العدد 2787
الأربعاء 01 يونيو 2016
banner
وعينا الوطني في مواجهة حرب الشائعات الهدامة..! منصور حسن بن رجب
منصور حسن بن رجب
الأربعاء 01 يونيو 2016

عندما وصف الجنرال إميليو مولا قائد قوات الجنرال فرانكو في الحرب الأهلية الإسبانية أتباعه الذين يبثون الشائعات الهدامة في مدريد أثناء حصاره لها بأربعة طوابير عسكرية بأنهم طابور خامس.. فإنه كان يدرك تماماً ما يقول، ويعرف بأن إثارة البلابل والشائعات المُغرضة في أي بلد يخوض صراعاً ما، من شأنها أن تفعل في ذلك البلد أكثر مما تفعله جحافل الجيوش المدججة بأعتى الأسلحة وأدوات الدمار الشامل..
وعندما سُئل الجنرال ديغول أثناء احتلال باريس من قبل الجيوش الألمانية عن اللواء الألماني الذي يخشاه أكثر من غيره..؟ أجاب: الذي أخشاه فعلاً على باريس هو لواء الثرثرة الفرنسية الهادمة للذات..!
في البحرين، لدينا هذه الأيام حصتنا الزائدة عن اللازم من المزاعم الهدامة، والفبركات التي أصبحت تمثل كوابيس نهارية وليلية للمواطن والمسؤول على حد سواء..! ولدينا محترفون في إثارة البلابل بعضهم يعمل من داخل البحرين وبعضهم يعمل من خارجها..! ولدينا طابور خامس يعمل على اختراع الشائعات الهدامة وإطلاقها تباعاً لتثير معها مخاوف الناس، وتخترق صفوف وحدتهم الوطنية، والتفافهم حول قيادتهم وحكومتهم، وتعبث بنسيج الثقة الوطنية ومعها عوامل الأمن والأمان والاستقرار والتنمية..
وفي البحرين، أصبح لدينا، زيادة على كل الطوابير الهدامة السالفة الذكر، طابور سادس من نوع غير مسؤول من مسؤولين يعتقدون أن الوطن ليس أكثر من ساحة لحروبهم الشخصية السخيفة، وليس أكثر من مختبر تجارب لطرح منتجاتهم غير الصالحة للاستهلاك الوطني.. والدفع بها إلى عقول الناس وقناعاتهم مهما ترتب على ذلك من تخريب للثقة الوطنية ولسمعة البلاد وتماسكها ورسوخ مؤسساتها..!
وحتى لا نذهب بعيدا ونتحدث بناء للمجهول، فقد تعرضت البحرين خلال الأسبوعين أو الثلاثة الماضية لسيل من الشائعات المغرضة، والتي ارتفعت هذه المرة خطورتها، ومستويات الفبركة والمصنعية فيها إلى الدرجة التي استطاعت فعلا، أن تلامس ثقة الناس بالحكومة ومؤسسات الدولة، وأن تدخل البيوت من أبوابها، فتقلب حياة الناس رأساً على عقب حيال شعورهم بالأمن الاجتماعي والاقتصادي في وطنهم الحبيب الذي لا وطن لهم سواه..!
وإذا كانت هذه بعض أفعال الذين نسميهم طابوراً خامساًً، فإن ما زاد البلبلة بين الناس، أن بعض المسؤولين التنفيذيين الذين يفترض أن يكونوا هم الحراس الحقيقيين للوطن وأهله، أكل ألسنتهم الذئب على حين غرة منّا جميعاً.. وسكتوا عن الكلام المباح، لولا تداركنا الله برحمته ممثلة بتصريحات وتأكيدات رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة..!
وعندي في هذا الصدد نظرية تحققت شخصياً من وقوعها مراراً وتكراراً.. وهي أن الشائعات الهادمة والتخريبية التي تجتاح البلاد وتنتشر فيها انتشار النار في الهشيم، غالبا ما تترافق مع باقة إنجازات تكون قد حققتها القيادة أو الوطن وخاصة الإنجازات التي تترافق مع زيارات ملكية سامية..! وهذا ما حدث بالضبط هذه المرة، بالترافق مع الزيارات الملكية الناجحة لكل من مصر وسويسرا وبريطانيا..! وقبلها وكما تذكرون جميعاً ثارت شائعات مماثلة في الخطورة بالترافق مع زيارة صاحب الجلالة الملك المفدى إلى روسيا ومباحثات جلالته هناك التي كسرت جبل الجليد بين البحرين وروسيا.. بل بين دول الخليج وروسيا..!
والحال، أن المتربصين بالبحرين، بارعون جدا في اختراع الشائعات المغرضة والهدامة، وبارعون في التزوير والفبركة في كل شأن يضر بمصالح البحرين أو سمعتها أو استقرارها وأمنها وثبات مواقفها.. وقد لا تحتاج هذه الحقائق إلى أمثلة ونماذج؛ لأنها معروفة وثابتة ومؤكدة، ولكني سوف استأذنكم بطرح مثال قريب جدا.. على طريقة التدليس والفبركة التي قد تخدع البسطاء والعاديين وقد تمر حتى على المتخصصين..
فقبل أيام قامت إحدى وكالات التصنيف الائتماني الدولية بتخفيض التصنيف السيادي البحريني في خانة سلبي مستقر..! ولكن جميع صحف ومواقع المعارضة والشماتة، قامت بحذف كلمة (مستقر) من التصنيف، وأبقت على كلمة (سلبي)..! والذين يعرفون بمستويات ومراتب ودرجات التصنيف يدركون الفارق الكبير بين درجة (سلبي مستقر).. ودرجة (سلبي).. حيث تعلو الأولى على الثانية بمراحل عديدة تحتاج أحيانا إلى سنوات لتجاوزها..!!
هذه مجرد واقعة واحدة من مئات الوقائع على افتعال الشائعات، بل صناعاتها، وفبركة الأخبار، بل إعادة إنتاجها، لتكون كلها في خدمة رسل الخراب والدمار، الذين لا يريدون للبحرين وشعبها الخير والاستقرار ولا تهمهم من بعيد أو من قريب قضايانا المحلية وشؤوننا وشجوننا إلا بالقدر الذي يخدم مصالحهم وأجنداتهم السوداوية.. وللوصول إلى أهداف مرحلية وتكتيكية منها: افتعال حالة من عدم الطمأنينة وانعدام اليقين بين المواطن والجهات المسؤولة.. تصعيد وتعزيز أسباب الشقاق والخصام بين الطائفتين.. الإكثار من السياسة والتسييس في كل ملف من ملفات الدولة والشعب.. وغير ذلك كثير من الأهداف والغايات الهدامة..
ولكن هل خضعت البحرين يومًا..؟! وهل استجابت في يوم لرسل الخراب ودعاة التخريب..؟! وهل تخلت يوما عن ثقتها بقيادتها وشعبها ورسالتها ومكانتها..؟! وهل استطاعت رياح الفتنة في يوم أن تحل عرى الوحدة الوطنية بين مكونات الشعب..؟!
كل ذلك إجابته “لا” كبيرة.. بحجم البحرين وآمالها وتطلعاتها.. وبحجم بحرها ونخلها وترابها وسمائها.. وبقامة قيادتها وتاريخها وسمو رسالتها..
وهذا وإن كان يعني مزيد الثقة بالوطن وقيادته وشعبه.. إلا أنه يدعونا إلى المزيد من الوعي بما يخططه الأعداء لنا..! إنهم محترفون.. وبارعون.. ويمتلكون مقدرات هائلة.. ولذلك ينبغي علينا أن نكون بموازاتهم قدرة وعدة واستعداداً، وبما يفوقهم وعيا وإيمانا وثقة بهذا الوطن وقيادته وشعبه.. فليس مثل الوعي الوطني علاج للشائعات المغرضة كما يقول رئيس وزراء الهند التاريخي جواهر لال نهرو..!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية