العدد 2672
الأحد 07 فبراير 2016
banner
الثورة التكفيرية ومفهوم الحرية د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
ما وراء الحقيقة
الأحد 07 فبراير 2016

الكل يعلم أن حرية التعبير بالدول المتحضرة حق مكفول لمن يتصرف بتحضر ويقوم بالتعبير عن رأيه، مع التزامه بعدم الغاء أو المساس بأية طائفة أو عرق أو مجموعة في نفس البلد. وهناك فرق بين من يقوم بهذا التعبير، وبين من يقوم بإلغاء الآخر والاستهزاء به وكأنه غير موجود،  بما يعبر عن الغرور والغباء والتبعية لبابا الصفويين. وهناك من دعا لإقامة جمهورية كاثوليكية من العصور الوسطى، ويريد للعرب الذين أطفأوا نار المجوسية، ان يكونوا عبيدا وسخرة لنظرية كسرى طهران. فهل هذه حرية رأي أم إلغاء للآخر؟
ولو عدنا الى الوراء قليلا لوجدنا ان هناك من يحاول تفسير ما حدث خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، بأنه مجرد تعبير عن الرأي لا يستوجب أبدا كل هذه الاتهامات التي وصلت الى حد وصف هذا النوع من التعبير بالانقلاب على الشرعية، حسب وصفهم. والواقع بأن لكل انسان الحق في التعبير، اذا كان هذا لا يتعدى على حق الآخرين الرافضين لذلك الرأي. بمعنى انه اذ كنت تعتقد بأن من حقك احتلال مستشفى مثلا بمنطقة ما يخدم مجموعة من المواطنين، وأن تقوم بالدعوة والعمل على تعطيل أو ازالة هذا المستشفى بالقوة خدمة لتوجهاتك ومؤامراتك، فإنك بهذا تعتدي على حق الآخرين الذين لا يشاركونك الرأي، ويعتبرون ان المستشفى حق للجميع وليس لك. وبالتالي فإن من حق الآخرين ايقافك عند حدك واتخاذ الاجراءات القانونية ضدك. وحينما تحاول القيام بسرقة شخص ما، فإنك بذلك تعتدي على حق هذا الانسان، والقانون والمنطق يقول إن ما تقوم به جريمة وليس تعبيرا عن الرأي. والأمر كذلك حينما تضرب بعرض الحائط أحد مكونات مجتمع ما، وتطالب بإسقاط الحكومة والنظام والتاريخ والقيم والموروث، وتقوم فعليا بإلغاء تام للمكون الثاني لهذا المجتمع من دون مراعاة أو اعتبار له، ويصل بك الاستخفاف والاستهانة والإلغاء لهذا المكون بالمطالبة بإقامة جمهورية أو حتى نظام يخالف بتاتا عقيدة هذا المكون، وتكون مرجعيته دولة حاقدة لها ثورة تكفيرية حاقدة على كل ما هو عربي، سواء شيعيا أو سنيا، فإن ذلك لا يسمى تعبيرا عن الرأي، بل يسمى بقاموس الدول المتحضرة انقلابا على التسامح والتعددية والديمقراطية والتحضر، واستبدال ذلك بقيم الحقد والكره والدكتاتورية المتمثلة بسلطة البابا بعصور الظلام، الأمر يستوجب ليس العقاب فقط بل دفع الثمن.
إننا نعلنها بكل صراحة بأن ما يجري في بعض دول الخليج ليس مجرد تعبير عن الرأي، ولا محاولة انقلاب على نظام حكم، بل إن ما يجري في الحقيقة هو انقلاب على المبادئ الاسلامية، ما يجري هو شرك واضح بقدسية اوجبها الله عز وجل في كتابه بآيات واضحة وبلغة عربية فصيحة، وبين قدسية وطاعة عمياء لكسرى طهران، ابتدعتها ثورة تكفيرية صفوية حاقدة على العرب وعروبة محمد وعروبة آل بيته الأطهار، مؤسسها وابن عمه الحالي لا يتشرفا بأن يتحدثا اللغة العربية. يقومون بتفسير الآيات العربية بمنطق صفوي حاقد على التاريخ الاسلامي العربي، تحولها الى نظريات هدفها الاساسي اخضاع العرب وخنوعهم والعياذ بالله، للمتمرجع كسرى طهران لإعادة أمجاد غابرة، تحت ستار تراث آل البيت طهرهم الله عن كل دنس. ثورة نتنة البسوها ثوب القدسية، وقامت بتوزيع صكوك الغفران على اتباعها، من المتعربين المتلذذين بسادية الصفويين لهم. وكل ذلك تم من خلال عملاء كسرى طهران وتحت مسمى حرية التعبير.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .