العدد 2480
الخميس 30 يوليو 2015
banner
العداء للإسلام في رومانيا عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الخميس 30 يوليو 2015

في مقابلة مع موقع الألوكة، نفى مفتي رومانيا الشيخ مراد يوسف أن تكون معامَلة مسلمي رومانيا تكون كمواطنين من الدرجة الثانية، لافتًا إلى أن العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين طيّبة، وتَسودها المودَّة والارتياح وعلاقات الصداقة، فضلاً عن وجود حالات نَسَب ومصاهرة بين أبناء المسلمين من الرجال وأسر رومانيَّة؛ مما يشكل رافدًا مهمًّا لإسلام المئات من الرومانيات سنويًّا، مشيرًا إلى أنهم يتمتَّعون بمساواة كاملة مع المواطنين الرومانيِّين.
بل وأعرب الشيخ مراد عن تفاؤله بأن مستقبل الإسلام والمسلمين في رومانيا مبشِّرٌ في ظل زيادة أعداد المُقبِلين على الصلاة وحفْظ القرآن وارتداء الحجاب وعلى أداء فريضة الحج، مطالبًا أن يُرافِق هذه الصحوةَ اهتمامٌ ودعمٌ من قِبل الدول الإسلاميَّة والمنظَّمات الخيريَّة؛ لدعم مسيرة الدعوة الإسلامية هناك.
إلا أن صحيفة ديرتاجستسايتونغ (تاتس) الألمانية بددت تلك الآمال على ما يبدو، حيث كشفت خلال هذا الاسبوع أن هناك مظاهر جديدة للعداء للإسلام في رومانيا أخذت مؤخرا منحى تصاعديا واضحا مع تنظيم حزب اليمين الجديد “نوياداراباتا” المتطرف مظاهرة معادية لتأسيس مركز إسلامي جامع للأقلية المسلمة في العاصمة بوخارست.
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب اليمين الجديد - الذي يسعي للاقتداء بحركة “وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب” المعروفة اختصارا باسم “بيجيدا” التي أخذت الانزواء في ألمانيا - استبق هذه المظاهرة بالدعوة لإجراء استفتاء في البلاد ضد بناء المركز الإسلامي الذي منحت الحكومة الرومانية لدار الإفتاء في البلاد قطعة أرض مساحتها 11 ألف متر مربع لبنائه، ليشمل مسجدا ومكتبة ومدرسة للقرآن الكريم.
وقالت صحيفة “تاتس” إن اتفاقا لإقامة هذا المركز الإسلامي إضافة إلى إنشاء مقبرة إسلامية في بوخارست أُبرم عام 2011 بين الرئيس الروماني ترايان باسيسكو ورئيس وزراء تركيا آنذاك رجب طيب أردوغان، وتولت بلاده تمويل المشروع لتوفير الرعاية الدينية للأقلية المسلمة ذات الأصول التركية والتترية بالعاصمة الرومانية، والمقدرة بأكثر من 65 ألف نسمة.
إلا أن “باسيسكو” تراجع مؤخرا عن هذا الاتفاق لتخوفه من أن مخطط المشروع يتضمن إقامة مدرسة لتأهيل وتخريج آلاف الطلاب المسلمين الذين سيمثلون خطرا أمنيا على رومانيا، وربما يكون الرئيس الروماني قد تأثر بالحملات الإعلامية التحريضية ضد المسلمين والرافضة لبناء المركز الإسلامي الجامع في بوخارست، محذرة مما ينتظر رومانيا من مصير مماثل لدول غرب أوروبا التي باتت مؤهلة للخضوع لسيطرة المسلمين في الثلاثين عاما القادمة.
وهناك اتفاق بين المؤرخين على أن الإسلام دخل إلى رومانيا على أيدي القوات العثمانية التي فتحت رومانيا سنة 1262م بقيادة الأمير عز الدين، الذي اتجه إلى منطقة “دبروجيه” ثم تبعتها حملات أخرى بقيادة الأمير “سارو سلطق دادة” الذي عسكر بجشه بالقرب من مدينة “بابادانج”، وتركت الجيوش العثمانية التي كانت نواة الجالية الإسلامية في رومانيا الكثير من الآثار التي تميزت بالتراث العسكري كالقلاع والحصون إضافة إلى المساجد والتي من أشهرها مسجد مدينة بابادانج الذي تم بناؤه سنة 1552م.
أما عن المسلمين في رومانيا، فوفقًا لدائرة الإفتاء - التي تعد الجهة الرسمية المعنية بأوضاع المسلمين في رومانيا - قدر عددهم بنحو 850 ألف نسمة، يمثلون ما يقرب من 2.5 % من سكان البلاد، وينحدرون من أصول تركية وتترية وألبانية، ويتوزعون في المدن الرئيسية، خصوصا المطلة على ساحل البحر الأسود، مثل مجيدية - التي أسسها السلطان العثماني عبدالمجيد وسميت باسمه - (وهي أكبر منطقة تجمع للجالية الإسلامية في رومانيا، إذ يعيش فيها لوحدها ما يزيد عن سبعة آلاف مسلم)، ومدينة المحمودية وإقليم دبروجيه الشمالي، بينما تعيش أعداد أخرى من المسلمين في أحياء بالعاصمة بوخارست ومدينتي تولستا وكونستانتا.
المسألة المهمة جدًا في هذا الموضوع التي يجب أن تدفع دولنا العربية والإسلامية إلى التحرك هي تَراجع أعداد المسلمين في رومانيا وهي الظاهرة التي يرجعها الشيخ مراد إلى هجرات الآلاف من مسلمي رومانيا لغرب أوروبا؛ سعيًا لتحسين مستوى معيشتهم؛ فضلاً عن دور بعض المنظّمات التنصيريَّة في تذويب هُويَّة أعداد ليست كبيرة من المسلمين، وفي مُقدِّمتها منظَّمة شهود ياهو وعشرات من المنظَّمات البروتستانتية، التي لعبت على وَتَر البطالة والفقر؛ لإقناع المسلمين بالارتداد عن دينهم؛ رغبة في الحصول على مساعدات ماليَّة وفرصِ عملٍ بالبُلدان الأوروبية الثريَّة، فهل سنشهد جهدًا إسلاميًا لإنقاذ مسلمي رومانيا من هذا الفقر الذي يدفعهم إما إلى الهجرة أو الكفر؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية