العدد 2811
السبت 25 يونيو 2016
banner
العراق والقضية الكردية عزيز الحاج
عزيز الحاج
السبت 25 يونيو 2016

في إقليم كردستان هذه الأيام تحركات وشكاوى واضطرابات لست مطلعا على تفاصيلها وخلفياتها وأبعادها، وكأنما لم تكف بغداد وبقية المناطق هذه الموجة الهوجاء من الاضطرابات لينتقل شيء منها الى إقليم كان لحد الآن ينعم بقدر كبير من الأمان والخدمات والتنمية، في هذا الظرف أرى مفيداً التفكير بما مرت فيه الحركة القومية الكردية في العراق من تجارب مرة ومطبّات وما عاناه الشعب الكردي على مّر العهود، وصولاً الى تحقيق حلم الفيدرالية، ضمن عراق فيدرالي، وذلك خلال التسعينيات، واعترفت القوى الوطنية العراقية المعارضة، بفيدرالية كردستان، وصار الاقليم ملجأ آمنا للمعارضة. لم يختر الاكراد عهد ذاك الانفصال والاستقلال، بل اختاروا البقاء ضمن عراق اتحادي، أريد له ان يكون ديمقراطياً. وبعد سقوط النظام السابق، لعبت القوى الوطنية الكردستانية دوراً إيجابياً في العهد الجديد، ولاسيما رئاسة وسلوك الصديق الكبير جلال طالباني، الذي ما احوج العراق وكردستان اليه. اكراد العراق هم جزء من امة كردية مجزأة على اربع دول، ومن حق هذه الامة ان تتوحد يوما ما في إطار دولة واحدة، تكون دولة وئام وسلام وديمقراطية في المنطقة. هذا حلم مشروع ولكن ثمة معطيات الواقع والمصالح والتوازنات الاقليمية والدولية. والواقع هذا جعل لأكراد كل دولة هم فيها علاقات وثيقة، متعددة الجوانب بظروف وأوضاع البلد الذي يسكنونه وبالقوى الوطنية فيه.
وفيما مضى كان الشعار الكردي الرئيسي (على صخرة الاتحاد العربي - الكردي، تتحطم المؤامرات) ثم (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان) ومن بعد ذلك (الديمقراطية للعراق الاتحادي والفدرالية لكردستان) إن من واجب الزعامات الكردية ان تحل خلافاتها في جو من الوئام والحوار البنّاء لكي تستطيع ان تساهم في التوصل مع القوى الديمقراطية العراقية الى حلول عملية ناجعة للأزمة العراقية الساخنة والخطيرة وأن تعمل مع كل اخيار العراق لقيام ديمقراطية حقيقية في عراق اتحادي متآخ ومسالم بعيد عن التدخلات الخارجية، ومطلوب في الوقت نفسه أمر معالجة كل خلل وثغرة وانحراف في اوضاع كردستان وأداء حكومتها، فتكون كردستان نموذجاً ايجابيا ومثالاً للجميع. ان المساهمة في الحياة العراقية العامة لا تعني قبراً لحلم الدولة الكردية الموحدة، ولا حتى لحلم استقلال كردستان العراق وحدها، ولكن الواقع غير الحلم. ولو افترضنا ان قامت دولة كردية مستقلة في العراق فسوف تكون في مهب ازمات وتدخلات جميع دول الجوار وفي خطر دائم. وباختصار فإن المرحلة الحالية تتطلب عراقاً اتحاديا ديمقراطيا بعيداً عن المحاصصات والطائفية والتدخل الخارجي.
وبمقدار ما تكون الحكومة الاتحادية ديمقراطية، تزداد حصانات وضمانات الحقوق الكردية وصيانة مكتسبات النضال الكردي الطويل والشاق. ان التجربة الكردية في العراق ذات دروس وعبر يجب الاتعاظ بها، وفي المقدمة رفض التدخل الخارجي . إيران الشاه اغرقت جمهورية مهاباد ذات الحكم الذاتي بالدم، وقتلت قادتها، ومع ذلك راحت تتودد لأكراد العراق نفاقاً، لاسيما زمن الثورة ومن بعد، وفي زمن الولي الفقيه أيضاً الذي يعتبر الاكراد أولاد الشيطان على حد تعبير خميني.
وأكراد تركيا هم العدد الاكبر من مجموع الكرد، ولكنهم محرومون من الحقوق. وقبل سنوات دخل أردوغان في مفاوضات مع الزعيم الكردي عبدالله أوجيلان ثم انقلب، وراح ينكل ويحارب. فلا يمكن الاطمئنان اليه. والنظام السوري لم يستجب يوماً ما لأي حق كردي، وإذا كان اليوم يناور مع الاكراد فالاطمئنان اليه خطأ كبير، أما عندما تقام في هذه الدول انظمة ديمقراطية عادلة، فلكل حادث حديث. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية