العدد 2814
الثلاثاء 28 يونيو 2016
banner
العراق في مهمات القتال ونظرية الحرب ضياء الحكيم
ضياء الحكيم
الثلاثاء 28 يونيو 2016

منذ عصور التاريخ المظلمة إلى عصر الحضارة والتمدن كانت القناعة بنظريات شن الحرب مُبررة ودوافعها مقبولة في قواميس وبحوث جنرالات الحرب.
منظرو الحروب الدينية، الحروب القومية العنصرية، الحروب الاستيطانية، الحروب الاستعمارية الاستثمارية، ثم موضوع حديثنا حروب الأقاليم العبثية، لهم أسبابهم ودوافعهم وقناعاتهم وأفكارهم للتهيئة والتحضير وتجنيد الخبرات لدخول معمعة الحرب وبسط النفود والحصول على ما يسمونه النصر المؤزر.
وعلى مر العصور أضاف العرب أفكارهم ودوافعهم لشن الحروب، مع أن دعواتهم اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم. وقد يعجب الإنسان كيف تدخل السياسة بقسوة عاطفية رهيبة للمضي قدماً في الحرب وخيال النصر حتى لو تطلب الأمر إراقة دماء ملايين البشر وموتهم في خنادق القتال. يقول روس بيشوب (إن مبدأ الحرب هو أسطورة خيال لها عاطفة قوية تنجرف اليها أروقة السياسة وبقيت على عناد لقرون رغم ثبات الوجه الرهيب لقاعدتها الكاذبة).
وقد لا يرى البعض أن هناك حالياً ثلاث حروب عبثية في العراق وسوريا وليبيا منجرفة بحدة الى تأييد الدمار وتُناقش بامتعاض وتنطلق معظمها من التصورات والتفسيرات القرآنية ويصدقها المجتمع المدني في هذه الدول ويتم تنفيذها بقناعة منقطعة النظير من متطرفيها. وقد يعجب الإنسان من أن منظريها ومريديها لا يرون أنها حروب أهلية باطلة بخطب تلقي على المشاركين المجندين حالة استمرار في الاشتباكات المسلحة الداخلية التي تؤججها قوى خارجية. يتنافسون على شراء الأسلحة لاستخدامها ضد مكونات شعبهم، ومن نتائجها أنها لن تُثمر أية نتائج مُشرفة ولو دامت لقرون.
الرعاع المرتزقة الجهلة بأمور الدين والدنيا والآخرة استغلوا مبادئ الحرب والسلام في صنع أعداء الوهم في ترغيب بما هو مقدس وترهيب لمن لا يشارك في مهمات القتل. ونصرة الدين انتهت بنصر الرسول ورسالة القرآن على كفار قريش ونشر رسالة الإسلام والأمر بيد الله “ولو شاء الله لسلطكم عليهم”.
في نظريات الحروب هناك قوانين وهناك قواعد ليس من بينها ما يطلبه منظرو العراق من الدول الغربية والإقليمية (زودونا بالسلاح والعتاد ونحن نحارب الإرهاب بدلاً عنكم). هذه النظرية ليست بين مقومات شعبنا ولسيت من مبادئ قتال الأعداء الأجانب. وقد كتبتُ في مقال سابق موضحاً ان “كوارث الحروب والويلات والاقتتال الداخلي لم تمنع التفكير التقليدي الحزبي والعشائري والمذهبي من قيام كل مجموعة فئوية بفكرة تجييش أهل العراق وعسكرة مجتمعاتهم. وأشرتُ الى أن الحرب المجنونة التي تلعبها القيادات العربية والكردية هي عسكرة العراق والتي هي كارثة غير طبيعية، وهي الرحيل عن ثقافة أهله ومجتمعه المدني. وتجييش وتسليح سكان المحافظات الموالين لقومية أو مذهب في أسلوب منحط لتكريس الطائفية والكراهية”. وتخرج عناصر الضوضاء لتسجيل اعتراضها بنشر سموم الفرقة والانقسام وتشريع الشريعة كما يحلو لها بما يتماشى مع اختلاف المذاهب. “هناك خياران لدينا، إما أن ننهي هذه الحرب القذرة أو أن الحرب تنهينا”. وكما قال تشارلز سمنر: “أعطوني المال الذي تم إنفاقه في كل الحروب وسوف أكسو كل طفل في العالم بملابس الحكام التي يفتخرون بها”. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .