يسارع الناس عادة إلى إطلاق الآراء السلبية عندما تحل البرلمانات بشكل عام؛ يعتقدون أن الحل دائما مصيبة، وذلك عن غير علم حقيقي بما هو الحل وما الهدف منه؟ ونتكلم هنا عن الحل المتفق مع النصوص الدستورية.
إن حل البرلمان يكون على نوعين: فإما أن يكون (حلا وزاريا) بطلب من الحكومة في حال تعمق الخلاف بينها وبين البرلمان في مسألة من المسائل بما يفسد الصالح العام، أو (حلا رئاسيا) وفيه يتدخل رئيس الدولة من تلقاء نفسه في الدول التي تأخذ بالنظام البرلماني أو المختلط لحسم الخلاف بين الحكومة والبرلمان، وعادة ما يلجأ رئيس الدولة لحل البرلمان لأن الحل يعالج مباشرة بدعوة الناخبين لانتخاب ممثليهم الجدد في مدة يحددها الدستور لإجراء الانتخابات، ولا يكون اللجوء لإقالة الحكومة إلا في أضيق الحدود لحاجة الدول لوجود الحكومات دائما لتسيير الأعمال المعتادة وعملا بمبدأ ديمومة الدولة وانتظام سير المرافق العامة.
ولكن ما هي الجوانب الديمقراطية في حل البرلمان؟ إن حل البرلمان سواء كان وزاريا أم رئاسيا يتضمن الجوانب الديمقراطية التالية: الانتخابات التي ستحصل بعد الحل إن أفرزت غالبية برلمانية من ذات الأعضاء السابقين وقت الأزمة مع الحكومة يفهم من ذلك أن الشعب ينتصر لرأي البرلمان وبالتالي إن حدث خلاف في ذات المسألة مرة أخرى كان على الحكومة أن تقدم استقالتها مباشرة، فالشعب حكم في المسألة، كما أنه لا يجوز الحل لذات الأسباب مرة أخرى، وبطبيعة الحال إن أفرزت الانتخابات وجوها نيابية أخرى دل ذلك على أن موقف الشعب متطابق مع رأي الحكومة وبالتالي كان على المجلس الجديد أن يتجاوز هذا الخلاف، إن عرضت ذات المسألة مرة أخرى.
إن هذا الفهم للحل كأسلوب ديمقراطي وعلاج له طابع سياسي في علاقة الحكومات بالبرلمانات في اعتقادي هو ذات ما ترسخ في ضمير أعضاء مجلس الأمة، وما كان ذلك إلا لعمق التجربة النيابية الكويتية وغزارة الممارسة الديمقراطية، فما هو جميل في موقف أعضاء مجلس الأمة تقبلهم مرسوم الحل لفهمهم ويقينهم بأن للحل أهدافا وأنه حل سياسي وتحكيم لإرادة الشعب وليس عقوبة تقع على مجلس الأمة، ولذلك وصف رئيس مجلس الأمة المنحل مرزوق الغانم مرسوم الحل بأنه تعميق للديمقراطية الكويتية.
إن إيجابية أعضاء مجلس الأمة المنحل في مواجهة مرسوم الحل تعكس تجذر الديمقراطية كفكر وممارسة لدى الشعب الكويتي، ولذلك رأينا أحد أعضاء مجلس الأمة يجمع حاجياته من مكتبه قبل صدور مرسوم الحل بصدر رحب عالما ومتفهما أن العلاقة بين الحكومة والبرلمان في إطار مظلة الصالح العام تتطلب التفهم وعدم التشنج، فالحلول في إطار العلاقة بين السلطتين (حلول سياسية) وليست محسومة في محاكم أو إجراءات جنائية، وهو ما يستدعي العقلانية دائما.