختيار والقدرة على التمرد وفرض ما يراه مناسبا لمستقبله وأيامه القادمة. ولعلنا جميعا نعي انعكاس هذه السياسة على العائلة وكيف يمارس رب الأسرة ما تمارسه سلطة الدولة من قمع وسيطرة على الابناء بحيث يصبح غدهم مرهونا بإرادة رب الاسرة ورغباته الخاصة. هنا يصبح الكلام عن حرية الرأي ليس في مكانه، فكيف تستطيع المرأة المكبلة بقيود مجتمعية وسياسية واقتصادية ان تعبر عن رأيها في مسألة مهمة كمسألة الحجاب. فالحجاب مسألة تتعلق ليس فقط بقيود دينية بل ايضا مجتمعية ولعبة سياسية، يستخدمها بعض السياسيين لمصالحهم الخاصة. وتبقى المرأة الشخص والكائن الوحيد الذي لا يعرف حقيقة هل ارتداؤها للحجاب نابع من رضا وقناعة ام من الضغوطات التي تحيط بها وتؤثر عليها وعلى قرارها.
حتى تكون للمرأة القدرة على الاختيار في مسألة مثل الحجاب عليها أولا ان تكون قادرة على اختيار ملابسها ودراستها وتوجهها العلمي، تكون قادرة على اختيار زوجها وشريك حياتها، ان تكون قادرة على اختيار المهنة التي ترغبها وتبدع فيها. على المرأة ان تكون قادرة على معرفة حقوقها ومصلحتها الخاصة بعيدا عن مصلحة الاسرة وكل ما يحيط بها. عندما يصبح للمرأة صوتها الذي تعلن فيه موقفها دون خوف او مواربة سواء في المنزل او المجتمع او على الصعيد السياسي عندها نستطيع ان نقول ان اختيارها للحجاب هو مسألة شخصية وحرية رأي ومعتقد. ونتساءل اذا كانت المرأة في المجتمع العربي غير قادرة على التحرك من منزلها دون موافقة ولي أمرها، كيف يمكنها ان تبدي رأيها الصريح في مسألة شائكة مثل مسألة الحجاب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية