العدد 2846
السبت 30 يوليو 2016
banner
فوائد السفر زهير توفيقي
زهير توفيقي
السبت 30 يوليو 2016


يقولون في السفر سبع فوائد... بالفعل ولا أحد يختلف على ذلك، ولكنني شخصيًّا أجد أن للسفر أكثر من عشرين فائدة، هذا إذا كنا نود أن نستفيد ونتعلم.
كشأن الكثيرين في بلادي، كنت في أوروبا لقضاء إجازة الصيف برفقة العائلة، وكانت وجهتنا تحديدًا هي ألمانيا وفرنسا وسويسرا، وفي العادة فإن شغفي الأوّل هو الاطلاع والاستفادة من عادات وتقاليد شعوب البلدان التي تُتاح لي فرصة زيارتها، وقد كان هناك الكثير من الأشياء الإيجابية الجديرة بالتعلّم في تلك الدول، فهي دون شك تملك إرثًا كبيرًا من الحضارة والتاريخ، كما تتبّع الأنظمة الحديثة في تفاصيل الحياة اليوميّة، وهذا بالطبع لكونها دول العالم المتقدّم.
ما أود ذكره هو أنه لا ضير أبدًا من التعلّم والاستفادة من الآخرين، بعيدًا عن موضوع العقائد والديانات، فأنا أتحدّث هنا عن الثقافات، والتي لو قارناها بمجتمعاتنا فسندرك أن أمامنا الكثير من العمل وبشكل جدي لتطوير ذواتنا وسلوكياتنا العامّة.
مشاهداتي كثيرة، ولعلّ أبرزها النظام الذي شاهدته في كل مكان وزاوية، شاهدت النظافة واحترام الآخر والانضباط والذوق والقائمة تطول لكني أقرّ بأن تلك الأشياء هي التي جعلت رحلتنا ممتعة وسلسة بالفعل. إننا في واقع الأمر بأمسِّ الحاجة إلى تثقيف أبنائنا وتربيتهم على السلوكيّات الصحيحة، فنحن بحاجة إلى هيئة أو وزارة خاصة للتربية، ينحصر دورها في إرساء قواعد التربية الصحيحة ابتداءً من مرحلة الحضانة إلى المرحلة الثانوية، حيث إن هناك الكثير من العادات التي يجب زرعها في أبنائنا منذ نعومة أظافرهم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، هنا كدولة خليجية شقيقة شكلت مؤخرًا وزارة للسعادة، وباعتقادي الشخصي أن هذه المؤسسة ستسهم إلى حدٍّ كبير في رفع مستوى الأفراد وبخاصّة فيما يتعلق بمسألة الذوق والإتيكيت، مع عدم إغفال الدور المهم للعائلة والتي يقع عليها العبء الأكبر في تربية الأبناء وتعليمهم ومتابعة سلوكياتهم.
أعلم أن مؤسسة بحرينية خاصة نظّمت لموظفيها دورة متخصصة في فن الاتيكيت، وقامت بدعم وتوزيع كتاب خاص عن فن الإتيكيت للأبناء كما بادرت هذه المؤسسة إلى إهداء نسخ من الكتاب إلى وزارة التربية والتعليم وعددٍ من مؤسسات المجتمع المدني، وهي دون شك مبادرة تستحق كل الإشادة والثناء، فالعملية شاملة وجميعنا مسؤولون عن تكريس السلوك الحسن لدى النشء.
ويجدر بي في هذا الصدد أن أنوّه بالسمعة الجيدّة للمواطن البحريني في الخارج حيث نفخر كثيرًا عند تعريف أنفسنا للآخرين في الخارج بأننا بحرينيون، ذلك لأن البحريني معروف بدماثة خلقه وحسن تصرفه واحترامه للشعوب الأخرى والتزامه بقوانين الدول.
ما أود قوله بأنه يتعيّن علينا أن نتعلم من غيرنا، فالعاقل هو من يقلد السلوكيّات الجيّدة والعادات الحسنّة، وأنا اليوم قد بلغت من العمر ما يؤهلني للقول وبكل ثقّة بأنني قد تعلمت الكثير من كافّة رحلاتي إلى الخارج، وأجد بأنه من واجبنا أن نتعلم ونعلم أصدقائنا وأفراد أسرنا بما نجده قابلاً للتطبيق في مجتمعاتنا من عادات وسلوكيات راقية، وآمل من كل قلبي أن نتمكّن جميعًا من العمل سويًّا للارتقاء بعاداتنا وأخلاقياتنا وأن يعمل الجميع يدًا بيد من أجل تحقيق ذلك.
إذن، ليكن شعارنا “الارتقاء”، في أعمالنا وسلوكياتنا ومعاملاتنا مع الآخرين، وأن نلتزم قدر الإمكان بالإخلاص والانضباط كي نرتقي جميعًا بأنفسنا وبمجتمعنا، وأنا على ثقة بأن النتيجة ستكون إيجابية جدًّا، وسوف تتعزّز السمعة الطيبة التي يتمتّع بها البحريني الذي يفخر بانتمائه لهذه الأرض الطيبة، ولنعمل جميعًا لنعكس الصورة الصحيحة لمجتمعاتنا الشرقية ونغيّر ذلك الانطباع الخاطئ الذي يحمله المجتمع الغربي عنّا كعرب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .