العدد 2137
الخميس 21 أغسطس 2014
banner
سقوط أقنعة الديمقراطية الأميركية محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الخميس 21 أغسطس 2014

مرة أخرى يسقط أحد الأقنعة التي تتخفى وراءها الولايات المتحدة الأميركية، هذه الدولة التي تسعى دوماً لإظهار صورتها البراقة بوصفها حامية حمى الديمقراطية التي تعلمنا حقوق الإنسان. وجاءت التظاهرات الأخيرة التي عمّت الولايات المتحدة جرّاء مقتل الشاب الأميركي الأسود في ضاحية فيرجسون بولاية ميسوري لتبرهن زيف الادعاءات التي تروج لها طوال عقود من السنوات بالدفاع عن حقوق الإنسان.
وبالرغم من مناشدة الرئيس الأميركي باراك أوباما للسكان التزام الهدوء فإن ذلك لم ينجح في احتواء غضب المحتجين. وكانت كل التوقعات تذهب باتجاه أن يكون تحرك من قبل الرئيس لإدانة قتل الصبيّ ذي الثمانية عشر ربيعاً الاّ أنّ صمت الرئيس اثار ذهول العالم وهذا التصرف بالغ الغرابة فسر بأنه يعني موافقة ضمنية على ممارسات الشرطة العنيفة تجاه المواطنين.
إنّ أحد الأمثلة الصارخة في حادثة مقتل الشاب الأسود ما اقدمت عليه السلطات الأميركية باعتقال صحافيين اميركيين لفترة اثناء تغطيتهما للأحداث. أحدهما هو ويزلي لاوري يعمل في صحيفة الواشنطن بوست كتب تغريدة اثارت الرأي العام الأميركي قال فيها «يبدو أنّه يمكن للشرطة الأميركية في عام 2014م أن تعتقلك وتودعك السجن ومن ثمّ تتركك وكأنّ شيئا لم يكن».
إنّ الممارسات التي انتهجتها السلطات الأميركية لا يمكن وصفها الاّ بالاستفزازية والبغيضة ضد فئة من مواطنيها وهم السود. المفارقة الباعثة على السخرية أنّ الولايات المتحدة الأميركية تدين وتستنكر أية حادثة انتهاك في اية بقعة من العالم وتصفها بالبطش والقسوة لكن عندما يتعلق الموضوع بالشأن الأميركي فإنّ الحال يكون مختلفا والدليل هنا ما مارسته من انتهاكات صارخة ضد مواطنيها السود.
إنّ الحادثة السالفة افقدت الدولة العظمى - وهي التي نصبت نفسها المدافع الأول عن حقوق الإنسان في العالم - نقول أفقدتها مصداقيتها ولم يعد لديها ما تتذرع به في هذا الشأن. بل هناك من الإشارات الدامغة مما يجري داخل اميركا ما يدين تحضر هذه الدولة. ويمكن الإشارة الى ما تم رصده بولاية كاليفورنيا وحدها كمثال فقط من انتهاكات بحق المواطنين السود إذ لوحظ أن بعض المطاعم يحظر دخول السود وهناك مناطق سكنية مقصورة على البيض. ألا يعد هذان المثالان دليلا كافيا بحد ذاته لإسقاط الادعاءات الأميركية بحمايتها للديمقراطية؟
التظاهرات الأميركية أكدت أنّ الولايات المتحدة الأميركية ليست دولة ديمقراطية كما تدعي دوما وكما تروج لها آلتها الإعلامية الضخمة لكنها أعطت دليلاً جديداً أمام العالم بأنها دولة بوليسية بانتهاجها العنف اسلوبا للتعامل مع أية حركة احتجاجية حتى لو كانت سلمية. نقول هذا ولا نزال نتذكر ما حدث في الولايات المتحدة قبل سنتين خلال التظاهرات السلمية تحت شعار «احتلوا وول ستريت».
إنّ سجل الولايات المتحدة في حقوق الإنسان سجّل أسود وإلاّ من تغيب عن ذاكرته ما اقترفته أياديها من جرائم وحشية في سجن ابوغريب في العراق؟ وأخرى في غوانتانامو في كوبا؟ بل إنّ أميركا لا تتورع عن اختطاف اي شخص لمجرد اشتباه – لاحظوا اننا نقول اشتباها فقط – الأجهزة الأميركية في تحركاتها ومن ثمّ تقدم على نقله الى دولة أخرى ويتم تعذيبه وقد يختفي عن الأنظار الى الأبد. وقد يتصور البعض أنّ هذه الممارسة اللاإنسانية يروح ضحيتها مواطنو العالم الثالث وحدهم لكنّ الواقع أكد أنّ هناك مواطنين أوروبيين تعرضوا الى انتهاكات مشابهة لما تعرض له آخرون.
وقبل عام فضح ادوارد سنودين الذي كان يعمل في وكالة الأمن القومي الأميركيّ الإدارة الأميركية بما قدمه من معلومات كشفت عن مراقبة الوكالة للاتصالات الهاتفية وبيانات الانترنت من شركات كبرى مثل جوجل وفيسبوك مما يمثل انتهاكا صارخا للحرية الشخصية للمواطن الأميركيّ.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .