العدد 2455
الأحد 05 يوليو 2015
banner
المصالحة مع الشر مستحيلة أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 05 يوليو 2015

البحرين - هذا الاسم الجميل الرقيق الصعب على الاختراق، والعصي على المؤامرات - كثيراً ما تحملت التحديات وتجاوزتها رغم لعب اللاعبين والمتسلقين والانتهازيين بالإضافة الى أنها تجاوزت الأخطار والصعاب لأن لها أولاً رباً يحميها من الشر وثانياً لأن بها رجالا يواجهون الصعاب في كل المراحل التي مرت، ومواجهة الصعاب تلك الأمر الباقي والثابت مهما اختلطت الأوراق ومهما تلونت المواقف ومهما قفز هذا من هنا وقفز هذا من هناك ومهما بدل هذا موقفه وبدل ذاك موقفه ومهما انتقل هذا من هذه الخانة لتلك الخانة لكن البحرين التي عرفناها منذ منتصف القرن الماضي حتى اليوم هي بلادنا التي ترعرع فيها الشرفاء والمخلصون وتميزت بالوسطية والاعتدال، البلد التي جعلت اسمها في العالم محور الاهتمام لأنها كبيرة بأهلها وحضارتها ولأن هناك من هو ثابت على موقفه منها ومن حمايتها والدفاع عنها منذ أمد بعيد مهما تبدلت الظروف والمواقع وانتقل الانتهازيون من خانة لأخرى، فالثابت أن البحرين لا تتغير إلا الى الأمام أما الذين يريدون لها أن تبقى مكانها أو ترجع للوراء كأن تصبح ولاية ايرانية فقد انتهى بهم الأمر لمزبلة التاريخ.
بالأمس طالب علي سلمان بإسقاط النظام وحلم بكرسي الحكم ووقف معه بضعة أفراد مثله، حالمين بكرسي الحكم واليوم تغيرت اللهجة والمواقف وطلع من يتحدث عن المصالحة والحل السياسي ولكن الحقيقة تبقى أن من يغير لهجته لا يخدعنا فالثابت أن البحرين بقيت على ما هي عليه ثابتة وذهبت الريح بمن أراد لها الزوال لا قدر الله.
يفسر الكثيرون تصريحات الحل السياسي والمصالحة الوطنية الأخيرة بأنها تمثل تبرئة ذمة من تهمة شعار إسقاط النظام بل وتخلصه من هذا الإرث الذي يرى فيه من خلال مراجعاته في السجن أنها المراجعة العقلانية من وجهة نظره حينما لاحت له الكارثة التي أدت بتزعزع وتفكك حلف الوفاق وانتهاء حلم إسقاط النظام، فكان لابد له من العودة السياسية أو الانسحاب من المشهد السياسي نهائياً ومن ثم التقاعد بصفته مسؤولاً عن ما آلت اليه حال جمعيته السياسية نتيجة الانقياد الأعمى لحلم الوفاق بإسقاط النظام، وبما أنه قرر ألا ينسحب ويتحمل مسؤولية الاخفاق الذي آلت اليه الأمور فقد عاد الى الساحة بصورة مباغتة وسريعة ليكسب الوقت بأن أعلن عن مد الجسور بينه وبين الدولة والقوى السياسية الأخرى من دون بالطبع أن يقطع الجسور مع الحلفاء من الجمعيات الأخرى وعلى رأسها الوفاق رغم قناعته بأنه لا يستطيع أن يمسك برمانتين في يد واحدة.
قرار العودة للساحة السياسية لأنه كان سريعا ومن دون قراءة للخارج بعد أربع سنوات في الداخل لم يعطه رؤية واضحة لوضع القوى الأخرى التي تضررت من محاولة الانقلاب الفاشلة التي كانت قبل اربع سنوات، هو ذاته أحد رموز شعار اسقاط النظام يأتي في هذه الساعة وينظر للحل السياسي بل ويقود محاولة مد الجسور فثمة معنى في ذلك التحول السريع المريع سوف تكشف عنه الايام القادمة خصوصا أن هذه الدعوة لمد الجسور مع الاستمرار للانقياد الأعمى للوفاق منذ العام 2011 وما بعد ذلك من تداعيات، والعودة الحالية لمد الجسور مع الطرف المتضرر من دون أن يقطع الجسور مع الطرف المتسبب في الضرر تضعهم جميعا في مأزق واحد.
كما قلت البحرين عصية على الشر ومن أراد العودة ومد الجسور والمصالحة وغيرها من هذه الدعوات التي تظهر بين وقت وآخر خصوصا عندما تضيق بهم السبل وتسد الطرق أمامهم، عليهم أولا فك ارتباطهم بالشر والسير في طريق الخير، خير البحرين وأهلها، حينذاك فقط سنفكر بمد يد المصافحة، أما هذه اللعبة أو تلك فنعرفها وخبرناها ولا تصلح في هذا الوقت ولا في أي وقت آخر طالما حلف الشر قائم وتدعمه إيران.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية