العدد 2361
الخميس 02 أبريل 2015
banner
من هالة نجاد إلى أسطورة سليماني نزار جاف
نزار جاف
الخميس 02 أبريل 2015

استدعى ملك ذات يوم وزيره وسأله غاضبا: لقد علمت أنك تقف شخصيا خلف نشر أكاذيب ومزاعم واهية بين الناس، وقررت إنزال العقاب بك ولكن قبل ذلك أريد أن أعرف السبب الذي دفعك لهذا السلوك الشائن؟ ابتسم الوزير وخاطب الملك بهدوء: لو لم يكن هنالك ما أشغل به الناس على مر الأيام مثل جن أزرق مزعوم يخطف الأطفال أو عفريت يتربص بالناس في الوديان والجبال، فإنهم سوف ينشغلون بجلالتكم والشؤون المتعلقة بكم وعندها ستختلف أمور البلاد والرعية!
الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنذ أن تأسست في أعقاب سقوط النظام الملكي في إيران، شكلت وتشكل أكبر مشكلة ليس للشعب الإيراني “الذي لا يحسد على هذا النظام أبدا” وإنما لعموم شعوب المنطقة، إذ انه وقبل تأسيس الجمهورية الاسلامية الايرانية، كانت الانظمة العربية “العسكريتارية” ومن أجل بقائها واستمرارها في الحكم، تروج لمزاعم تربص الاستعمار بهذه الدول واستغلال الفرصة لاحتلالها، لكننا اليوم نجد أن كل دول المنطقة منشغلة وعن حق وحقيقة بالخطر المحدق بها من إيران واحتمال أن تصحو لتجد نفسها صارت مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، مجرد أرقام خاصة في المكتب الخاص للولي الفقيه!
في بدايات تأسيس هذه الجمهورية التي تصورت شعوب المنطقة أنها ستمهد لبداية عصر جديد يخدم شعوب المنطقة ويحقق آمالها وطموحاتها، لكن ومنذ الاعوام الاولى كشفت هذه الجمهورية رويدا رويدا عن سحناتها فمن إرسالها مجاميع فوضوية لأداء مراسم الحج “العبادية ـ السياسية” والتي أثارت الكثير من المشاكل والأمور وقتها، الى تصنيف الاسلام الى اسلامين، أولهما الاسلام المحمدي الأصيل الذي يطبق فقط من جانب الجمهورية الاسلامية الايرانية وثانيهما هو الاسلام الاميركي المطبق في سائر أرجاء العالم الاسلامي.
كما شغلت الجمهورية الاسلامية العالم بمحمد خاتمي وفتوحاته الاصلاحية فإنها شغلت العالم أيضا بمحمود أحمدي نجاد وتصريحاته المتطرفة خصوصا تلك التي كان يطلقها ضد إسرائيل والتي أثبتت الايام بأنها لم ت?ثر قيد أنملة على إسرائيل، نجاد هذا الى جانب تصريحاته ضد إسرائيل تم تسويقه للشعب الايراني على أنه من عامة الشعب ويعمل كل ما بوسعه من أجل “المحرومين والمستضعفين”، لكنهم ازدادوا فقرا وب?سا في عهده، هذا من غير ما قد زعموا بأنه كانت هالة خلف رأسه وهو يخطب من على منبر الامم المتحدة ولأن كل زعماء العالم ضالون وكافرون فإن أحدا لم ير تلك الهالة إلا من رافق نجاد من دعاة الاسلام المحمدي الأصيل!
قاسم سليماني، أو من يصفونه بالحاكم المطلق للعراق وسوريا ولبنان “ولا ندري هل أن اليمن أيضا صارت ضمن القائمة أم لا؟”، شخصية ونموذج جديد تسوقه الماكنة الاعلامية للجمهورية الاسلامية في إيران، والذي يبدو انه من طائفة الجن، لأنه يتواجد صباحا في طهران وظهرا في المناطق السنية التي تم طرد داعش منها وعصرا في سوريا أما ليلا فذلك سر لم يفصح عنه لحد الآن، سليماني هذا الذي سعت أقلام عراقية لتشبيهه”ظلما وبهتانا وتطاولا” بالثائر المعروف جيفارا، وصوروه كنصير وظهير للشعب العراقي وشعوب المنطقة، أتحفتنا الماكنة الاعلامية لجمهورية “الاسلام المحمدي الاصيل”، بأنه اختفى فجأة من جبهات المواجهة ضد داعش ومن المحتمل أن يكون قد توجه لليمن كي يقلب عاصفة الحزم رأسا على عقب وينصر جماعة الحوثي او النسخة اليمنية من حزب الله اللبناني، والغريب أن هناك من يصدق هذه المزاعم ويعتقد أن سليماني سيغير من موازين القوى!
الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في إيران وصلت ببركة نظام “الإسلام المحمدي الاصيل”، الى مستويات متردية والشعب الايراني يئن تحت وطأتها، فإنه من الضروري جدا أن تتم مشاغلة هذا الشعب بأمور وقضايا تنسيه همومه وآلامه ومعاناته التي فاقت الأوصاف، خصوصا عندما نسمع عن ظاهرة بيع البنات في طهران ذاتها “أم قرى الإسلام المحمدي الاصيل” وعن غرف من الكارتون ينام فيها الآلاف من أبناء الشعب الايراني في طهران وغيرها إضافة الى ملايين الجياع في بلد يطفو على بحيرات من النفط والغاز، ولهذا فإن أحداث اليمن وقبلها تطورات الاوضاع في العراق وأخيرا وليس آخرا أنباء “الأسطورة” سليماني، مجرد سلع تعمل دهاليز وأقبية الجمهورية الاسلامية على صناعتها وتجسيدها وبدلا من أن يفكر الشعب الايراني بأخطاء النظام فإنه يدفع للانبهار بانتصار “الثورة الإسلامية في اليمن” أو ببطولات وأمجاد سليماني الوهمية. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .