+A
A-

أسكتلندا تصوت اليوم على استفتاء تاريخي للاستقلال عن بريطانيا

عواصم ـ وكالات: يتوجه الاسكتلنديون اليوم الخميس إلى صناديق الاقتراع للادلاء باصواتهم في استفتاء حول الاستقلال يمكن ان ينهي ثلاثة عقود من الاتحاد مع انكلترا ويخلق احدث دولة في اوروبا منذ انهيار يوغوسلافيا السابقة.
يحبس العالم أنفاسه لكن غالبية الدول تأمل ان يصوت الاسكتلنديون “بلا” في استفتاء اليوم. ولأسباب عدة تتراوح ما بين المصلحة الوطنية ومقتضيات الجغرافيا السياسية تصلي معظم الدول من بكين الى واشنطن ومن موسكو الى نيودلهي من أجل بقاء المملكة المتحدة متماسكة حتى لا تخلق سابقة معدية لتفكك دولة في وقت مضطرب. ومن بين شركاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي قالت ألمانيا صراحة انها تفضل بقاء بريطانيا موحدة بينما تأمل دول أخرى مثل أسبانيا وبلجيكا وايطاليا ألا يؤدي تصويت الاسكتلنديين إلى تفاقم مشاكل تؤثر على تماسكها الوطني.
ولدى روسيا والصين -وهما غالبا على خلاف مع بريطانيا في مجلس الامن الدولي- أسباب محلية تمنعهما من تمني حدوث اضطرابات في الدولة الاستعمارية القديمة في ظل حرص البلدين على اخماد رغبات الانفصال في الداخل.
أما الجماعات التي تتطلع الى ان تصبح اسكتلندا دولة ذات سيادة فهي الشعوب المحرومة من دولة مستقلة مثل القطالونيين في اسبانيا والكشميريين في الهند والاكراد المنتشرين في تركيا والعراق وايران الذين يتوق كثير منهم الى تقرير المصير.
وأوضحت الولايات المتحدة على لسان الرئيس باراك أوباما أنها تريد بقاء بريطانيا “شريكا قويا وموحدا وفعالا” لكنه قال ان الاختيار متروك لاسكتلندا.
والاستفتاء غير المسبوق في اسكتلندا اثار جدلا واسعا ومخاوف حول الاسواق المالية حيال كيفية فصل اقتصادين متداخلين الى هذا الحد.
وكان احتمال فوز مؤيدي الاستقلال يعتبر بحكم المؤكد قبل اسابيع لكنه اصبح على المحك الان بعدما اظهرت اخر استطلاعات الرأي ان نسبة المؤيدين والمعارضين اصبحت متعادلة تقريبا.
والسؤال الوحيد المطروح على بطاقات الاقتراع “هل يجب ان تصبح اسكتلندا بلدا مستقلا؟” وستفتح مكاتب الاقتراع ابوابها عند الساعة السادسة بتوقيت غرينيتش على ان تغلق عند الساعة 21,00 ت.غ. الخميس.
ومن جزر شيتلاند في الشمال الى ادنبره وغلاسكو في الجنوب ومن الغرب الى مركز النفط ابيردين شرقا ستظهر النتائج من 32 منطقة محلية خلال ليل الخميس.
ويتوقع ان تكون نسبة المشاركة عالية جدا لتصل الى مستوى قياسي فيما ستعلن النتيجة الرسمية صباح الجمعة في ادنبره.
وتقول مارغريت ديفيد (62 عاما) الناشطة في سبيل الاستقلال لوكالة فرانس برس في ادنبره “هذا وقت التغيير”. واضافت “قبل الان لم يكن احد يستمع الى الشعب، والان يشعرون بانهم يمكنهم احداث تغيير وسيتم الاستماع الى صوتهم للمرة الاولى”.
لكن في ابيردين يقول الناشط في سبيل البقاء في الاتحاد ويلي بريمروز انه “قلق” حيال احتمال فوز مؤيدي الاستقلال. ويقول “اشعر بانني اسكتلندي لكنني اريد ان اكون اسكتلنديا في اطار مملكة متحدة فدرالية وليس دولة صغيرة”.
ودعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي يمكن ان يصبح منصبه مهددا في حال استقلت اسكتلندا، الاسكتلنديين الى التصويت بـ”لا” في الاستفتاء.
وقال رئيس حكومة اسكتلندا المحلية اليكس سالموند المؤيد للاستقلال ان امته “على وشك صنع التاريخ”.
وحملة الاستفتاء اثارت انقسامات شديدة في الاراء حتى ضمن العائلة الواحدة او الاصدقاء منذ فترة طويلة لكنها بقيت سلمية، في مثال نادر لحركات انفصالية في انحاء العالم.
وسجل حوالى 4,3 مليون شخص اسماءهم للمشاركة في التصويت (97% من القاعدة الناخبة) ما يدل على الاهتمام الشديد بهذا الاقتراع الذي سيشمل للمرة الاولى الشباب البالغين من العمر 16 و 17 عاما.
ومهما كانت النتائج فان الاستفتاء سيخلف عواقب كبرى على المملكة المتحدة وابعد من ذلك.
وقد وعدت ابرز الاحزاب البريطانية باعطاء حكومة اسكتلندا المحلية سلطات قوية جديدة في مجال تحصيل الضرائب والانفاق في حال فوز معارضي الاستقلال وقالوا ان قوانين جديدة ستعد بحلول يناير 2015.
وهذا الامر تسبب بظهور دعوات مماثلة للحصول على سلطات محلية اوسع من قبل اقسام اخرى في البلاد مثل ايرلندا الشمالية او ويلز وحتى في مناطق ضمن انكلترا مثل كورنويل ويوركشير.
كما ان حملة الاستفتاء اعادت احياء نزعات انفصالية خارج بريطانيا في اماكن مثل كاتالونيا حيث احتشد مئات الاف الاشخاص في برشلونة الاسبوع الماضي للمطالبة بتنظيم استفتاء حول الانفصال عن اسبانيا.
وفوز مؤيدي الاستقلال في اسكتلندا سيفتح فترة تمتد على عدة اشهر من محادثات معقدة تؤدي الى استقلال كامل يريد حزب سالموند الحزب القومي الاسكتلندي ان يحصل في 24 مارس 2016 في الذكرى ال309 للاتحاد بين انكلترا واسكتلندا.
والشق الاكبر من النقاشات خلال الحملة كان يدور حول مواضيع اقتصادية معقدة.
ويتهم معسكر رافضي الاستقلال سالموند بالمبالغة في تقدير العائدات المرتقبة من احيتاطي الغاز والنفط في المياه الاسكتلندية في بحر الشمال فيما يقول مناصرو الاستقلال انها ستجعل اسكتلندا احد اغنى دول العالم الصغيرة.
لكن السؤال الاكبر يبقى مصير العملة وما اذا ستستمر اسكتنلدا في اعتماد الجنيه الاسترليني.
وقد هدد العملاق المصرفي “رويال بنك اوف سكوتلاند” او البنك الملكي الاسكتلندي بنقل مقره الى انكلترا اذا استقلت اسكتلندا وذلك في تصعيد جديد للمؤسسات الكبرى في عالم الاعمال البريطاني ضد هذه الخطوة المحتملة، في حين حذر صندوق النقد ايضا من مغبة فوز المعسكر الذي يدعو الى الاستقلال.
كما حذرت الشركات الكبرى بشدة من مخاطر قطع هذا التحالف الذي يعود الى اكثر من 300 عام، وضاعفت جهودها لتحذير الناخبين الاسكتلنديين من العواقب الاقتصادية غير الواضحة لانفصالهم عن بريطانيا.
لكن بغض النظر عن النتيجة فان كنيسة اسكتلندا اكدت انه ستكون هناك حاجة الى المصالحة الوطنية. وحذر رئيس كنيستها من ان اسكتلندا تواجه خطر ان تصبح بلدا مقسوما قائلا انه سيرفع الصلوات من اجل وحدة المعسكرين.