العدد 2330
الإثنين 02 مارس 2015
banner
رسوم التأمين الصحي هدى هزيم
هدى هزيم
الناس
الإثنين 02 مارس 2015

الجدل الدائر بين مجلس النواب والحكومة حول قرار وزارة الصحة بفرض رسوم الرعاية الصحية الأساسية لعمال القطاع الخاص من بحرينيين وأجانب. يستدعي من الحكومة إعادة النظر فيه بشأن العمال البحرينيين.
الصحة قدمت شرحاً وافياً للرأي العام حول صدور القرار، وأن الرسوم لا تمثل سوى جزء من كلفة الخدمات الصحية وليس كل القيمة. كما سيعفى العامل من دفع مبلغ (3) دنانير حالياً في المراكز الصحية. تسعة آلاف مؤسسة عمل بادرت بدفع الرسوم لـ (17) ألف عامل منذ بدء تطبيق القرار، وتبلغ رسوم التحصيل للأجنبي (72) دينارا، بينما للعامل البحريني (22.5) دينارا في السنة.
أتفق مع النواب تماماً حول رفضهم لتطبيق القرار على العامل البحريني بحكم الدستور الذي ضمن حق المواطنين في الحصول على الخدمات الصحية. وإذا كان هناك توجه لفرض التأمين الصحي على المواطنين في القطاع الخاص والعام مستقبلاً، فإن الأمر يتطلب دراسة معمقة تشارك فيها نخبة من الاقتصاديين والقانونيين ومن ثم مناقشة نتائجها بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وصولاً الى قرار يراعي حق المواطن في الحصول على الخدمة الصحية والذي لا نقبل التنازل عنه، وأيضا يؤخذ في الاعتبار تحسين وجودة الخدمة وكيفية تحصيل الرسوم من جهة العمل الحكومية دون ضرر أو أعباء مالية يتحملها العامل البحريني.
المستشار القانوني للصحة أشار الى ان فرض الرسوم لا يتنافى مع كفالة الدولة لتوفير التأمين الصحي، كما ان فرض الرسوم على الأجنبي دون البحريني يخالف اتفاقية منظمة العمل الدولية الموقعة عليها مملكة البحرين التي تشمل التأمين لجميع العمال دون تمييز.
هذه اشكالية أخرى تحتاج الى وضع حل للخروج منها، ومثال آخر وواضح على خطورة وتبعات التوقيع على الاتفاقيات الدولية دون دراسة ونظرة تحليلية مستقبلية لما يمكن ان تتعرض له الدولة وتقع فيه من اشكاليات ومواقف صعبة في غنى عنها.
لذا حذر كثير من السياسيين والقانونيين الدول العربية والخليجية من خطر الوقوع في فخ توقيع الاتفاقيات الدولية، والانتباه الى المقاصد والنوايا من ورائها.
أما شكوى اصحاب الأعمال والمنشآت الخاصة من الأعباء المالية وما سيؤدي اليه القرار من هروب رؤوس الأموال والاستثمارات، أرى مبالغة في هذا الكلام، نظير تحمل صاحب العمل مبلغ دينار واحد فقط شهرياً عن العامل الأجنبي. وأتفق مع وزارة الصحة في هذا الجانب بأنها تتحمل كلفة عالية نظير خدماتها للعمال الأجانب، حيث الرسوم لا تغطي الا جزءا يسيرا من الكلفة الإجمالية.
يقلقني وضع البحرينيين من أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة، اليوم الحكومة تبذل جهودا طيبة في تشجيع قطاع الشباب والنساء للدخول في سوق العمل وتأسيس مشاريعهم، من خلال توفير الاستشارات الفنية والدعم المالي الى حين نجاح مشاريعهم وانطلاقها بنجاح في السوق، فهل أخذ في الاعتبار وضع هؤلاء وكم سيؤثر تطبيق القرار على أعمالهم؟
لذا مطلوب إعادة النظر في أوضاعهم وآلية تحصيل الرسوم منهم بوضع معايير وشروط لا ترهقهم وتحول دون تأسيس مشاريعهم، كمراعاة نسبة الأرباح السنوية وحجم المنشأة وعمرها وعدد العمال. فالهدف الوطني بتشجيع البحرينيين لتأسيس مشاريعهم أهم وأكبر من تحصيل رسوم بسيطة من صاحب العمل البحريني قد تعوق بناء مشروعه ونجاحه في السنوات الأولى من عمر المشروع.
لذا أعتقد ان هناك حاجة الى اعادة النظر بتطبيق القرار على صاحب العمل البحريني الذي لديه أقل من 50 عاملا، وأصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة من البحرينيين بشكل عام.
القضية مهمة وتمس اقتصاد البلد ولها تبعات عديدة، والوضع يتطلب جهدا أكبر من النواب والحكومة للوصول الى اتفاق وقرارات تضع مصلحة البحريني أولاً وقبل كل شيء سواء كان عاملاً أو صاحب عمل. أما مصالح الأجنبي عاملاً أم مستثمراً فتأتي لاحقاً، ومن حق الدولة فرض الرسوم نظير ما يتمتعون به من خدمات وفرص عمل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .