العدد 2380
الثلاثاء 21 أبريل 2015
banner
عاصفة الحزم والمد التكفيري طارق الشمري
طارق الشمري
ما وراء الحقيقة
الثلاثاء 21 أبريل 2015

نتساءل أحيانا هل هناك أهداف أخرى حققتها عاصفة الحزم غير الأهداف التي كان قد خطط لها. في الواقع لقد حققت عاصفة الحزم بالإضافة الى الأهداف السياسية والعسكرية، أهدافا دينية تمثلت في تكسير عظام الطائفية وثقافة التكفير وإلغاء الآخر التي ارتكزت عليها الثورة التكفيرية في إيران. فالكل يعرف أن الثورة التي جاء بها الخميني، هي ثورة طائفية ترتكز على الغاء كل المذاهب الإسلامية وأن المذهب الخميني مؤسس على ايديولوجية عرقية، أتى بدين جديد يمزج ما بين العرق والمذهب. بمعنى أن الخميني لا يستطيع ان يقود الشيعة العرب، لأنه يعرف أن المرجعيات العربية لن ترضى أبدا ان يباع تاريخ التشيع العربي الموحد لله والمؤمن ببقية المذاهب الإسلامية. لهذا فإنه لجأ إلى حيلة أخرى، وهي نظرية الولي الفقيه، والتي عارضتها الأغلبية الساحقة من مراجع الشيعة، ترتكز في الأساس على قيادة العرق الفارسي، عن طريق محاولة صياغة مفاهيم جديدة ونسبها للمذهب الشيعي، في محاولة تستهدف ابعاد الأسس والمرتكزات الاسلامية التي قام عليها المذهب الاثنا عشري، بمفاهيم تخدم مصالح هذا الدين الجديد ومنها التكفير الواضح لبقية المذاهب الاسلامية، ومنع أي تقارب شيعي وحدوي مع بقية المذاهب، للعمل على ايجاد حاجز بين الشيعة والسنة، حتى وإن قام هؤلاء التكفيريون بمسرحيات ملتقيات التقارب بين المذاهب الاسلامية.
ولابد من القول إن هذا الخط سقط بسبب قوة المذهب الرافض لمثل هذه المحاولات التي تفرق بين المسلمين، وبسبب قوة وجرأة المراجع الشيعية العربية في التصدي لدعوات محاولة شق مرتكزات الاثني عشرية. وهذا شيء يحسب ويعترف به للمراجع الوطنية، الذين كانوا حائط صد لمخطط هذا الدين الجديد. وأقول هذا الكلام وسط الاعتراف بأن الآلة الإعلامية لبعض تكفيري السنة، تجاهلت تماما دور هؤلاء المراجع بالتصدي للدين الخميني الجديد. ولكن هذا لن يمنعنا نحن كوحدويين خليجيين، نؤمن بالوحدة الإسلامية وبالوطن الواحد، الذي يضم مختلف الشرائح الإسلامية، من القول والتأكيد على تصدي المراجع الوطنية، لمحاولات الخميني اللعب على وتر الطائفية خدمة لمصالح السياسة.
ونظرا لاستمرار حالة النشوة التي يعيشها التكفيرون، واعتقادهم بأنهم يحققون الإنجازات ونجاحهم في اثارة نار البغضاء والعداء بين المذاهب الإسلامية، جاءت عاصفة الحزم لتكون بمثابة صفعة كبيرة لهؤلاء الطائفيين، ومن سار خلفهم ممن باع شرفه العربي ومذهبه، وصدمة لمخططهم الغبي في ان يقود عبدالملك الحوثي اليمن، لنشر فكر هذا الدين الجديد بربوع اليمن. وعليه فإن آيديولوجية التكفير والمد التكفيري الذي قادته إيران في كل من العراق وسوريا ولبنان، سقط في الجانب الجنوبي لبلاد العرب، وسقطت معه أحلام إعادة احلام الامبراطورية. وكل ذلك كان بفضل من الله وفضل من عاصفة الحزم، وفضل المراجع العربية التي رفضت استبدال منهج الوحدة الإسلامية التي نادى بها جل أهل البيت عليهم السلام، بآيديولوجية التكفير والطائفية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية