العدد 2361
الخميس 02 أبريل 2015
banner
قمة الأمن القومي عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الخميس 02 أبريل 2015

في ظل التوترات السياسية والأمنية والعسكرية العربية في الوطن العربي انعقدت القمة السادسة والعشرون في منتجع شرم الشيخ المدينة الساحلية بجمهورية مصر العربية، وتمت مناقشة مجموعة من المواضيع العربية خصوصا المتعلقة بأحداث الساعة في الوطن العربي، في مصر واليمن، سوريا والعراق، في ليبيا وتونس وفي أقطار الخليج العربي، وهي من تداعيات أحداث الربيع العربي. وفي طليعتها عمليات “عاصفة الحزم” العربية التي تقودها المملكة العربية السعودية. إن اجتماعات القمم العربية السابقة لم تكن مهمة كهذه القمة التي حرصت على أن يكون عنوانها “الأمن القومي” في الأقطار العربية، والدفاع عن الأخطار التي تهدد الأمة العربية.
القراران المهمان اللذان صدرا عن القمة (26) هما: دعم استمرار عملية عاصفة الحزم وإقرار تأسيس قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات والإرهاب المنتشر في أقطارنا العربية، وجعل عضويتها اختيارية. وتقدم القرارين على غيرهما سببه هو ما تتعرض له الأمة العربية من تحديات تتطلب الأخذ بزمام المبادرة العربية وعدم ترك الأمر في يد التدخلات الأجنبية التي تزيد من الأمور تعقيدًا ولا تهدف إلى تحقيق المصلحة العربية. مما يعني في المقام الأول عزم القادة العرب على العمل الجاد، بمثابة نقطة انطلاق للأمة العربية. فتشكيل القوة العربية المشتركة من أوجه مواجهة التحديات في المنطقة العربية، هذه التحديات التي تهدد أمن وسلامة العرب. والأمن العربي وليد الواقع والأمل الذي يحدو إليه الجميع، واقعًا نرى منه أن الأمن العربي في تراجع مستمر مؤسسات وأفراد، حتى ظن فاقدوه أنه طويت صفحاته ونسينا كمواطنين أمره، وأن أجهزته ما عادت تستطيع أن تعمل. ونحن نحتاج إلى إحياء الأمن القومي العربي بصياغة جديدة لإعادة بناء أسسه من جديد، خصوصا بعد التداعيات القومية التي حصلت للأمة العربية بعد أحداث الربيع العربي، حيث تبلدت سماؤنا بغيوم تنذر بمطر من نوع غريب جديد.
لقد أثبت قرار المملكة العربية السعودية بشأن عاصفة الحزم الذي دعمته وساندته القمة العربية بأن الرياض وعواصم الخليج العربي ومن سارت على خطى هذا القرار لم تأبه بالتطمينات الأميركية كونها خادعة ولم تصدقها كونها كاذبة، وهذه الحملة العسكرية ليست فقط لمنع الحوثيين من التمدد والسيطرة على السلطة السياسية في اليمن فحسب، بل أيضًا من أجل قطع بعض أذرع الاخطبوط الإيراني من الالتفاف حول رقبة أمن أقطار الخليج العربي وهو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي. ومن أجل هدم سعي إيران للسيطرة على باب المندب، ونزع فتيل التدخل الإيراني في الشأن العربي والاستقواء به، وإحباط أي تأثير له، فترتاح أقطارنا وترتاح الأمة العربية وشعبها من شره.
تمر الأمة العربية اليوم بمرحلة مصيرية وتحتاج إلى وقفة سيادية حقيقية وجادة من قبل قادة الأقطار العربية لعلهم يستطيعوا رسم معالم مستقبل عربي جيد للأجيال القادمة، فقد استطاعت القوى المعادية أن تثبت أقدامها وتقيم صروحًا سياسية لها، وتخلق بيئة مجتمعية ملائمة لأهدافها، بسبب ضعف أمننا القومي العربي والذي اخترقته بكل سهولة. وآن الأوان أن تعبر الأمة العربية عن طموحاتها لفتح الآفاق أمام عهد عربي جديد يسعى للنهوض لتحقيق الأهداف الكبرى للأمة العربية. وإذا كانت إمكانات أعدائنا كبيرة فنحن على يقين بأن إمكانات أمتنا العربية غير قليلة، فالانتصار الذي تحققه القوى العربية المتحالفة في اليمن تحقق عندما تحسست القيادات المسؤولية الوطنية والقومية، والتزمت بأهداف الأمة العربية وشعبها، فالفعل المقاوم الصحيح يحقق دائمًا النتائج المطلوبة. يتسم الصراع الذي تخوضه الأمة العربية بالشمولية وإن تعددت مواقعه، ونتائجه تصب في مصب واحد، وكل انتصار يتحقق في ساحة عربية ينعكس إيجابًا على الساحات العربية الأخرى، فالوطن العربي متحد في قوته. فأقطار الخليج العربي والعراق ومصر وليبيا وسوريا واليمن وتونس ولبنان والسودان وباقي أقطار الوطن العربي جميعها تعيش أوضاعًا أمنية وأحداثا تهدد مرتكزات الأمن القومي العربي. وهذا الأمر يتطلب التعاطي الإيجابي مع الأحداث والأزمات مع ضمان توفير الشروط الموضوعية والذاتية لتحصين المشروع الوطني القومي العربي ببعُده الاستراتيجي، ومحاصرة قوى المشروع المضاد الذي تتعددت مواقعه وأدواته.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .