العدد 2148
الإثنين 01 سبتمبر 2014
banner
ما هذا البلاء الذي نحن فيه؟ د. بثينة خليفة قاسم
د. بثينة خليفة قاسم
زبدة القول
الإثنين 01 سبتمبر 2014

“وعن الاحتمال الثاني، قال: احتمال أن تستمر السلطة في الموقف الرافض لأي حلٍّ من هذا النوع، وفي التمسك بالحل الأمني وسياسة القمع والمماطلة، وتضييع الوقت والتحايل والتضليل الإعلامي وشراء مواقف الشركات الإعلامية، وشركات العلاقات العامة، ومواقف الدول والأشخاص من الداخل والخارج وتوظيف الذمم الرخيصة والألسن البذيئة الوقحة ضد المعارضة والشعب، محاولة لكسر إرادة هذا الشعب الأبي والتراجع عن مطالبه”.
أعزائي القراء، تأملوا هذه الفقرة الموجودة أعلاه وحاولوا أن تتوصلوا إلى المناسبة التي قيلت فيها، وإلى النص الكامل الذي وردت به، وهل هو مقال صحافي أم كلمة ألقاها أحد أعضاء برلمان من البرلمانات من أصحاب الألسنة المنفلتة التي تخرج عن المألوف وعن أدب الكلام، أم جزء من برنامج الاتجاه المعاكس الذي تعودنا أن نرى بعض المشاركين فيه يخرجون عن المألوف ويستخدمون عبارات لا تليق ضد خصومهم، أم جزء من برنامج “بدون رقابة”، أم جزء من مسلسل “دموع في عيون وقحة”؟
كل هذه الاحتمالات خاطئة، فهي ليست شيئا من هذا على الإطلاق، ولكنها جزء من خطبة الجمعة التي تلقى على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهل يجوز - تحت أي ظرف - أن يأتي نص كهذا في خطبة الجمعة؟ هل يجوز لخطيب الجمعة الذي يفترض أنه يتحدث بالكتاب والسنة أن يستخدم مفردات الشتيمة على هذا النحو الذي ورد؟
حتى لو كانت القضية التي يتناولها ذلك الإمام قضية عادلة، فلا يحق له أن يتحدث بهذه الطريقة ويستخدم هذه المفردات السوقية ضد من يختلفون معه في الرأي.
قد يتخيل البعض أن الذي قام بسب الناس على المنبر هو أحد الخطباء الصغار غير المؤهلين الذين يغلبهم الانفعال وتنفلت أعصابهم ويستخدمون ألفاظا لا تليق بالمنبر، ولكن هذا أيضا غير صحيح، فالذي قال هذا الكلام رجل شاب في الخطابة وفي الوقوف على منابر البحرين.
فهل هذا مقبول على منبر الدين يا وزارة الأوقاف؟ هل كان النبي وأصحابه وآل بيته يصفون الناس بالوقاحة والبذاءة من على منبر الجمعة؟”.
إذا كان خطيبا مسنا كالذي نتحدث عنه يقول كلاما كهذا على المنبر، فكيف سيكون الحال للأجيال التي تتعلم منه والتي سترتقي المنابر فيما بعد؟
لقد أصبح حال المنابر في بلادنا لا يسر عدوا ولا حبيبا، وما لم تتدخل الأوقاف وتضع حدودا وأصولا وآدابا لمن لا يعرفون الحدود والأصول والآداب، فسوف نرى ما هو أسوأ من ذلك بكثير، وقد يأتينا أئمة لا يكتفون فقط بسب خصومهم السياسيين على المنبر ولكن من يرفعون لهم الأحذية على طريقة المتظاهرين في الشوارع.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية