العدد 2145
الجمعة 29 أغسطس 2014
banner
“علم البحرين في الجنة” فاتن حمزة
فاتن حمزة
رؤيا مغايرة
الجمعة 29 أغسطس 2014

انتشر مؤخراً عبر وسائل التواصل فيديو لطفل بحريني لم يتجاوز الثالثة من عمره، تحدثه والدته عن الجنة ويرد قائلاً: “وهل بنرجع بيتنا في البحرين؟” وعندما علم “أننا لن نغادرها” راح يبكي ويسأل: “بنخلي علم البحرين فوق بيتنا في الجنة؟”، وفي نهاية حديثه راح يبكي الطفل سائلاً والدته أن تطلب من الله أن لا يأخذه للجنة مصراً على البقاء في البحرين.
موقف يستحق وقفة نستخلص منها معاني الوطنية وحب الوطن من خلاله فطرة وهبنا الله إياها، ننشأ عليها ونعمل لأجلها وننمي حسها بالقول والفعل ونورثها للجيل القادم.
إن حديث الطفل ووالدته وصدق انتمائه وتعبيراته البريئة في حب الوطن والحنين الصادق إليه هي فطرتنا التي يحاول البعض طمسها وتشويهها، فقد سعوا لمصالح دنيوية وشخصية زائلة متجاهلين حجم المسؤولية الحقيقية تجاه الوطن، متعامين عن واجباتهم وحقوقهم تجاهه وتجاه الآخر والحرص على بقائه وعلى خيراته وأمواله.
الموقف هو درس للنفوس البغيضة الحاقدة التي لا تنأى عن بث الفتنة والفرقة ودس شعور الغربة في أوطانهم، وإغوائهم بمفاهيم واعتقادات شاذة توحي لهم أن الحياة القادمة في وطن تحت سيطرتهم ونفوذهم ستكون وردية عادلة ونهاية أبدية للظلم والعبودية، حتى كرهوا الوطن عابثين في خيراته مدمرين إنجازاته ومنجزاته في انتظار صناعة وطن جديد يشيد بقالب يلائم أهواءهم ومصالهم!
اليوم وبعد الخدوش والجروح التي أصابت الوطن سنكون بحاجة لتأصيل ثقافة حبه وتوعية أبنائه توعية فكرية سليمة وناضجة، تعمق فيه وطنية قادرة على إحباط كل المداخيل التي تهدف لنشر العداوة باسم الحقوق أو استغلال قصور الدولة في بعض الجوانب لزرع الكراهية في المجتمع وفك عرى وحدته بأساليب بغيضة قد تفرق عند بعض النفوس الضعيفة بين الحكومة والشعب لضرب النظام، أو بفعل عوامل خارجية طائفية وامتداد لمؤامرات دنيئة تخطط لسرقة الوطن والتوغل فيه وسلب خيراته.
إن حب الوطن ليس بالأمر الغريب والمستحيل على من نشأ وترعرع على ثراه، والمحافظة عليه وعلى خيراته وتأدية حقوقه وحقوق الأخوة والقرابة على أكمل وجه من “الإيمان”، فهو واجب نحاسب عليه أمام الله إن لم نصنه.
إن للأسرة والدولة دورا في تعميق حب الوطن وتعزيز مفاهيم الوحدة بإلزام احترام الدستور والقانون واللوائح المنظمة لشؤون البلاد والحث على تطبيقها.
يجب تربية الأبناء على فضائل الوطن وتقدير خيراته ومكتسباته وحثهم على الدفاع عنه، ونزع النظارة السوداء الحاجبة لنعم الله فيه للحد من تهويل السلبيات خصوصاً وسط وجود فئات فاقدة للحق والبصيرة متفرغة لتشويه كل ما هو جميل.
إن تعميق حب الوطن في نفوس أبنائنا وتعزيز أصول الدين والقيم مناعة وحصانة تهذب سلوكهم وأخلاقهم، وتوطد تمسكهم بأرضهم وتاريخهم وتهيئهم لمواجهة كل من يسعى للخراب والإفساد فيه، وتنمي فكرهم وتحفز قدراتهم نحو العطاء لينهضوا به ويكونوا العازل الأمثل الذي يحمي الوطن ويحارب العابثين ويحافظ على أمنه واستقراره وتقدمه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية