+A
A-

فيصل جواد ... بين حنين الذكريات وأروع قصص النجاح

حوار - زينب العكري
عندما تجلس مع رجل الأعمال فيصل جواد وتتبادل معه حديث الذكريات، يشعرك هذا الرجل بمتعة الماضي وطموح المستقبل، إذ دائمًا ما يضع أمامه أن التجارة مغامرة لابد من خوضها والسعي لتحقيق النجاح فيها، وإذا ما تحققت فهي إخفاقات لابد من التعلم منها، له تجربة طويلة ومتميزة في العمل التجاري. أسّس والده “مجموعة جواد التجارية” واشتهرت الشركة في المملكة بعدد وكالاتها الكبيرة والتي تفوق 100 وكالة، وبمختلف الأنواع والمجالات، منها في القهوة ومطاعم الوجبات السريعة والأزياء، استضافنا بقلب مفتوح ليسرد لنا بعضًا من ذكرياته فكان لنا معه هذا اللقاء الشيق:
حدثنا عن بداية النشأة والدراسة؟
ولدت سنة 1953م، ونشأت في المنامة “فريج الحمام” عشت فيه حتى العام 1966م، ثم انتقلنا إلى منزل في شارع الشيخ عيسى (بناية مكاتب شركة جواد حاليًّا) الموجودة في نفس المنطقة، وكانت خطوة جديدة بالنسبة لي لأنها بدلت حياتي بعد ابتعادي عن أصحابي وزملائي بالرغم من أن المسافة بين المكانين لا تتعدى 300 متر، ولكنها في تلك الأيام كانت كما الانتقال من قرية إلى أخرى.
في العام 1958م درست المرحلة التحضيرية في المدرسة الشرقية الكائنة في منطقة رأس رمان لمدة 4 سنوات، وهي عبارة عن منزل تم تحويله إلى مدرسة تلك الفترة، ومن ثم درست المرحلة الابتدائية في مدرسة الوسطى والتي سميت بمدرسة الإمام علي لاحقا لمدة سنتين، وفي العام 1965م أكملت المرحلة الإعدادية بالمدرسة الغربية ومن ثم الانتقال إلى مرحلة الثانوية العامة.
في العام 1970م سافرت إلى بريطانيا لاستكمال الدراسة الجامعية، حيث نلت شهادة الدبلوم في مجال إدارة الأعمال العام 1974م من ثم أسست مجموعة جواد التجارية.

ما الذكريات القريبة على قلبك منذ الصغر؟
تستحضرني ذكريات الطفولة واللعب في “الفريج” خارجًا، أولاد الجيل الجديد لا يلعبون خارج المنزل كثيرًا، وعند ذهابي للقرى أرى بعض الأطفال يلعبون في الشارع، ولا خطر عليهم، بل برأي أن ذلك يعطيهم فرصة لاكتساب خبرة أكثر ليصبحوا رجالاً أقوى من الذين يتربون داخل المنزل.

متى كانت أولى بداياتك مع العمل التجاري؟
بدأت منذ يوليو 1974م بصورة رسمية، وقبل التخرج كنت أتردد “على المحل” بشكل دوري، كنت أعتبره مثل مدينة ألعاب، ففي تلك الأيام كان الموضوع غريبًا وجديدًا.

ما سر اهتمام مجموعة جواد بالفرنشايز أو الوكالات (الامتياز)؟
أول تجربة لنا في العام 1981م، مع مطعم “ديري كوين”، كنا وكيلاً معينًا من وكيل عام في الكويت، وهي شركة الغانم، بعد أن امتلكت “ماستر فرنشايزي” من ديري كوين ليكون الوكيل المعتمد لمنطقة الشرق الأوسط، تواصلنا مع المطعم وكان ردهم بوجود وكيل عام في المنطقة وبقينا أمام خيارين إما ترك الموضوع وإما الاستمرار فيه، فقرّرت الاستمرار بأخذ الوكالة من الغانم في الكويت، التجربة غريبة وجديدة وكانت ناجحة لأن “الفرنشايز” عبارة عن تطبيق بعض الأمور المقررة من الشركة الأم كما الكتيبات في السلع.
بعدها دخلنا في “فرنشايز” أكثر بسبب أن مغامرتنا الأولى نجحت وأثمرت علينا بربحية جيدة، فبدأنا بجلب شركات أخرى للبحرين.

افتتحتم أول مطعم أسماك في البحرين، أخبرنا عن تلك التجربة؟
دشنا مطعم السفينة العام 1965م، تحت مسمى مطعم “ميناء سلمان” الذي أنشئ العام 1958م، مع بعض الخدمات المجاورة للميناء والمحلات مع محل المطعم والذي سعى والدي بحسب علاقاته واتصالاته مع وزارة المالية في تلك الفترة مع المرحوم يوسف الشيراوي لاستئجاره، في فترة الستينات كانت وزارة المالية مسؤولة عن كثير من الأشياء منها أملاك الدولة والموانئ والمطارات وحتى السجلات التجارية.
استأجر والدي المحل ليبنيه ويجهّزه كمطعم يطل على البحر وفعلاً أسّس مطعمًا ممتازًا جدًّا بكوادر رائعة ونوعية أكل ممتازة وفريدة، ويومها كان يضاهي مطاعم منطقة الشرق الأوسط مثل القاهرة وبيروت، وكان أكثر الطباخين من مصر واليمن من الدرجة الأولى، وواحد منهم كان الطباخ الشخصي للملك حسين ملك الأردن، وأتذكر أن زواج للعائلة الحاكمة في الستينات جهزنا جزءًا كبيرًا من مأكولات الزواج وأرسلناه من مطعم ميناء سلمان لمكان الحفل.
افتتح المطعم رسميًّا من قبل سمو الشيخ محمد بن سلمان آل خليفة أخي الأمير الراحل صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة وعم جلالة الملك، كان يرتاده أفراد من العائلة الحاكمة والوزراء وضيوف البحرين، وفي فترة السبعينات والثمانينات أصبحت المنطقة صناعية بحتة وأصبح الوصول للمطعم والوقوف أمامه صعبًا جدًّا، وفي نهاية الثمانينات جدّدنا المطعم واستبدلنا الاسم بـ “السفينة”، وأضفنا قائمة طعام جديدة تتضمن أكلات بحرينية بجهود أختي “أم جواد” التي أضافت للائحة الطعام أكلات مثل المجبوس وصالونة السمك، والسمك الصافي والهامور الصغير.
في شهر يوليو العام 2001م، شبّ حريق كبير بالمخازن المرتبطة بالمطعم فقضى عليه الحريق تمامًا مما تطلب تطويره من جديد، لذلك ارتأينا أن المطعم لن يستطيع أن ينهض مجددًا كالسابق، فلقد أنفقنا عليه الكثير، وهكذا انتهت صلاحية المطعم، خصوصًا أننا كنا مهتمين بالتجارة الأهم وهي فرنشايز المطاعم الأخرى الأجنبية ومحلات الأزياء، والمطعم كان جزءًا صغيرًا من اهتماماتنا.

كيف ترى بيئة الأعمال في السابق والآن؟
فترة الستينات كان فترة تأسيس الشركات العائلية، فالبحرين كانت كخلية نحل على صعيد بناء المؤسسات في التجارة والاستيراد والبترول والغاز وغيرها.
وكانت السبعينات فترة نمو ما بعد التأسيس، ثم في الثمانينات جاءت فترة الطفرة لكثير من الشركات، كما أن الدولة استفادت كثيرًا من تراجع الاقتصاد في البلدان المجاورة مثل لبنان التي دخلت في حرب أهلية منتصف السبعينات، ومما ساعد المملكة وجودها كمركز تكنولوجي قائم والاتصال الإلكتروني مع العالم وبها شركة أجنبية هي شركة “CABLE & WIRELESS” قبل أن تصبح شركة وطنية ومطار متطور وميناء ولغة أكسبها حصة من خسائر لبنان من خلال دخول البنوك والشركات إلى البحرين نهاية السبعينات، إضافة لوجود فنادق لم تكن موجودة، فتم البدء بإنشاء فنادق 5 نجوم جديدة لاستقبال الزوار للأعمال والسياحة.

كم يبلغ عدد وكالات مجموعة جواد؟
لدى مجموعة جواد 4 أسس وأقسام منها السوبرماركت وبيع المواد الغذائية بالجملة والمطاعم والأزياء، وعددها يفوق 100 وكالة، خلافًا عن كثير من الشركات التي نعمل معها وتواجه تقلبات السوق، مما أدى لاختفاء كثير من الوكالات التي كانت موجودة لدينا مثل الأزياء لأسباب تجارية في بلد المنشأ.

مجموعة جواد لديها تجربة هي الأولى من نوعها عبر افتتاح مطعم في أفغانستان رغم ظروف الحرب هناك؟ افتتحنا فروعًا في أفغانستان واربيل في كردستان، والتجربتان مختلفتان تمامًا، تجربة أفغانستان عند تشريع القوة الغربية ومحاربة القاعدة هناك أسست القوات الأميركية قواعد داخل أفغانستان مع وجود جنود في الغربة، ذهبنا إلى هناك عن طريق القوات الأميركية كتابعين لهم.
قمنا بافتتاح مطعمي “ديري كوين” و “بابا جونز” داخل قاعدة حربية أميركية في أفغانستان، حتى موظفينا كانوا يسافرون في طائرات حربية أميركية ويحضرون إلى القاعدة دون سجل تجاري أو فاتورة كهرباء أو حتى ضريبة حيث نعتبر جزءًا من أميركا هناك.

هل لمست عن كثب تلك التجربة؟
للأسف لم أستطع الذهاب إلى هناك، كنت أود ذلك، لكن الرحلات كانت محددة بأوقات معينة وبطائرة نقل حربية، الآن تم إغلاق المطعمين بعدما قلص الأميركان عملياتهم داخل أفغانستان.

وماذا عن كردستان؟
تواجدنا هناك من خلال تأسيس شركة عراقية بحرينية مع عراقيين كانوا مقيمين في البحرين لفترة طويلة، اقترحوا علينا العمل في العراق خصوصًا أنها في مرحلة متطورة بعد الحرب، والعراقيون كانوا من مناطق في أربيل والسليمانية والتي تعتبر مناطق آمنة مقارنة بوسط وجنوب العراق، أسسنا شركة بحرينية عراقية للتجارة هناك، حيث امتلك الشركاء العراقيون محلات ممتازة وجاهزة في أطراف مدينة اربيل، افتتحنا 3 محلات للمجموعة هي محل للقهوة و “بابا جونز” و “ديري كوين” وما زلنا مستمرين هناك، والعمليات ناجحة ومربحة، ومن ضمن الخطة التطور وفتح فروع أخرى ولكن الموضوع يحتاج لقليل من الصبر حتى تتطور المنطقة بأكملها.

ما نصيحتك لرواد الأعمال من أبنائك؟
صوفيا ابنتي افتتحت محلاً مؤخرًا، درست وتخرجت من أكبر جامعات لندن للأزياء، حيث درست تصميم الأزياء ونجحت وحصلت على شهادة مهمة، عملت بعدها لفترة سنتين تقريبًا لوحدها تدير محلاً لبيع الأحذية في مجمع السيف ثم طورته وأدخلت الأزياء عليه.
الشركات الأجنبية وبعض البنوك يريدون استمرارية الشركة ليس مع الجيل القديم فقط وحتى تنجح الشركة وتكون ذات قيمة لا بد أن يكون فيها جيل ثان أو ثالث من المدارس الحديثة، وفي مجموعة جواد لدينا قسم كبير من العائلة في عدة أقسام في الشركة، وبما أن خلفية ابنتي صوفيا في الأزياء تم توظيفها هناك لترتبط برؤساء قسم الأزياء حتى تتدرج في العلم لتكون ملمة وعلى بينة عن تلك الأعمال مع الشركات الخارجية لتستطيع مواكبة العصر، كما أن ابني كريم وأبناء إخواني المرحومين علي وجعفر جواد معنا كذلك، ويديرون أقسامًا مهمة في المجموعة.
أنصحهم بأن يكونوا حاضرين بصورة دائمة فوجودهم يخلق فرصًا قيمة عند سفر الزملاء أو إجازة مرضية والحاجة لوجود شخص للقيام بأعمالهم إذ يتم إثبات الجدارة بتلك الطريقة.

كيف تقضي أوقات فراغك؟
أحب القراءة كثيرًا وللأسف اكتسبت هذا الحب في مرحلة متأخرة من عمري، أحب قراءة تاريخ بلدان المنطقة مثل تاريخ البحرين والعراق ومصر ومنطقة الشام، إضافة للكتب المتعلقة بالتكوين والكتب التي تقارن الحياة بالقرآن، والكتب المقارنة بين الكتب السماوية والقرآن، أنظر للقراءة أنها تزيدني علمًا على كبر.
إضافة إلى أني أحب أن يكون لدي نوع من اللياقة، حيث أقضي يوميًّا فترة في التدريب ليس لخسارة الوزن وإنما للمحافظة على اللياقة البدنية.

ماذا عن القراءة وعن آخر كتاب قرأته؟
هو كتاب يتحدث عن تاريخ العراق الحديث، وله فصول عدة تتحدث إلى حقبة ما قبل الحكم العثماني وبعدها.

وما الرياضة التي تحب مشاهدتها، أو تزاولها؟
أحب متابعة رياضة التنس الأرضي، كنت أزاول لعبة الريشة خلال فترة تعرفي بأصدقاء منذ 25 سنة تقريبًا، وكانوا يلعبون التنس الأرضي أكثر من الريشة، واللعبتان مختلفتان، فلعبة الريشة فيها جهد أكثر بـ5 أضعاف من جهد التنس، حيث تختلف طريقة اللعب في الريشة باليد فقط، أما التنس فيتم لعبها بالذراع كاملاً ووزن الريشة يختلف عن الكرة، لذا لم أوفق بين اللعبتين وألغيت الريشة وبدأت بالتنس الأرضي.

ما أول سيارة امتلكها فيصل جواد؟
أنا محظوظ جدًّا بسبب أن والدي رحمه الله كان يخاف علي كثيرًا من موضوع السيارات، لذا أهداني سنة 1968م مرسيدس صالون بأربعة أبواب من الوكيل الحداد وقوتها 200 بسعر 1800 دينار، لم تكن سريعة ولكن والدي كان يؤمن كثيرًا بالمرسيدس عامة، حيث كانت بالنسبة له من أقوى السيارات وكان يقول دائمًا “لا تصدم سيارة مرسيدس ولا تخليها تصدمك”، امتلك والدي حب تلك السيارة بسبب زياراته الدائمة إلى بيروت والقاهرة في فترة الستينات وكانت سياراتهم أغلبها مرسيدس.

ما هو ترتيبك بين إخوانك وأخواتك؟
نحن 8 أخوة، أنا الخامس، قبل أخي الكبير علي و3 أخوات وثم أنا وبعدها أخي الصغير جعفر وأختان.

كم عدد أبنائك وأحفادك؟
لدي 3 أولاد وابنة، وحفيد وحفيدة.

ما البلد التي تحب السفر إليه دائمًا؟
أحب تركيا كثيرًا، وهي قريبة لي، ومنذ 26 عامًا تقريبًا أسافر لها سنويًّا مع عدد من الأصدقاء من البحرين وقطر لنمارس رياضة الإبحار، إذ أحب تلك الرياضة كثيرًا لما فيها من سكون ومحدودية الأنشطة بسبب وجودنا في وسط البحر، نبحر لمدة أسبوع أو أسبوعين، وأمارس خلالها القراءة كثيرًا، تركيا بلد عظيم ويمتلك تاريخًا كبيرًا ونزور خلال الفترة في حدود 10 إلى 15 ميناء.
كما أحب زيارة بريطانيا بسبب ذكريات الدراسة، وأحبها في فترة الصيف، وأملك أصدقاء من مختلف الجنسيات مقيمين هناك درست معهم من قبل 46 سنة وما زال لدي اتصال معهم.