العدد 2138
الجمعة 22 أغسطس 2014
banner
أحـداث ديمقـراطيـة فـي ولايـة أميـركيـة عبدعلي الغسرة
عبدعلي الغسرة
الجمعة 22 أغسطس 2014

أدى مقتل المواطن الأميركي “ميشيل براون” على يد الضابط “دارين ولسون” في ضواحي “سانت لورنس” في منطقة “فيرغسون” بولاية “ميسوري” الأميركية إلى اندلاع موجة من الاحتجاجات المضادة استخدمت القوات الأمنية الأميركية على إثرها العنف لفك تلك الاحتجاجات وتفريق المتظاهرين باللجوء إلى القوة المفرطة مع المتظاهرين والصحافيين باستخدام القنابل الدخانية والغاز المُسيل للدموع والرصاص المطاطي. لقد تحولت مناسبة مقتل ميشيل براون إلى مظاهرة غضب في هذه الضاحية ذات الأغلبية من الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية الذين تربطهم علاقة مضطربة مع سكان المدينة البيض خصوصا مع قوات الأمن حيث يُشكل البيض معظم أفراد شرطتها.
واشنطن “الديمقراطية” لم ترض بانتقادها بأنها مارست العنف ضد المتظاهرين، ولم يعجبها تدخل الدول الأخرى في أحداثها الداخلية؛ فلماذا إذا تتدخل في شؤون الآخرين ودولهم؟ لماذا تنتقد ممارسات الدول في تقاريرها الحقوقية والسياسية؟ وردت على هذه التدخلات في شأنها الداخلي بأنها تعالج مشاكلها الداخلية “بنزاهة وشفافية”. كما شاهدناها على أجهزة التلفاز وفي مختلف المواقع الإلكترونية التي نقلت أحداث ضاحية فيرغسون لحظة بلحظة التي تعتبر صفحة من سجل ممارسة الولايات المتحدة لحقوق الإنسان بحق المواطنين الأميركيين.
نحن هنا سواء في مملكة البحرين أو في أقطارنا العربية التي ابتليت بتدخلات سفراء واشنطن المعتمدين، وباجتماعاتهم المتعددة مع المعارضين لسياسة بلادنا لا نتدخل في الشأن الأميركي لكي نعطي لواشنطن درسًا في عدم التدخل في شؤون الآخرين، ولنقول للمسؤولين الأميركيين. كما أنتم لا تريدون أيًا كان أن يتدخل في شأنكم الداخلي.. نحن أيضًا لا نرغب في أن يتدخل أحد في شأننا الداخلي. وإذا أنتم في واشنطن ضد أي من أعمال التظاهر والتخريب والخروج على القانون.. فلماذا تشجعون الآخرين في بلادنا على ذلك؟ وتدعون أنهم يطالبون بحقوقهم؟ لماذا تذكرون في تقاريركم أن الشرطة البحرينية استخدمت القوة العسكرية في الرد على المتظاهرين بينما أنتم مسموح لكم على أرضكم باستخدام هذه القوة؟ وتدعون أن الحكومة البحرينية ضد حرية الرأي والتعبير. وأليس خروج مواطني فيرغسون تعبيرا عن رأيهم فيما حصل؟
هذه الحادثة ليست الأولى في بلد يَدعي الممارسة الديمقراطية وعدم تمييزه العنصري بين مواطنيه، فالسنوات السابقة شهدت حوادث مماثلة، فمن يُصدق أن يحصل ذلك في أميركا؟ أميركا النابذة للعنف وقائدة الديمقراطية. حكومتها تقمع المتظاهرين السلميين على أراضيها؟ هذه الممارسات “الديمقراطية” الأميركية في ضاحية فيرغسون كشفت للعالم الادعاءات الأميركية التي طالما رددتها وصدرتها إلى دول العالم، خصوصا إلى مرافئنا العربية، بضاعة ذات عناوين براقة كحقوق الإنسان، حرية الرأي، التعايش مع الآخر، وغيرها من العناوين التي هي موجودة أصلاً في ديننا الإسلامي، ممارسات عنف شاهدناها على التلفاز فاقت كثيرًا ما شهدناه من ممارسات بعض حكومات ما قبل الربيع العربي والتي طالبتهم واشنطن آنذاك بـ “ضرورة ضبط النفس” و”عدم اللجوء إلى القوة والتعامل مع المتظاهرين السلميين بلطف ورقة” و”السماح للمواطنين بممارسة حرية الرأي والتعبير” و”مراعاة حقوق الإنسان”، لماذا لم تطبق هذه النصائح بدلاً من انتهاجها ذات النهج الذي اعترضت عليه؟
لأولئك الذين يشتكون حال يأسهم إلى واشنطن، والذين رخصت لديهم كرامة شعبهم وبلادهم، والذين يتسولون الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان من واشنطون، لهؤلاء نقول.. هذه هي واشنطن التي تتشدقون بديمقراطيتها، واشنطن عندما عاشت الأوقات العصيبة مع المتظاهرين لم ترع حقوقهم الإنسانية، وأنتم تعلمون أن أية دولة في العالم لها الحق في اتباع الطريقة المناسبة التي تساعدها على الحفاظ على أمنها القومي بدون أي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية. حقوق الإنسان هي حقوق الإنسان سواء في المنامة أم في واشنطن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .