العدد 2360
الأربعاء 01 أبريل 2015
banner
ما قبل العاصفة (2) عطا السيد الشعراوي
عطا السيد الشعراوي
ستة على ستة
الأربعاء 01 أبريل 2015

كنا قد تحدثنا في المقال السابق عن بعض الجهود السعودية في التحضير لعملية عاصفة الحزم لقطع الطريق أمام الاحتلال الحوثي للجمهورية اليمنية، وانتهينا من تهيئة البيئة العربية الملائمة لهذه العملية العسكرية التي تحمل دلالات استراتيجية كثيرة وستكون لها تداعيات مستقبلية إيجابية لصالح الدول العربية.
الواقعية فرضت على المملكة السعودية إقناع واشنطن بالعمل العسكري في اليمن وكسب الولايات المتحدة الأميركية إلى صف هذه الضربة ولو على المستوى السياسي والدبلوماسي، إذ لا يمكن إغفال الدور الأميركي في قيادة النظام الدولي بغض النظر عن طبيعة تلك القيادة والاتفاق والاختلاف معها، فهي تبقى بالنهاية الدولة القائدة للنظام الدولي.
نجحت الرياض في إقناع واشنطن بتوجيه ضربة عسكرية للميلشيات الحوثية، وانعكس هذا الاقتناع الأميركي في الاعلان عن العملية العسكرية في اليمن، حيث جاء ذلك على لسان سفير السعودية لدى الولايات المتحدة الأميركية، وذلك عبر مؤتمر صحافي عقده في الساعات الأولى من يوم الخميس 26 مارس 2015 في مقر السفارة بواشنطن، إضافة إلى التعاون الاستخباري الأميركي مع تحالف الدول الداعمة للشرعية في اليمن.
بهذه الخطوة، ضمنت السعودية دعمًا ليس أميركيًا فحسب، بل دوليا واسع النطاق، فضلاً عن ضمان الدعم السياسي الأميركي في مجلس الأمن، وإمكانية استخدام حق النقض “الفيتو” ضد أي قرار قد يستهدف إدانة الضربة العسكرية، خصوصا في ظل المعارضة المحتملة لبعض الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن مثل روسيا في ظل طبيعة علاقاتها مع الدولة الإيرانية.
أما على الصعيد الأمني والتسليحي، فمن الواضح أن السعودية أعدت العدة لهذه الضربة ولم يكن قرارها متسرعًا أو غير مستند إلى قوة كافية تحميه وتساعد في تحقيق أهدافه في أقل فترة ممكنة، فبحسب تقرير لمكتب خبراء “آي أتش أس جينس” ومقره لندن، نشر في 8 مارس 2015، ازداد الاستيراد السعودي من الأسلحة بمعدل 54 % في عام 2014، حيث استوردت السعودية تجهيزات عسكرية بقيمة 6.4 مليارات دولار، ومن المتوقع أن تصل خلال العام الحالي إلى 9.8 مليارات دولار.
وحشدت السعودية للعملية العسكرية القوة اللازمة، حيث تشارك 185 طائرة مقاتلة من دول خليجية وعربية، منها 100 طائرة سعودية، و30 مقاتلة من الإمارات، و10 من قطر، و15 من الكويت، و15 من البحرين، ومصر وباكستان بسفن وطائرات، 6 مقاتلات من المغرب، و3 مقاتلات من السودان.
من ضمن الخطوات التمهيدية المهمة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية قبل توجيه ضربة عسكرية للحوثيين في اليمن، أنها استنفذت جميع السبل السياسية لحل الأزمة وكان آخرها قبول العاهل السعودي استضافة الحوار بين الأطراف اليمنية الراغبة في الحوار لحل الأزمة برعاية من مجلس التعاون الخليجي في مدينة الرياض، فضلاً عن التحذيرات المتكررة من مخاطر الوضع في اليمن على دول الجوار التي لا يمكن لها أن تظل صامتة على تهديد أمنها وسلامتها وسيادتها، وهي رسائل واضحة بأنه سيكون هناك رد فعل مختلف عن بيانات الإدانة الواسعة المحذرة من توسع الحوثيين في اليمن وانقلابهم على الشرعية وتجاوزاتهم بحق الشعب اليمني.
أما الخطوة التحضيرية الأخيرة فكان الحرص على ألا يكون التحرك العسكري بناء على اجتهادات فردية وإنما استجابة لطلب الحكومة الشرعية في اليمن وهو جعل هذا التدخل العسكري تدخلاً شرعيًا متوافقا مع ميثاق الجامعة العربية ومعاهدة الدفاع المشترك وميثاق الأمم المتحدة أيضًا، وهو ما اسكت أصواتا كثيرة كان يمكن أن تتشدق بالشرعية الدولية، وساهم في تهيئة الأجواء لقبول العملية العسكرية.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية