العدد 2117
الجمعة 01 أغسطس 2014
banner
المقـــاومـــة قــــدر لا خيــــار محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الجمعة 01 أغسطس 2014

عرّت مواطنة فلسطينية الولايات المتحدة الأميركية قائلة في رسالتها يؤسفني مخاطبتكم أنتم فعلا لستم من البشر لأنّ قلوبكم تحجرت أمام فظاعة الجريمة التي ترتكبها قوات عصابات الإجرام الصهيونية ضد شعبنا الفلسطيني حين تذبح وتقتل قوات الاحتلال الإسرائيلي المئات من الفلسطينيين بقصف بيوتهم بالطائرات والدبابات ومصدر هذا السلاح أميركا طبعاً.
الحقيقة أنّ دعم أميركا للكيان الصهيوني لم يعد خافيا على أحد لكنّ المفارقة هنا أنّ الرئيس الأميركي أوباما لا يكف عن التشدق بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي يدعون حمايتها ليلا ونهارا بينما هي في الواقع تقتل الإنسان وتدمر الحياة وتخرق القوانين والمواثيق الدولية تحت مرأى المجتمع الدوليّ بأكمله.
وكشفت القناة الإسرائيلية جزءا من نص مكالمة هاتفية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس الأميركي اوباما طالب الأخير اسرائيل بوقف اطلاق النار من جانب واحد ووقف الانشطة الهجومية خصوصا الغارات الجوية لكنّ نتنياهو يصرّ من جانبه على مواصلة القصف الهمجي لغزة دون اكتراث رافضا في الوقت نفسه وساطة تركيا لزعمه أنها من داعمي حماس ويستحيل الاعتماد عليها.
لسنا نستغرب الموقف الأميركي الداعم بكل قوة لإسرائيل بقدر ما يثير دهشتنا موقف بعض العرب باتهامهم الفلسطينيين بأنهم السبب فيما يجري الآن في غزة من قتل وتدمير يقوم به الجيش الإسرائيلي ويعدونها حقيقة لا يماري فيها أحد. بيد أنّ الذي يغيب عن هؤلاء أنّ ما تزعمه الكيان الصهيوني من أنّ حماس من بدأ في الحرب لأسرها ثلاثة جنود إسرائيليين. ولسنا بحاجة الى كثير عناء للتعرف على أنّ ما تزعمه بعض الأصوات في الكيان ليس إلاّ ذرائع، الهدف منها استغفال الرأي العام العالميّ اما الهدف المبيت لإسرائيل فهو القضاء تماما على المقاومة الفلسطينية ولا تريد اي وجود لها وما جرى فور عملية أسر الجنود من تدمير همجي لم يكن رد فعل يتناسب مع العملية بل لاستهداف كل فعل مقاوم.
إنّ الذي يعرفه القاصي والداني أنّ فعل المقاومة وعبر التاريخ الانسانيّ برمته هو فعلٌ مشروع مارسته كل الامم التي ابتليت بالاستعمار والهيمنة وهي بهذا الفعل إنما تمارس حقا طبيعياً وتنهض بواجب ولابدّ في هذا السبيل من تضحيات كبيرة لنيل حقوقها للتحرر من سلطة الاحتلال. ونعتقد أنّ المقاومة في فلسطين لم تشذ عن هذا الطريق.
ويمكن هنا استحضار المقاومة في الهند كطريق للخلاص من الاحتلال، والذي فعله المهاتما غاندي هو أنه انتهج في كفاحه ضد الاستعمار البريطاني مقاطعة البضائع البريطانية ذلك أنّ السوق الهندية تعد سوقا ضخمة لتصريف البضائع البريطانية، مجنبا بلاده المقاومة المسلحة بسبب أنّ بريطانيا تملك ميزان السيطرة العسكرية وفي الأخير قدّر للمقاومة الهندية ان تنتصر وينسحب الاحتلال البريطانيّ. ويمكن ان نستشهد بالمقاومة الفيتنامية ضد الاستعمار الاميركيّ ونماذج اخرى من المقاومة ضد الاستعمار.
غير أنّ ما يثير الألم أنّ البعض من أبناء الأمة العربية يشككون في انتصار المقاومة الفلسطينية بل الاكثر مدعاة للسخرية هو أي الخيارات الأفضل لمواجهة الصهاينة السلام أم الكفاح المسلح؟ الذي يلجأ اليه اصحاب الخيار الأول هو أنّ ما يلحق بالفلسطينيين من خسائر بشرية ومادية كبيرة وفادحة بكل المقاييس وبالتالي لا يجب الركون اليه ومن هنا فإنّهم يبثون الروح الانهزامية في المقاومين. بيد أنّ ما تمارسه اسرائيل من همجية ووحشية بحق اهلنا في غزة تجاوز كل الأعراف لا يبرر منطق هؤلاء بل هو في حقيقته دليل قاطع على ما حلّ بالصهاينة من انكسار ومهانة بالغة. وبكلمة مختصرة إنّ المقاومة قدر القضية الفلسطينية كما كانت قدر كل المقاومين عبر التاريخ.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .