العدد 2113
الإثنين 28 يوليو 2014
banner
حق إسرائيل المزعوم في الوجود د. محسن الصفار
د. محسن الصفار
عالم مجنون
الإثنين 28 يوليو 2014

يحكى أن أحد قطاع الطرق في قديم الزمان كانت لديه أم عجوز يحبها جدا ولا يرفض لها طلبا وعلى الرغم من جبروته وشراسته الا انه كان رقيقا ولطيفا معها وفي احد الأيام طلبت الأم من ابنها ان يشتري لها كفنا ولكنها اشترطت عليه ان يكون الكفن من مال حلال وليس مسروقا.
بعد ايام جاء الابن الى امه وأعطاها كفنا وعند سؤالها حول ان كان حلالا رد عليها الابن بأنه ضرب صاحبها بالعصا حتى علا صراخه (حلال عليك) ووصل الى السماء وبالتالي فإن هذا القماش حلال زلال.
عندما نتكلم عن مشروعية وجود أي كيان سياسي فإن ذلك يرجع الى عوامل عديدة منها الحقوق التاريخية والطبيعة الديموغرافية والحدود المشتركة مع دول الجوار وهي بمجموعها تحدد مدى مشروعية وجود كيان كهذا من عدمه.
وعندما تقوم دولة عبر تهجير سكان بلد بأكمله واستبدالهم بأفراد من جنسيات وأعراق ولغات مختلفة لا يجمع بينهم سوى انتماؤهم لديانة معينة وكذبة تاريخية اسمها الأرض الموعودة فإن ذلك يعتبر مجافاة لكل اعراف وقواعد العقل البشري وتجمعاته الحضارية التي انشأت الدول على مدى قرون من الزمان.
اما اسرائيل فإنها اختارت طريقة صاحبنا قاطع الطريق عبر الحصول على مشروعيتها من خلال ضرب وقتل كل من يعترض عليها ويقدم الدلائل التي تثبت بطلان وجود هذه الدولة من الأساس فما بالك بحقها في الاستمرار والعيش الرغيد على حساب تهجير ملايين الأشخاص وقمع من تبقى منهم وحصرهم في سجون كبيرة تسمى المدن، لا يستطيعون التحرك فيها إلا من خلال حواجز أمنية وإذلال ومهانة ناهيك عن اقتضام هذه الأرض يوميا عبر انشاء مستعمرات طفيلية لاجتذاب المزيد من اليهود حول العالم الى فلسطين المحتلة او دولة اسرائيل المزعومة.
وما كان هذا الاحتلال السافر ليكتسب مشروعيته الزائفة لولا دعم القوى الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة للكيان الصهيوني بلا حساب ولا كتاب وإعطائه حصانة من كل مساءلة بينما يتمتع الأخير بقتل المدنيين نساء وأطفالا وشيوخا وهدم بيوتهم على رؤوسهم تحت ذريعة الدفاع عن النفس وحق اسرائيل المشروع في الوجود عبر ارسال الآخرين الى العدم.
إن ما تفعله العصابات الصهيونية في غزة اليوم ليس عارا على دولة اسرائيل لأنها اصلا ليس لها اصل او فصل او قيم اخلاقية كي تشعر بالخجل امامها ولكنه عار على جميع الدول التي ساندت وتساند هذا العدوان السافر والجرائم الفظيعة وتسكت عن كل ما تفعله اسرائيل بحجة حقها المشروع في الدفاع عن النفس.
ان قيام دولة مثل اسرائيل هو كارثة بحد ذاتها واستمرارها مقدمة لكوارث اكبر منها وسيدفع العالم كله يوما ثمن زرع خلايا سرطانية في الجسد العربي ولا اقول هذا من باب التهديد فليس بيدي شيء اهدد به ولكن من باب الاستقراء الواقعي لتسلسل الأحداث في المنطقة وما ستؤول اليه الأوضاع بسبب الكبت الفظيع الذي يمارس على الشعب الفلسطيني من قبل اسرائيل وحلفائها.
وختاما اقول ايها السادة ان ضربكم لصاحب القماش كي يقول انه حلال عليكم لن يجعله حلالا فلا تخدعوا انفسكم وغيركم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .