العدد 2482
السبت 01 أغسطس 2015
banner
أيّها الطبيب تذكر أنّك... إنسان! محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
السبت 01 أغسطس 2015

ترى ما الجدوى من إقامة المستشفيات والمراكز الصحية في طول البلاد وعرضها وتوفير الأجهزة والمرافق الأخرى اذا كان هناك من الأطباء من يعمد الى الإساءة إلى اشرف مهنة وأنبلها على الإطلاق ونسف كل الجهود التي تبذلها الوزارة وتنفق في سبيلها الملايين من الأموال؟ القضية التي نحن بصددها اليوم تتعلق بنوع المعاملة التي يتلقاها المريض عند زيارته أحد المراكز الصحية.
وسبق لي أن تطرقت إلى هذه المسألة المثيرة للأعصاب لدى نسبة لا يستهان بها من المرضى قبل اشهر وأتذكر يومها أنني تلقيت اتصالاً من وزير الصحة الشهابيّ مستفسرا عن جذور القضية وأبعادها ومؤكداً ما ورد بالمقال من أنّ الحالة النفسية تلعب دورا بالغاً في العلاج. وشخصيا لا يساورني أدنى شك بأنّ الوزير وجميع المسؤولين بالوزارة لن يترددوا في محاسبة المتورطين في تجاوز القانون أو الإساءة الى مهنة الطبّ بأي شكل من الأشكال، خصوصا أن القضية تتصل بصحة المواطن.
وهنا لابدّ من الإشادة بالجولات الميدانية التي اعتاد الوزير القيام بها بين الفينة والأخرى للمراكز الصحية للوقوف شخصيا على مستوى الخدمات المقدمة. الأمر الذي لا يخفى على أحد أنّ أغلبية المترددين على المراكز الصحية هم ابناء الطبقة الفقيرة وفئة من الطبقة الوسطى وهؤلاء لا تمكنهم ظروفهم المادية من اللجوء الى عيادات الطب الخاص نظرا لما تتقاضاه من رسوم هي فوق طاقتهم على التحمل. واضطرار هؤلاء إلى مراجعة المراكز التابعة للدولة لا يعني تعرّضهم لـ “البهدلة” والإهانة من بعض الأطباء بحجج واهية لا تصمد امام الواقع، الذي اتمناه ان تستمر هذه الزيارات لكل المراكز لا من الوزير فقط بل من كل المسؤولين للتعرف على ما يجري فيها، وألاّ يكتف المسؤولون بما يصلهم من تقارير فهذه التقارير وحدها ليست كافية للتعرف على مستوى الخدمات، ذلك أنّ اهمية الجولات هي في التعرف على آراء المواطنين المترددين على المراكز، نحن متأكدون بأنّ ضمان خدمة صحية راقية للمواطن له الأولوية.
إنّه لمؤسف جدا ما اعتادت عليه فئة من الأطباء من اساءة معاملة المرضى باستخدام اساليب الترفع والغطرسة حيال المريض والأدهى انهم لا يعيرون ادنى اهمية لشكاوى المرضى وبالتأكيد هذا نابع من اعتقاد متأصل لديهم انّ المريض ليس من حقه السؤال. ولو تجرأ احدٌ من المرضى بسؤال الطبيب عن حالته لجاء الردّ صاعقا: “أنت تعلمنيّ شغلي”! وكأنّ الأطباء مصفحون بطبقة سميكة لا تسمح للمرضى بالاقتراب منهم!
بعض من الأطباء يعزون ممارساتهم اللاإنسانية بما يتعرضون له من ضغوط أحيانا يكون مرجعها اعداد المرضى وأحيانا أخرى تتعلق بالوظيفة. لكنّ الذّي نما الى علمنا أنّ الوزارة استحدثت نظاما للعلاج يتيح للطبيب معاينة المريض في مدة زمنية قدرها عشر دقائق وهذا بالضبط ما كان يلّح عليه اطباء المراكز، فيا ترى ما هي الذرائع الجديدة التي سيلجأون اليها اليوم؟
ولو افترضنا انّ هناك من المرضى من يتعامل بفظاظة مع الطبيب، أما كان الأجدر بالأخير بوصفه يمارس أنبل وأقدس مهنة انسانية على الإطلاق أن يلتمس له العذر ونحن متأكدون أنها غير متعمدة وغير مقصودة. وهنا نود التساؤل لماذا استطاع بعض الأطباء وفي المراكز ذاتها كسب ثقة اغلبية المرضى والاشادة بأخلاقهم العالية وحسن معاملتهم بينما لا يذكر سلوك الآخرين الاّ بوصفهم لا يمتون للإنسانية بأدنى صلة؟
ويبقى السؤال متى يحق للمريض أن يتقدم بشكوى ضد الطبيب؟ إنّ الكثيرين يجهلون حقوقهم إزاء من يتعمدون إهانتهم والإساءة اليهم. الذي نعتقده أنّ من أبسط حقوق المرضى هو أن يكون لهم رأي في ما يتلقونه من علاج.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .