العدد 2167
السبت 20 سبتمبر 2014
banner
بعد لعبة “القاعدة”... لعبة “داعش”؟ طارق الشمري
طارق الشمري
ما وراء الحقيقة
السبت 20 سبتمبر 2014

خلال الأيام الماضية قامت واشنطن وأتباعها بالاستعداد لتدشين عرس جديد بعد انتهاء عرس القاعدة وهو عرس وحفلات داعش، في سيناريو جديد لتدمير العرب وتحميلهم دوما مسؤوليتهم عن حفر آبار ومنابع الارهاب. دعوات الانضمام الى التحالف الدولي الذي دشنه ودعا له حلف شمال الأطلسي لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي، والتركيز على ضرورة مشاركة العرب في هذا التحالف، يجب علينا كخليجيين الا يمر مرور الكرام من دون اولا أن نعرف حقيقة كل السيناريوهات، التي أدت بالحلف الى تدشين هذا التجمع، وثانيا ان نربط التاريخ والتجارب والدروس الماضية، بما يجري الآن ومنها هذا التحالف.
سندخل بالموضع مباشرة ونقول إننا كوحدويين خليجيين عرب، فإن هذا التحالف في نظرنا يحمل عدة شبهات، لا بأس للقيادة السياسية الخليجية ان تستمع لنا، وأن تقرأ ما نكتبه، لأن نجاح وسمعة القيادة السياسية الخليجية في دفاعها عنا كمنظومة وكشعب خليجي، هي هم ومسؤولية مشتركة بيننا.
السيناريو الأول يقول إن هذا التنظيم، يستهدف فك الارتباط وضرب التحالف الأميركي الإيراني بالعراق، نتيجة لثورة أبناء العشائر السنية والتيارات الشيعية الوطنية، التي ترفض إلغاء عروبة العراق العربي لمصلحة هذا التحالف الإيراني الأميركي. وبالتالي، فإنه لابد من مواجهة هذا التنظيم، حتى لا تتعرض مصالح واشنطن وطهران للخطر ويخسرا العراق الذي أرادوه خنجرا في خاصرة الخليج والعالم العربي. وعليه فلابد من وجود تحالف دولي وإجبار العرب على المشاركة فيه، حتى لا يفشل مخطط المصالح الايرانية الاميركية، وحتى يشترك العرب أيضا في هدر دم داعش.
السيناريو الثاني يقول إن هذا التحالف هو لعبة جديدة، أو التفافة وحركة ذكية غربية على مجلس الأمن، وبالأخص على روسيا والصين، من أجل التدخل بسوريا تحت ستار جديد وهو محاربة داعش. وحتى تكتمل اللعبة وتضفى عليها الشرعية الإقليمية، لابد للعرب من المشاركة بهذا التحالف، ومن ثم فإن الغرب والعرب كلهم اشتركوا والتفوا على روسيا والصين. وهي بمثابة صفعة غربية لروسيا التي نجحت في اوكرانيا، وألحقت هزيمة مذلة بالنيتو الذي عجز عن حماية حليفته أوكرانيا، وأراد ان يرد الصاع صاعين لروسيا.
السيناريو الثالث هو الهروب الكبير الذي يمارسه الآن حلف النيتو، بعد أقسى وأذل وأمر هزيمة تعرض لها الحلف في تاريخه وهي هزيمته في افغانستان. بمعنى ان النيتو يحاول الآن الهروب وإيجاد مخرج له أمام الناخب والرأي العام الغربي، وأمام غريميه روسيا والصين وأمام حلفائه العرب، بعد هزيمته في افغانستان، بتصويره ان داعش أقوى ارهاب عرفته البشرية ويجب التصدي له بتحالف دولي كبير، بما فيهم العرب.
في كل السيناريوهات الثلاث لابد أن يصدق احداها. وفي كل الاحوال لا مصلحة لنا كخليجيين وعرب بالمشاركة. فنحن أعلنا الحرب على داعش، منذ ان كان أصدقاؤنا الغربيون يتعمدون غض الطرف بعبور هؤلاء المقاتلين الى سوريا. ونحن ايضا اعلنا الحرب على الارهاب الاسرائيلي، وقت ان كان اصدقاؤنا الغربيون يساندون اسرائيل بارتكابها المجازر. نحن أعلنا الحرب على الارهاب والميليشيات الطائفية العراقية والمالكي، واستهدافها لكل سني ولكل شيعي وطني، وقت ان كانت المصالح الإيرانية الاميركية ترقص على جثث الابرياء هناك. نحن أعلنا الحرب على ارهاب نظام بشار الاسد وارتكابه لجرائم بحق شعبه، وقت ان وقعت واشنطن وطهران الاتفاق النووي، مقابل سكوت واشنطن على جرائم بشار، كل ذلك لن ننساه يا اصدقاءنا الغربيين لأننا لا ننسى التاريخ. ولهذا فإن على الخليجيين قراءة التاريخ جيدا مرة أخرى، ليعرفوا ان الغرب لا قيم ولا مبادئ له الا مصلحته. ومصلحتنا الآن هي ان نحمر العين عليه ونقوله له “نحن خليجيون متحدون ولن تستطيع المساس بنا ان رفضا لعبتك هذه، اذهب انت وأحفاد كسرى وقاتلوا الإرهاب. فبالنسبة لنا القضية هي: إرهاب يقاتل إرهابا. أليس ذلك يا أهل غزة يا من اكتويتم بنار الارهاب؟.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية