العدد 2297
الأربعاء 28 يناير 2015
banner
انتهى وقت اللعب أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 28 يناير 2015

صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حفظه الله يؤكد في كل مرة قدرة ووضوحا على تشخيص أية حالة نمر بها سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية ومن خلال التوجيهات الواضحة عبر الرسائل التي لا تحتاج إلى ذكاء كبير لقراءتها وعلى من يعنيهم الأمر سواء كانوا مسؤولين أو نوابا أو ذوي علاقة بهذا الشأن أو ذاك عليهم أن يفكوا هذه الرسائل ويدركوا مغزاها بالرغم من وضوحها وبساطتها وتركيزها على البحرين الوطن والأرض والشعب والحضارة والتسامح والاعتدال وعدم زج البلاد في الكثير من المزايدات والمساومات التي طالما أخرت وأربكت المسيرة التنموية، رغم ذلك كانت الحكومة في كثير من المواقف، لديها من سعة الصدر والتسامح في تحمل تلك المزايدات والخطابات الرنانة ولكن اليوم وإثر ما تمر به المنطقة كلها والوطن خصوصاً فإن الوقت الذي يسمح فيه بالتلاعب والمساومات ولى وحان وقت تفعيل الأدوات والآليات التي تفرض الأمن بالدرجة الأولى والأمن بالدرجة الثانية والأمن بالدرجة العاشرة ولا شيء غير الأمن إذا أردنا ألا نصبح لاجئين وراء الحدود كما السوريون والعراقيون ولا غارقين في الفوضى كما هو الحال مع الليبيين واليمنيين، فقدوا الأمن وتباطأوا وفرطوا في الأمن فحصل لهم ما حصل ولنوابنا وشوريينا ومواطنينا أن يدركوا نعمة الأمن قبل فوات الأوان.
رأيت أن أذكر بذلك كله وأنا أستمع لمجلس النواب يهدر ساعة وأربعين دقيقة من وقته وهو يناقش جلسته القادمة هل بعد أسبوع أم أسبوعين ثم بكلمة واحدة حسم رئيس المجلس الأمر فتقرر 12 يوما، في هذا الوقت بالذات ضاعت اليمن وفرطت من السلسلة وخسرناها في أقل من ساعة، هكذا تضيع الأوطان يا سادة يا كرام وأنتم تناقشون تمديد جلستكم في أسبوع كامل.
من لا يقرأ رسائل سمو رئيس الوزراء التي تنبه وتحذر من مغبة التفريط في الأمن الذي له الأولوية القصوى في هذا الزمن الذي تفرط فيه الأوطان من سلسلتها في دقائق لا يمكن أن يفهم هذا التحذير وهذا التنبيه.
الديمقراطية يا سادة شيء وسلامة الوطن وأمنه شيء آخر وعندما يصطدم أمن الوطن تصبح الديمقراطية مجرد كلمة فارغة عبر عنها رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون حينما ضرب بها عرض الحائط ونصب المحاكم الليلية للمخلين بالأمن، هذه هي الحقيقة، الحرية شيء والشحن شيء مختلف، ومن دون الدخول في انتقاد هذا الطرف أو ذاك من المتباكين على حرية التعبير، نحيلهم الى تجارب الشعوب العربية الأخرى التي أهدرت فرصتها في التكيف مع الحرية وفي سوء فهمها للديمقراطية ففقدت بوصلتها وأحرقت ديارها عندما تركت للقنوات التلفزيونية الخاصة والمواقع الإلكترونية والصحافة غير المسؤولة ان تمارس الحرية على الطريقة الفوضوية.
كما قلت الحرية تختلف عن الانفلات الشاحن للعواطف والذي يشبه البطارية التي تشحن بها الأجهزة، وفي مسائل الأوطان والمصائر تعتبر الحرية التي يتحدث عنها الفوضويون هي الحرية التي رأيناها في بعض المواقع البحرينية التي تجاوز الأمر فيها حدود العقل والواقعية حين ذهبت تلك المواقع الى الحد الذي ألغت فيه الحدود بين حرية التعبير وخيار التدمير حين استغل هؤلاء هذه المنابر الإلكترونية مع منابر المساجد وهي جميعها منابر خطيرة وحساسة ولابد للدولة ان تكون حاسمة في استخدام القانون لمنع انتشار الفوضى.
إن أية دولة في العالم تحترم قوانينها التي تضعها لا يمكن ان تمر بما مررنا به خلال السنوات الأخيرة، وما حدث في هذه الفترة ليس لكون الدولة تجاهلت تطبيق القوانين خلال هذه الفترة بل هو ثمرة تجاهل تطبيق القوانين خلال السنوات الماضية خصوصا خلال فترة الديمقراطية التي اعتقد البعض ان الديمقراطية تعني الفوضى وتجاهل تطبيق القوانين وأن الديمقراطية يجب ان تكون رخوة وأن الديمقراطية تسمح لفرد واحد بجر البلد الى تمزيق وحدته الوطنية وأن الديمقراطية هي رمي رجال الشرطة بالحجارة والقنابل الحارقة ودهسهم ليكون ذلك دليلاً على أن المجتمع ديمقراطي.
إننا اليوم أمام تحد حقيقي فيما يتعلق بتطبيق القوانين إذا أريد لمجتمعنا أن يسير في طريق التعافي والخروج من هذا الوضع غير المستقر الذي يجرنا اليه اطفال لم يتجاوز بعضهم الرابعة عشرة فيما لا يتحرك القانون في ذات الوقت، لابد أن تكون للديمقراطية أنياب وإلا أصبحنا كلنا ضحية لأنياب الفوضى، كل ما أرجوه أن يكون الأمن من أولوياتنا وألا نضيع ثانية من الوقت في جدل عقيم فقد ضاعت اليمن في ساعة واحدة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية