العدد 2197
الإثنين 20 أكتوبر 2014
banner
المسؤولية الاجتماعية في ثقافة المجتمع البحريني أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
الإثنين 20 أكتوبر 2014

يمثل ترابط المجتمع الأرضية الصلبة التي يمكن من خلالها حلحلة الكثير من الملفات المجتمعية بالمعاضدة للمؤسسات الرسمية للدولة؛ إذ إنه دون وجود هذه الثقافة في المجتمع ستظل المؤسسات الرسمية غير قادرة – بحكم الظروف – على تغطية مختلف نطاقات احتياجات المجتمع وتجويد أدوات تحقيقها وتلبيتها.
إن مفهوم المسؤولية المجتمعية يعني وعي الأفراد والمؤسسات الأهلية في المجتمع المدني بنطاق الدور الإيجابي الذي ينبغي أن يتناغم ليتلاحم ويتكامل لتغطية مختلف احتياجات المجتمع، وهذا من دون شك يستلزم بناء منظومة متكاملة تقوم على أرضية صلبة لنشر هذه الثقافة في المجتمع، والتي ترتبط ببعد إنساني تعكسه مدنية الإنسان وميله إلى التعايش مع أخيه الإنسان، وترتبط ببعد تعبدي يقترن بوحدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، حيث تمثل الأخوة الإسلامية رابطاً وثيقاً ينبغي التأكيد عليه كقاسم مشترك يقتضي بلورة الإحسان وبناء منظومة المسؤولية الاجتماعية في ثقافة المجتمع بناء عليه، هذا بالإضافة إلى رابط المواطنة الذي يستوعب ببعد إنساني وديني مواطنة الإنسان بانتمائه لأرضه، وحبه وعشقه لخدمة المواطنين ممن تجمعه به نطاقات ولاء لقيادة واحدة، ولأرض واحدة، ولمعطيات مجتمعية تعبر عن القواسم المشتركة للمجتمع.
وفي المجتمع البحريني نجد أن ثقافة المسؤولية المجتمعية وإن كانت ذات وجود مؤسسي واضح تمثله المؤسسات الخيرية والمجتمعية والمؤسسات ذات النفع العام، إلا أن هذا الوجود فيه نوع من البعثرة والعشوائية والنغمة الطائفية التي لا تخدم المجتمع ببعده الذي يعكس مواطنة واحدة تعكس انتماء واحداً ينبغي من خلاله أن تجتمع الأفئدة على بذل المساعي الصادقة لتحقيق الخدمة الجادة من خلال ثقافة تسود في مختلف أوساط طبقات المجتمع على اختلاف مستوياتها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية؛ ليتكامل العقد ويكون المجتمع أكثر تماسكاً وقدرة على تجاوز مختلف التداعيات.
وإذا كانت المسؤولية المجتمعية تمثل حجر الزاوية في بناء وتنمية المجتمع، فإن ذلك يستلزم دعم بنائها على الصعيد المؤسسي والأهلي، فأما الدور المؤسسي الرسمي فيتمثل بسن التشريعات وإصدار القرارات لتنظيم عمل مختلف الكيانات لتقوم بدورها في خدمة المجتمع على أكبر نطاق، وما يتعلق بتمويل هذه القطاعات وآلية بناء أرضية صلبة لتحقيق الاستدامة في هذا التمويل بما من شأنه ضمان تطوير الخدمات التي يقدمها القطاع، وأما الدور الأهلي فيتمثل بدعم ونشر ثقافة التطوع وفق منظومة الجودة الشاملة التي تحقق أفضل الخدمات لمختلف قطاعات المجتمع، مع التأكيد على استيعاب احتياجات المجتمع المختلفة على نحو من شأنه أن يحمي المجتمع من أمراض التفكك الاجتماعي والفقر التي تشيع في المجتمع وتنتشر في مدنه وقراه بسبب الفراغ الذي يتأطر من خلاله نطاق المسؤولية الاجتماعية المتماسكة والقادرة على استيعاب حاجات المجتمع.
وإذا كانت الدولة بنطاق مسؤوليتها الرسمية مطالبة بجانب من الأدوار التي يتعين من خلالها صناعة المسؤولية المجتمعية في ثقافة المجتمع، فإن قيادات النخبة في المجتمع مطالبة بأن تستوعب مسؤوليتها في بناء الدور الريادي لثقافة التطوع، والذي يستلزم تكامل دورها لنشر هذه الثقافة وبناء منظومتها بجدية ووفق بعد استراتيجي مدروس تتناغم من خلاله جهود من يمثل النخبة في المجتمع إلى جانب الدور الرسمي الذي ينبغي أن يمثل أرضية صلبة لبناء ثقافة المبادرة في هذا النطاق، مع استيعاب احتياجات المجتمع الآنية والمستقبلية من خلال تحقيق الاستدامة المقترنة بجودة العمل، وهذا من دون شك سيخلق مجتمعاً متماسكاً وقادراً بتلاحمه على تحقيق التطلعات والآمال.
   
زبدة القول
تمثل صناعة المسؤولية المجتمعية جانباً مهماً في ثقافة المجتمع، حيث تعكس هذه الصناعة تحقيق الكثير من التماسك والتعاضد المجتمعي ضمن إطار يقترن ببعد إنساني وديني ووطني تتأطر من خلاله جهود النخبة الصادقة في قيادة المجتمع وتحقيق ريادته وتلاحمه وتماسكه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .