العدد 2167
السبت 20 سبتمبر 2014
banner
نحو استراتيجية أمنية عربية عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
السبت 20 سبتمبر 2014

دعا صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء “لإقرار استراتيجية أمنية عربية” أثناء استقبال سموه لعمرو موسى ـ الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية ـ استراتيجية تكون قادرة على التكيف مع المتغيرات والتحديات التي تواجه الأمة العربية ونابعة من الحرص على المصلحة العربية. وهذه الدعوة تمثل قراءة حقيقية وصادقة لما وصل إليه الوضع العربي القومي من تدهور وطني وقومي وإقليمي، وتمثل اهتمامًا بالغًا من سموه لدفع مسيرة التعاون العربي المشترك، فالأمة العربية تمتلك إمكانات بشرية وجغرافية واقتصادية هائلة تستطيع باستغلالها أن تحقق الاكتفاء الذاتي في العديد من المجالات. إن الأمن العربي ليس مقصورًا على قطر عربي دون غيره من الأقطار العربية، فالأمن العربي واحد لا يتجزأ، فأمن مملكة البحرين هو أمن المملكة العربية السعودية الذي لا ينفصل عن أمن مصر ولبنان وعن أمن جميع الأقطار العربية.
ويواجه الأمن العربي الكثير من التحديات، ولمواجهتها يتطلب تكاتف الجهود العربية خصوصا في المجال الأمني لمعالجتها بطريقة علمية ومهنية بما يؤدي إلى تطوير الأمن العربي وتفعليه للتخلص من المخاطر الداخلية والخارجية التي تحيط بالأمة العربية. فعلى الصعيد الداخلي تعيش الأقطار العربية في ظروف اقتصادية بسبب “زيادة معدلات البطالة والتضخم والفقر والجهل” وهذه لها انعكاسات سلبية على الأمن العربي، وبتفاقم الطائفية والمذهبية والإثنية والعصبية والعرقية والمناطقية والإقليمية في أغلب المجتمعات العربية وهو ما يؤثر على بناء وانتماء وتنمية واستقرار الإنسان العربي وتهديد أمن بلاده، ونتيجة لتبني بعض الأقطار العربية لسياسات لا ترتقي إلى تطلعات المواطن العربي وتعمل على خلق احتقان اجتماعي مما يؤثر على الأمن الاجتماعي، وأثر ظهور نشاط المنظمات الإرهابية على الكثير من مسارات وخطط الأقطار العربية التنموية والأمنية ومست الأمن الوطني والمصالح الوطنية. أما التهديدات الأمنية الخارجية فهي كثيرة وتهدف إلى إدامة عدم الاستقرار في المنطقة العربية والإضرار بمصالحها سواء عن طريق احتلال أراضيها أو بالسيطرة على مصادر مياهها وباستغلال ثرواتها الوطنية وتصدير الأفكار الإرهابية المنحرفة، تهريب المخدرات والأسلحة ومحاولات طمس الهوية العربية.
ومن أكبر التحديات التي تلتقي مع دعوة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء غياب “الاستراتيجية الأمنية للأقطار العربية”، مما أدى إلى تنفيذ إجراءات أمنية آنية روتينية غير مخططة. إن للاستراتيجية الأمنية أبعادا وغايات تختلف عن أهداف الإجراءات الأمنية الآنية التي هي بمثابة برامج أو خطط مؤقتة، للاستراتيجيات الأمنية غايات ومصالح وأهداف وطنية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية. فمن هذا المنطلق لابد لكل قطر عربي أن يمتلك استراتيجية أمنية شاملة تتلاقى مع استراتيجيات الأقطار العربية الأخرى.
بسبب اتساع التحديات والمخاطر الداخلية والخارجية وفي ظل ظهور الإرهاب وأشكال جديدة من الجرائم المنظمة التي أفرزتها تداعيات العولمة والانفتاح الاقتصادي والاجتماعي والإعلامي الإلكتروني العابر للحدود تطلب هذا الأمر تجاوز مفهوم الأمن التقليدي إلى مفهوم الأمن الشامل وباستخدام التقنيات العلمية والمعرفية الأمنية الحديثة والمتطورة. ويقصد بالأمن الشامل (مجموعة من الأسس والمرتكزات التي تحفظ للدولة تماسكها واستقرارها، وتكفل لها القدرة على تحقيق قدر من الثبات والمنعة والاستقرار في مواجهة المشكلات في مختلف مناحي الحياة). وهذا الأمر يتطلب توفر بنية تحتية أساسية أمنية وطنية تساعد على إنجاز المهام والطموحات التنموية والأمنية، ووجود معاهد وجامعات رفيعة المهنية والاحترافية لتحسين الأداء الوظيفي والمعرفي والتدريبي للمؤسسات الأمنية.
وطننا العربي يعيش في قلب الأحداث وكثير من الدول الغربية والشرقية تسعى لتصفية حساباتها على الأرض العربية، فلابد أن تعمل قياداتنا العربية على مواجهة ما يهدد وجودنا العربي واجتثاث ما يُعيق مصالحنا، إن دعوة سمو الأمير تتلاقى مع الكثير من الاستراتيجية الأمنية العربية والخليجية التي أقرتها القمم العربية والخليجية، وتتوافق مع الاتفاقية الأمنية لدول مجلس التعاون لأقطار الخليج العربي المعتمدة في الدورة (33) لقمة مجلس التعاون المنعقدة في مملكة البحرين في ديسمبر 2012م. إن وحدة الأقطار العربية وتعاونها في مختلف المجالات سيحقق أهداف تكاملها وسيعزز من مكانتها وموقعها بين الأمم.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .