العدد 2301
الأحد 01 فبراير 2015
banner
وانتصرت البحرين ولكن... أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأحد 01 فبراير 2015

لابد أن نعترف بأن الفضل في الاستقرار والهدوء الذي تعيشه البحرين اليوم هو نتيجة لعاملين أساسيين، الأول وقفة الشرفاء والمخلصين بقوة في وجه المؤامرة والثاني تطبيق القانون على الخارجين عليه وهذا ما أثبت الذي قلناه وكررناه لأربع سنوات مضت، وصحت توقعاتنا وثبت أن القوة والصرامة والحسم المخرج للفوضى ونحن سعداء بما تحقق حتى الآن ونأمل أن نسير عليه ونواصل تطبيق القانون وفي ذات الوقت ألا ننسى ما حدث وألا نكافئ الخائن وننسى المخلص والشريف وهذا ما لم يتحقق حتى الآن بوجود تلك الفئة التي تشعر بالضيم والنسيان والعزلة بعدما قدمت كل ما في وسعها وساهمت في هذا الاستقرار ثم جمدت لحين تتم الحاجة إليها وقت الحاجة، هؤلاء لو لا قدر الله وتعرضنا لذات السيناريو المؤلم هل سيتم فك التجميد عنها والاستعانة بها من جديد، على الدولة أن تكون عادلة في هذه المسألة لأن استهداف البحرين والمنطقة لن يتوقف والمؤامرات مستمرة فلا نخسر شعبا وقف معنا بالأمس لأن الوضع بدأ يعود طبيعياً اليوم، وبهذه المناسبة لا ننسى ولا يمكن أن ننسى ما حيينا أن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله ورعاه هو وحده من وقف مع الجميع وساند الكل وحفظ للشرفاء والمخلصين من هذا الشعب مكانتهم.
بعد مخاض عسير وأيام صعبة مرت على الجميع، بعد رعب وفزع ملأ النفوس خصوصا الأطفال والعائلات والشيوخ والنساء، بعد شكوك وتذبذب وارتباكات رافقت المرحلة السابقة ولدت البحرين مرة أخرى من بؤرة الصعاب ومن داخل الشكوك التي رافقت البعض وحالت دون رؤية الصورة المكبرة التي كانت موجودة، غير أن البعض لم ير تلك الصورة أو إن رءاها من خلال الحالة النفسية التي كانت سائدة حينذاك الى ان استقرت أخيراً على ما كان يجب ان تستقر عليه لتبدأ مرحلة البحث عن الهدوء والسكون والتأمل والخروج بحكمة مما جرى لنؤسس البحرين الجديدة والحديثة التي نريدها جميعاً، ولكن بشرط أن نحاسب أنفسنا ونفهم ما حدث ونعترف بما كان خيالاً وبما كان واقعاً، لا يجب ان نفرط في الأحلام ولا في نفس الوقت أن لا نحلم. هناك ما يسمى بمعادلة التوازن وهي التي على أساسها نشأ العالم وحفظ توازنه.
لنلقي ومن هذه الساعة نظرة حقيقية على الأمور من دون أن تكون الحسابات لدى الجميع على أساس خاسر ورابح، ولا على طريقة الهزيمة والنصر، إننا اليوم أمام لحظة تحتم علينا البدء من النقطة التي تؤسس للبحرين الواحدة والبحرين المتكاتفة والبحرين التي ليس فيها خاسر ورابح ولا منتصر ومهزوم بل البحرين التي تجتمع عليها القلوب وتهفو لها المشاعر الواحدة التي تحتضن هذا الشعب لبدء مرحلة جديدة من البناء والتحديث من دون الالتفات الى الخلف ولا الى الأحداث المؤسفة التي وقعت والتي يجب ان تعيد لنا الوعي والإيمان بهذا الشعب العظيم الذي ولد من قلب الأحداث الدامية قوياً شجاعاً يمكنه تعويض كل ما خسرناه وأكثر، فأمامنا فرصة تاريخية، نحن قادرون من خلالها على اللحاق بسباق العصر وتحقيق المنجزات والمكاسب من خلال فرض الأمن وبناء الاقتصاد القوي وبناء القاعدة الراسخة للدولة العصرية شريطة ان نتجنب الأخطاء والمزايدات والشعارات التي أوصلتنا الى ما حدث، والبحث عن إرادة قوية مثلما كانت إرادة الآباء والأجداد الذين بنوا هذا الوطن منذ أزمان سحيقة ليبقى شامخاً لولا السياسات والمزايدات والتدخلات الأجنبية والتأثيرات الإقليمية التي تلوح عناصرها في الأفق منتظرة الفرصة لشرخ هذا الوطن وشعبه ووجوده ومكوناته التاريخية.
يجب أن ننسى ما حدث ولكن بعد مراجعة جادة وحكيمة، لنكون قادرين على تجاوز التداعيات، ويجب ألا ننسى ما حدث ليكون عبرة لنا ودرساً لنا حتى لا ننشق عن بعضنا، ولا تصل خلافاتنا الى حد الاقتتال والتفرق، يجب ان ننسى لكي نبني ويجب ألا ننسى لكي لا تؤثر علينا التداعيات وتعرقل خطواتنا، ولهذا سنبدأ من منطلق لا خاسر ولا رابح، بل الوطن وحده هو الرابح الذي يسكننا جميعاً عبر مشاعرنا الوطنية التي لا نختلف على اننا جميعا نكن لهذه الأرض الولاء ولقيادتها الحب والاحترام ولشعبها استمرار الوئام.
تعالوا منذ الآن نؤسس البحرين الجديدة التي نحلم بها لنا ولأجيالنا منذ هذه اللحظة وليكن هذا الاستقرار منطلقا لبناء الثقة فيما بيننا ولتكن ثقة قائمة على الصدق والمحبة والإخلاص وليس على الخداع والكذب والتزييف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية