العدد 1398
الأحد 12 أغسطس 2012
banner
مرسي المُفترى عليه محمد المحفوظ
محمد المحفوظ
ومضة قلم
الأحد 12 أغسطس 2012

منذ أُعلن فوز الدّكتور محمد مرسي بمنصب رئاسة جمهورية مصر العربيّة في أول انتخابات نزيهة في تاريخ مصر المعاصر والرجل يتعرض الى حرب شعواء اشبه بحرب العصابات. يشنّها عليه كتّاب وسياسيون ذوو طموحات وتوجهات سياسية وفكرية مناوئة لتفكيره. الحملة الاعلامية على مرسي ظالمة ولا مثيل لها في تاريخ الظلم وعدائية وتفتقر لأبسط اسس النقد ولا تحتكم الى العقل والمنطق.
لم أقرأ لأحد من الذين يوجهون سهام نقدهم للرئيس ما يشير الى برنامجه السياسيّ أو الخطط السياسية او البنية الاجتماعية أو اعادة هيكلة الاقتصاد المصري. بل انّ ما قرأناه يتلخص في هجوم بالغ القسوة والحدّة للرجل وتاريخه وانتمائه الفكري وكأنّهم يستهدفون اسقاط الرجل تحت حوافر النقد الغوغائي بسبب اقدامه على الترشح وكسبه هذا العدد من اصوات الاغلبية من ابناء مصر عبر عملية ديمقراطية شفافة هي الاولى في تاريخ مصر السياسي.
أمّا الدافع الآخر لهذه الحملات غير الموضوعية هو انتساب مرسي لجماعة الاخوان المسلمين وكأنّ هذا السبب في حد ذاته كافٍ طبقا لوجهة نظرهم لتعليق المشنقة له وطبخه في قدر نحاسي كما تفعل قبائل الماو ماو في ادغال افريقيا. ليس من العدل ولا من المنطق ان نطلب من الرئيس الجديد حل كافة القضايا التي تئن من وطأتها الدولة في غضون بضعة ايام ولا حتى اشهر ذلك أن التركة التي خلّفها سلفه ثقيلة ومرهقة للغاية.
لعل في مقدمة تلك المعضلات هي البطالة والتي تعد من أهم الملفات التي تتطلب سرعة المعالجة اذ تشير التقديرات الى انّ هناك اكثر من ستة ملايين وخمسة آلاف عاطل مما يعني أنّ معدل البطالة اكثر من عشرين في المئة. والتصدي لهذه المشكلة عن طريق المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع توفير التمويل اللازم لنجاح التشريعات. ويرى الاقتصاديون انه لحل البطالة فإنّ مصر بحاجة الى ايجاد عشرة ملايين فرصة عمل بحلول عام 2020م.
ولا يمكن اغفال قضية عجز الموازنة التي تشكل ابرز التحديات امام الرئيس الجديد اذ يصل العجز الى 144مليار جنيه. اما الحل المقترح للقضاء على هذا العجز فإنه يتمثل في زيادة الضرائب والرسوم. ويبدو لنا انّه من الصعب تطبيقه في المرحلة الراهنة نظرا لما يمر به المواطن المصري من تدهور الأوضاع الاقتصادية.
انّ ازمة مصر الاقتصادية خانقة ولابد للرئيس ان يبتكر حلولا جذرية لتعديل المسار الاقتصادي لزيادة الانتاج وجذب الاستثمارات لتحقيق التنمية المنشودة ولكنّ هذا لا يتم بجرة قلم خاصة انّ مصر من الدول التي تعاني من تفاقم الديون وتراجع السياحة وزيادة سكانية كبيرة الخ. ومن ينتقدون الرجل يطالبونه بحل كل هذه المعضلات في غضون ايام وكأنّه يمتلك خاتم سليمان او عصا موسى! أو لديه المقدرة على تحويل التراب الى ذهب.
نعم هناك قلق مشروع لكافة فئات الشعب المصري مما يسمى بتزاوج المال والسلطة وصعود طبقة رجال الاعمال من الاسلاميين لكنّ رجال الاقتصاد يؤكدون أنّ هذا مطبق في عدد من الدول مثل كوريا الجنوبية واليابان وانّ هذا التزاوج صحي ولا غبار عليه.
لعل الذين استمعوا لخطاب الرئيس محمد مرسي غداة فوزه قد لفت نظرهم طمأنته لكافة فئات الشعب المصري بقوله “من يخالف التيار الاسلامي فإنني لن اكون متشددا كما يعتقدون وسأكون رئيسا لكل الشعب المصري بأجمعه وليس لفئة واحدة فقط. كما اشار في فقرة اخرى أنّه لن يسعى للقصاص من احد سواءً أكان في الجيش ام الشرطة او اي مصري كان.. فقط من يرتكب الجريمة فإنه يعاقب بالقانون.
والرجل بحق أعلن بصراحة أنّه يستشعر ثقل المسؤولية عندما قال: لقد حملتموني مسؤولية ثقيلة لقد وليّت عليكم ولستُ بخيركم وسأبذل كل جهدي لأوفي بكل الالتزامات والتعهدات التي قطعتها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية