العدد 2810
الجمعة 24 يونيو 2016
banner
بابل لن تنحني عمر الخطيب
عمر الخطيب
الجمعة 24 يونيو 2016

كل يوم تأتي طهران بمحاولة جديدة لتأكيد سيطرتها على العراق الجريح اليتيم، الذي سلمه الأميركان هدية مجانية لأكلة لحوم البشر من الإسلاميين النازيين على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم من إيران أو غير إيران، فالمهم أن تقضي على شعب راق وعريق كالشعب العراقي بتفاهات وخزعبلات وترميه الى غيابة الجب وتقضي على اي امل للنهوض حتى تقوم الساعة.
هذه المرة يريد الفرس وأذنابهم تغيير اسم محافظة بابل الى مدينة الإمام الحسن، في محاولة رخيصة لتأكيد نشر المنهج الإيراني وفرضه على العراقيين البابليين لكي يكونوا اتباعا للولي الفقيه، ولعمري هذا نفس ما فعله ستالين عندما نشر الشيوعية ليس لأنه يعشق العدل والمساواة بل لأنه استعمل الشيوعية للسيطرة على عقول الناس ثم نهب ثرواتهم وجعلهم فقراء منهوبين كما كان حال أوروبا الشرقية لسنين خلت.
هذه بالطبع مؤامرة قذرة ورخيصة يدفع ثمنها الشعب العراقي الأبي لأن هذا الشعب البابلي هو من علم الكون القراءة والكتابة، هذا الشعب هو الذي خرجت منه اول حضارة ولذلك يسمونه مهد الحضارات، وقع ضحية صراعات دينية وسياسية وبدل ان تنحني بغداد امام التدين المفرط انتفضت وملأت الخليفة العباسي بعطرها الفواح المستخرج من عطور الياسمين والبنفسج البغدادية التي جعلت ايام بغداد الخوالي كأيام مملكة ما بين النهرين القديمة التي كانت رمزا للتحضر والاعتدال. استمد الخليفة العباسي قوته من قوة البابليين الذين سكنوا بغداد واتخذوا منهجاً اسلاميا سمحا وبسبب ذلك وحده انتعشت الأمة الإسلامية ونهلت من العلوم التي كانت تنهلها من بغداد، اذ المكتبات العامرة المليئة بالكتب التي تناقش مختلف العلوم ولم يكن العلم الديني وحده هو السائد بل كانت علوم الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والفلك والمساحة اكثر من العلوم الدينية لأن الخليفة كان يعلم ان الامم تسود بالعلم وليس بالتشدد والتنطع.
قوله تعالى (يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم)، هذه الآية تعالج مسألة مهمة وهي التنطع والتشدد في الدين والذي كانت تعاني منه الأمة اليهودية والأمة المسيحية، ثم مشت على اثرهما الامة الاسلامية الباع خلف الباع والذراع خلف الذراع حتى إذا دخلوا جحر ضب دخلوه.
ثم انتصرت المؤامرة على البابليين البواسل، الذين غدر بهم العيلاميون الفرس منذ فجر التاريخ وبحيل حقيرة ودنيئة استولوا على بابل العظيمة البهية، والعظمة لله وحده ولكن نقصد عظمة دنيوية، وتآمروا على بابل مرة اخرى متمثلة في بغداد مدينة السلام والعلم والحكمة، فتحولت بغداد بعد ان كانت موئل العلم ومسكنه الى حاضرة الجهل وخفافيش الظلام من المتآمرين والمتنطعين الذين تمكنوا من البشر قبل الحجر فجعلوا الناس شيعاً وطوائف ثم نشروا التشدد، وانحرف البابليون عن البوصلة التي كانت ترشدهم الى الاعتدال، وصاروا قتلة مارقين الواحد يقتل الآخر بدم بارد حتى تمكن منهم اعداؤهم الفرس والأتراك.
ثم استتب الأمر للأتراك فبدأوا تخدير البابليين مرة أخرى بترياق التدين المفرط، ثم سرقوا المكتبات ونقلوها الى اسطنبول ثم اقفلوا الجامعات والمستشفيات وبيت الحكمة وقضوا على اي امل لبابل العظيمة من ان تنهض من جديد، لكنها حاولت بعد التحرير من العثمانيين ان تنهض وتنتفض الا ان الوقت كان قد فات اذ ان الجهل كان قد استحكم في ربوع بابل المزينة وصار الناس عبيدا للتدين المفرط بدون تفكير أو تمحيص، يأتيهم اي احد ويخبرهم بأكذوبة ليست لها علاقة بالدين فيتبعوه صاغرين لكي تستكمل حلقة المؤامرة وينتهي الحال ببابل حزينة اسيرة مرة اخرى بيد العيلاميين الفرس.
اقول للفرس وأذنابهم هيهات هيهات أن تنام بابل مرة اخرى فلقد ايقضنا الله من سباتنا وسننهض وسنعود وسننتصر بإذن الله، وإن غدا لناظره قريب. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .