+A
A-

المعارضة السورية تطالب أميركا بموقف صارم من روسيا قبل محادثات السلام

باريس/الأمم المتحدة ـ رويترز: طالبت فصائل سورية معارضة الرئيس الأمريكي باراك أوباما امس الأربعاء باتخاذ موقف أكثر صرامة لوقف حملة القصف الجوي التي تشنها روسيا دعما لهجوم القوات الموالية للرئيس بشار الأسد والذي يهدد بإجهاض محادثات جديدة تجري هذا الأسبوع.
وتجتمع القوى العالمية في ألمانيا اليوم الخميس في محاولة لإحياء مساعي السلام لكن في ظل دعم موسكو لمساعي الحكومة من أجل انتصار عسكري شامل فإن وفود المعارضة ومسؤولين غربيين لا يرون بصيص أمل يذكر في تحقيق انفراجة ملموسة.
وعلق مبعوث الأمم المتحدة الخاص بسوريا ستافان دي ميستورا أول محاولة في عامين للتفاوض على إنهاء الحرب السورية بعد هجوم هو الأول من نوعه من القوات الموالية للأسد بدعم من الضربات الجوية الروسية ضد المعارضة المدعومة من الغرب.
وفي محاولة لمنع انهيار المساعي الدبلوماسية لإنهاء الحرب المستمرة منذ خمسة أعوام يضغط وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من أجل وقف إطلاق النار وتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة قبل اجتماع اللجنة الدولية لدعم سوريا في ميونيخ.
لكن مصدرا دبلوماسيا في الأمم المتحدة قال إن روسيا “تخدع كيري” بغية توفير غطاء دبلوماسي لهدف موسكو الحقيقي وهو مساعدة الأسد على تحقيق نصر عسكري بدلا من تقديم تنازلات على مائدة المفاوضات.
وقال المصدر الدبلوماسي طالبا عدم نشر اسمه “من الواضح للجميع الآن أن روسيا لا تريد فعليا حلا من خلال التفاوض لكنها تريد للأسد أن ينتصر.”
وقالت بثينة شعبان مستشارة الأسد لرويترز في دمشق يوم الثلاثاء إن هدف الجيش من العمليات العسكرية الجارية في شمال البلاد هو تأمين الحدود مع تركيا وإعادة بسط سيطرته على مدينة حلب مضيفة أنها لا تتوقع نجاح الجهود الدبلوماسية ما دامت هناك دول “تدعم الإرهاب في سوريا”.
وقال معارضون إنهم سيذهبون لميونيخ وسيشاركون في محادثات السلام التي تتوسط فيها الأمم المتحدة في وقت لاحق هذا الشهر لكنهم دعوا أوباما لأن يكون أكثر حزما مع روسيا بشأن القصف.
وقال سالم المسلط المتحدث باسم المعارضة السورية لرويترز “أعتقد أن يمكنه بالفعل وقف الهجمات الروسية على السوريين. إذا كان يرغب في إنقاذ أطفالنا فهذا هو وقت قول ‘لا‘ لتلك الغارات على سوريا.”
وأضاف “أعتقد أنه يستطيع فعلها لكننا نستغرب حقا لعدم سماع هذا منه. لابد أن يوقف شخص ما (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين ودكتاتور دمشق. لا اعتقد أن روسيا قوية جدا لكن بعض الضعف من الجانب الآخر جعل بوتين يتصرف على هذا النحو.”
وشكك وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس الأربعاء في مدى التزام الولايات المتحدة بحل الأزمة السورية.
وقال فابيوس للصحفيين “هناك غموض يكتنف المشاركين في التحالف.. لن أكرر ما قلته من قبل بشأن الخطة الرئيسية للتحالف... لكننا لا نشعر أن هناك التزاما قويا بتحقيق ذلك.”
وأضاف “عندما نجمع وحشية (الأسد) وتواطؤ روسيا وإيران والغموض السياسي يكون الناتج المأساة التي تحدث في حلب”.
وتقول جماعات معارضة إنه رغم أن واشنطن ضغطت عليهم للمشاركة في محادثات السلام فإنهم لا يرون مساعدة تذكر في الميدان. وتلقى النداءات للحصول على صواريخ مضادة للطائرات للتصدي للهجوم الأحدث آذانا صماء.
في الوقت نفسه انتقدت تركيا دعم الولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا قائلة إن عجز واشنطن عن فهم الطبيعة الحقيقية له حول المنطقة إلى “بحر من الدماء.”
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان “هل أنتم في صفنا أم في صف الإرهابيين من حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي؟”.

الموعد المستهدف:
حدد دي ميتسورا يوم 25 فبراير موعدا لعقد محادثات السلام مرة أخرى بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف.
لكن في أقل من أسبوعين تسبب تقدم القوات الحكومية السورية وحزب الله والميليشيات الشيعية التي توجهها إيران - وكلها مدعومة بضربات جوية روسية- في اختلال ميزان الحرب. وحوصر مقاتلو المعارضة داخل حلب المقسمة الآن بين الحكومة والمعارضة.
ودق هذا ناقوس الخطر بين مسؤولين غربيين ومن الأمم المتحدة يعتقدون أن هدف الحملة الروسية السورية الإيرانية هي تدمير مركز المعارضة التفاوضي في جنيف وقتل المعارضين في الميدان وتأمين أول انتصار عسكري كبير منذ بدأت موسكو قصف قوات المعارضة في سوريا في سبتمبر.
وقال دبلوماسي غربي لرويترز “سيكون من السهل تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار قريبا لأن المعارضة كلها ستكون قد ماتت.. هذا وقف إطلاق نار فعال للغاية.”
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان امس الأربعاء إن 500 شخص على الأقل قتلوا من جميع الأطراف خلال المعارك بمحافظة حلب منذ بداية هجوم للجيش السوري والقوات المتحالفة معه في أوائل فبراير.
وذكر مسؤولون غربيون آخرون أن كيري بالغ في تقدير نفوذه وقدرته على إقناع الروس. وقالوا إن وزير الخارجية الأمريكي يعتقد فيما يبدو -بما أنه حقق ما اعتبره البعض مستحيلا بإبرام اتفاق نووي مع إيران- انه يستطيع أن يفعل المثل مع سوريا.
وأشاروا إلى أن الحالتين مختلفتان. فمع إيران كانت روسيا تريد الحل السياسي بينما في سوريا تضغط موسكو من أجل انتصار عسكري للحكومة السورية.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير “الروس يلعبون لعبة القط والفأر مع كيري.”
وقال مسؤولون غربيون إنهم رغم أنه لن يكون من الصعب إقناع روسيا بالموافقة على زيادة المساعدات فإن موسكو ليست ملتزمة بشكل واضح بوقف شامل لإطلاق النار من شأنه أن يوقف الزخم العسكري لصالح الجيش السوري وداعميه الإيرانيين.

افتراضات خاطئة:
قال كريستوفر هامر وهو محلل في معهد دراسة الحرب “لطالما كانت السياسة الأمريكية تستند على افتراضات خاطئة. الافتراض الخاطئ الأساسي هو أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة في سوريا.”
وتابع قوله “نظام الأسد ليس مهتما بالحل السياسي. الروس ليسوا مهتمين بالحل السياسي. إيران ليست مهتمة بالحل السياسي. حزب الله ليس مهتما بالحل السياسي.”
وتقول روسيا إن ضرباتها الجوية تستهدف تنظيم داعش وليس المعارضة المدعومة من الغرب لكن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين يقولون إن هذا غير صحيح.
ويقول مسؤولون غربيون إن أقل من 30 في المئة من الضربات الروسية تستهدف التنظيم الذي ينفذ تحالف تقوده الولايات المتحدة ضربات جوية ضده بشكل يومي.
وبعد الاتفاق على خارطة طريق في نوفمبر بغية التوصل لوقف إطلاق نار تعثرت وساطة الأمم المتحدة من أجل إجراء مباحثات بين الحكومة والمعارضة وإجراء انتخابات في نهاية المطاف وعجزت مجموعة أصدقاء سوريا عن دفع العملية قدما.
وتوقع بعض المسؤولين بينهم معارضون أن تموت المفاوضات ببطء في الأشهر المقبلة.

مشاحنات في غرف مغلقة:
ووصف اجتماع للمجموعة في ديسمبر بأنه كان وبدرجة كبيرة عبارة عن مشاحنات في غرف مغلقة دارت حول أي من الجماعات المسلحة سيصنف منظمة إرهابية وبالتالي تمنع من الانضمام لمائدة المفاوضات.
وعُهد للأردن بمهمة إعداد قائمة وجمع مقترحات من أعضاء المجموعة. واستشاط وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف غضبا حين رأى أن أحدهم وضع اسم فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني- وهو طرف نشط في دعم الأسد- ضمن المجموعات الإرهابية.
وقال دبلوماسي غربي “اقترح ظريف أن إيران ربما تطلب إدراج وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على هذه القائمة أيضا”. وبعدها تجادل كيري ولافروف -اللذان كانا على رأس الاجتماع لبعض الوقت- حول هذا الاقتراح.
ولم تخف السعودية وقطر وتركيا رؤيتها بعدم وجود جدوى كبيرة من التفاوض في ظل استمرار القصف الروسي وتقدم الجيش السوري.
وعلى الجانب الآخر، قال مسؤول ايراني بارز مشارك في محادثات السلام السورية “هناك بعض الدول التي لا ترغب في عودة السلام إلى سوريا.”
ورفض الكرملين مزاعم بأنه تخلى عن الدبلوماسية من أجل حل عسكري للأزمة قائلا إنه سيواصل تقديم دعم عسكري للأسد لقتال “الجماعات الإرهابية” واتهم معارضي الأسد بالانسحاب من المباحثات.