العدد 1570
الخميس 31 يناير 2013
banner
ما قدمته الثورة لمصر وما قدمه لها المعارضون د.عمران الكبيسي
د.عمران الكبيسي
الخميس 31 يناير 2013

بدءا يعلم الجميع أن ثورة الربيع العربي في مصر وغيرها حراك شعبي عفوي ضد الاستبداد والفساد، ركبت موجته الأحزاب واختطفته، وهذا ينفي نظرية المؤامرة عن الربيع العربي وشبهة التخابر مع الخارج التي يتبناها ظلما بعضهم، فالشعوب لا تتآمر على نفسها، وثانيا لم تكن الثورة من اجل الخبز إنما طلبا للحرية والكرامة، وعلى هذا الأساس نحتكم، فماذا أعطت الثورة لمصر وماذا قدم لها المعارضون، فمصر أكبر دولة عربية تعقد عليها الآمال العربية، وتواجه اليوم خطرا داهما يستدعي الوقوف أمامه بحزم وطني وعربي.
الثورة خلصت مصر من الطغمة الحاكمة وزمر النصب والفساد، وسيطرة العسكر وسطوتهم، وأعطت للمصريين الكرامة، ومنحتهم سقف حرية لم تتمتع به شعوب دول العالم الثالث، هيأت لهم انتخابات نزيهة لمجلس النواب والشورى، واستفتاء منح الشعب حق إقرار الدستور أو رفضه، واختيار رئيس البلاد على دورتين بانتخابات لم يشكك بنزاهتها.
وليس من بين المصريين من ينكر اليوم أنه يتمتع بحرية لم تكن متاحة له، حق التظاهر والاعتصام مكفول، وحرية التعبير بالكلمة المكتوبة والمسموعة والصورة مباحة، وصار المواطن يتهم الرئيس وينتقده ويسخر منه ويطالبه بالحقوق ناهيك عن مهاجمة الحكومة ووزرائها والحزب الذي يقف وراءها إلى حد الانفلات والفوضى، بذريعة أن الشعب لم يألف أجواء الحرية والانضباط بعد كبت طال نصف قرن، لقد أسرف المعلقون في الفضائيات على أنفسهم، وشط الصحافيون بالبنط العريض مستغلين أجواء الحرية. ولم يسجن احد أو يعتقل بجريرة أفكاره ومعتقداته، وعادت للمصري ثقته بنفسه، وصلته بأمته، وأصبح لمصر على الصعيد القومي والدولي شأن ودور يشار إليهما. كل ذلك خلال ستة أشهر من انتخاب الرئيس فماذا قدمت المعارضة وقادتها لمصر؟
الواقع لا نعتقد بوجود معارضة في مصر، إنما هناك شخصيات معارضة من ذوي التاريخ الأسود المشبوه بارتباطه الخارجي، كانوا جزءا من النظام السابق لم يعرفوا المعارضة، ولا الكفاح والنضال والسجون والمعتقلات، كنا نتمنى وجود معارضة وطنية منظمة تسد الفراغ فإذا هم فلول النظام السابق ولاسيما في حقلي الإعلام والقضاء، بقايا فقدت امتيازاتها وتعاونت مع الشياطين الجدد ممن تجاوزهم قطار الانتخابات وصاروا يستغلون المناسبات يدعم بعضهم بعضا دفاعا عن مواقعهم ومراكزهم، ولا يرضيهم التغيير ويطالبون بالإصلاح كذبا، همهم وضع العوائق أمام كل خطوة يخطوها رئيس الدولة والحكومة إلى الأمام، وسخروا القضاء والإعلام لمآربهم.
في مصر اليوم لا توجد معارضة وطنية منظمة، هناك شباب ثائر يحب مصر، شغفته الحياة الغربية من خلال الأفلام والفضائيات، كسر حاجز الخوف، لهم مطالب محقة، ولكنها لن تتحقق بعام ولا بخمسة أعوام فالتركة الماضية ثقيلة، يتظاهرون فيستثمرهم دهاقنة السياسة الملوثين ممن لم تعد تعنيهم مصر ولا مستقبلها، وصاروا خيمة للفلول والمتطفلين والبلاطجة والخارجين عن النظام والمرتبطين بالخارج يمهدون لهم لضعاف النفوس تربة العمالة والخيانة شعروا أم لم يشعروا، ومعارضتهم من أجل المعارضة.
ما حدث في مصر بدءا من تكتل القضاة إلى إحراق مراكز الشرطة والمؤسسات ومقرات الأحزاب، وحوادث السير، وكارثة ملعب بورسعيد وما تلاها من فتن، وإثارة الأقباط طائفيا، وترويج الإشاعات المغرضة وكل يوم مسيرة وتظاهر ويرفضون الحوار ويملون خياراتهم، هدفهم دفع الحكومة الفتية إلى الانحراف عن خط سيرها الديمقراطي والإضرار بمصالح الناس وإشاعة الفوضى وتدمير الاقتصاد، وتأخير الانتخابات البرلمانية، هذا الحراك لم تألفه مصر هو ليس من فعل معارضة وطنية منظمة وإنما من فعل أيادي مندسة وأصابع خارجية خبيثة؟ الخوف على مصر اليوم ليس من الأغلبية التي فازت بالصندوق، وإنما من الأقلية العابثة، وقد اجتمعت على تحطيم أماني الآمة وأحلامها وتطلعاتها، ولكن الله لن يخذل جنده، وقد وعدهم بالنصر “الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ” آل عمران 173.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية