العدد 2672
الأحد 07 فبراير 2016
banner
ضوؤنا الأول.. وقرة عين المليك والوطن منصور حسن بن رجب
منصور حسن بن رجب
الأحد 07 فبراير 2016

في عيد ميلاد قوة دفاع البحرين، نسجل أنها كانت دائماً وما تزال: قرة عين المليك القائد والمؤسس، ومصدر فخر واعتزاز الوطن الحاضن، ومبعث ثقة الشعب الوفي.. وأنها الدانة الكبرى في عقد منجزات الوطن، وأنها سياج البلاد وحصنها الحصين..
وفي ذكرى التأسيس المجيدة، نستذكر ما سجله جلالة القائد الاعلى من مذكرات حول انطلاقة قوة الدفاع، ووصفه لتلك الانطلاقة في ذلك الوقت المبكر من عمر الدولة بأنها (ضوء أول)..
ففي الرابع عشر من شهر سبتمبر العام 1967، وعندما التحق الملك حمد بدورة عسكرية مكثفة ومتقدمة في كلية “مونز” الحربية للضباط في مدينة درشوت همبشاير، دخل جلالته الى تلك الكلية وهو يحمل آمالاً عظيمة بإنشاء وتأسيس اول قوة عسكرية وطنية محترفة في البلاد، تتحمل مسئولية الدفاع عنها، وحماية امنها واستقلالها الذي سيأتي قريباً كما اثبتت الايام وسجّل التاريخ.. وكتب جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة فيما بعد وهو يسجل تلك الامنيات والتطلعات: إن رؤية الجنود الاجانب وهم يتجولون في هذا البلد، بحجة حمايتها، في الوقت الذي كنت أعتبر حمايتها من صميم واجبات أبنائها، كانت تدفعني منذ الصغر، لاختيار طريق الجندية. لقد أدركت مبكراً ومنذ وقت بعيد أن البحرين ستحتاج في يوم قريب، لجنود من أبنائها، يتحملون مسئولية حمايتها والدفاع عنها.. وقررت أن أكون واحداً منهم”..!
وعندما تخرج جلالة الملك من الدورة العسكرية في 16 فبراير عام 1968، عاد الى ارض الوطن، وهو يحمل في ذهنه وفكره ووجدانه وعقله مشروعه الوطني الكبير المتمثل في تاسيس قوة عسكرية وطنية تحمل مسئولية الدفاع عن الوطن وتستوعب احتياجاته الامنية والعسكرية وتطلعاته النهضوية..!
كانت تطلعات قائد رأى في نفسه منذ الشباب محركاً أساسياً من محركات التغيير والتطوير في بلده ووطنه وشعبه. وكانت طموحات قائد شاب مفعم بروح الوطن والفروسية..! فجاءت قوة دفاع البحرين، كما اعتبرها وعبر عنها القائد والمؤسس دائماً بأنها “قرة العين”، فعمل منذ البدايات الأولى على تأهيلها لمواكبة استحقاق قيام الدولة، من خلال رفدها بالمزيد من احدث التقنيات والمعدات العسكرية، واستقطاب الكفاءات البحرينية الشابة، إلى الالتحاق بقاطرة الجندية التي صارت تشكل حلم جيل الشباب البحريني في ذلك الوقت بفعل الصورة الناصعة التي عمل القائد المؤسس على إبرازها عن هذه القوة الناشئة والمفعمة بالآمال والطموحات. وبنى لها جاهزيتها التي جعلت منها ركناً أساسياً من اركان تكريس الاستقلال التام ومن معطيات امتلاك البحرين لقرارها ولمسئولية الدفاع عن ارضها وشعبها وتثبيت اركانها كدولة ناجزة تسير على خط وطني واضح وتعمل ضمن المنظومتين الخليجية والعربية لما فيه خيرالجميع. ووضع لها فلسفتها التي كرست منها رافعة رئيسية من روافع التنمية الشاملة في البلاد. ومنحها جل وقته واهتمامه ورعايته وكانت دائماً محط أحلامه وتفكيره وطموحاته. وجعل منها قوة عسكرية ذات جاهزية عالية، وذات كفاءة تدريبية، وزودها دائماً بأحدث المعدات والأسلحة والتقنيات.. جنباً الى جنب مع تأسيس حالة مستدامة فيها وبين افرادها وضباطها والعاملين فيها من الوعي الوطني الخالص والاخلاص للوطن وقيادته وشعبه وارضه ورسالته الحضارية..
وتشير المذكرات والوثائق السرية الخاصة بوزارة الخارجية والكومنولث، ومراسلات السفير البريطاني الاسبق في البحرين “روبرت تش” الى تركيز بريطاني في ذلك الوقت على ما وصفته تلك المراسلات والوثائق  بأنه (إلحاح وتصميم (الشيخ) حمد بن عيسى قائد قوة الدفاع، لتزويدها باحدث التقنيات والتجهيزات ورفدها بنسخ من الدراسات العسكرية البريطانية، والاستفادة القصوى من الخبراء العسكريين البريطانيين للمساعدة في تأسيس وتدريب قوات بحرينية وطنية)..!
تمر هذه الخواطر والتدوينات في البال والذاكرة، ونحن نشارك بوجداننا في احياء الذكرى الثامنة والاربعين لتأسيس قوة الدفاع، وانطلاقة ضوئنا الوطني الأول، في سماء الوطن ووجدانه وتاريخه والتزاماته القومية والوطنية.. واحتياجاته الامنية والدفاعية والعسكرية.. فقوة الدفاع، قامت من اجل هذه الالتزامات والواجبات والاهداف.. وهي اليوم من أجلِّ مؤسسات الوطن واعزها على قلوبنا جميعاً.. قوة وطنية للتحدي والدفاع والعزيمة، وقوة لحراسة الوطن والدفاع عن ثراه ووجوده وكيانه.. وقوة تبذل الغالي والنفيس في سبيل قيامها بواجباتها التي تأسست لاجلها، ورسالتها التي تحملها في صميم عقيدتها الوطنية والعسكرية...
وبين مرحلة الانطلاقة المباركة كضوء أول للوطن وامنه وتاريخه ورسالته .. وبين الواقع الحالي للقوة التي تزايدت عددا وعدة وتجهيزات ومعطيات ومقدرات.. ثمة ملحمة وطنية من نجاحات وجهاد وتضحيات كبيرة لايصال هذه القوة الفتية الى ما وصلت اليه اليوم من مكانة مرموقة محلياً وخليجياً، وما تتمتع به من جاهزية عسكرية وكفاءة احترافية، الى جانب ما تقوم عليه من عقيدة وطنية اسلامية عروبية ثابتة.. وما يوكل اليها من مهام وواجبات تتعدى الشأن العسكري المباشر الى شئون اخرى تنموية ونهضوية سامية ومهام انسانية واغاثية خارج الوطن وضمن التحالف العربي والخليجي..
اليوم وكل يوم ، نرفع ايدينا اليمنى بالتحية العسكرية لقوة الدفاع التي كانت وما تزال قرة عين القائد ومبعث اعتزاز الوطن والمواطن..
واليوم وكل يوم نرفع ايدينا اليمنى بالتحية الملكية للقائد الاعلى والجندي الاول الذي اطلق هذه القوة ضوءاً اول في سمائنا وفي تاريخنا وهاهي تؤكد حضورها ضوءاً منيراً في دروب حماية امننا ووجودنا والقيام بمسئولياتنا الوطنية بعزم وتصميم وقوة واقتدار.. وكل عام والوطن وشعبه وقيادته وقوة دفاعه بخير.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية