+A
A-

البحرين بحاجة لمصالحة بعيدة عن المساومة والابتزاز الطائفي

البلاد - إبراهيم النهام
قالت عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمملكة المغربية ومقررة مشروع الحماية والرصد بالمجلس جميلة السيوري إن المطالب بمسلسل المصالحة الوطنية في البحرين لا تعني استنساخ التجارب الخارجية، أو تقديم التنازلات لطرف بعينه، أو الخضوع للمساومة السياسية، فكل دولة لها تجربتها وخصوصيتها.
وأوضحت أن للمصالحة الوطنية أهمية كبرى؛ لأنها ستضع حداً لتدخل أي طرف كان، إيراني أو غيره، وأن “الإصرار على كل الأطراف لإنجاح المصالحة هو الذي سيحد من هذه التدخلات، وإلا سيظل الوضع كما هو عليه، بل وستزداد وتيرة التدخل الإيراني”.
وفيما يلي نص اللقاء:
ما قراءتك للوضع الحقوقي الراهن بمملكة البحرين؟
البحرين محتاجة اليوم لأنْ تدخل في سياق مصالحة حقيقية، مصالحة وطنية مبنية على توافقات، والكشف على الحقائق كما يجب، مع جبر الضرر المادي والمعنوي، مع ضمانة عدم حدوث أي انتهاكات كانت.
البحرين مؤهلة من الجوانب كافة لدخول هذه التجربة للانتقال نحو مرحلة إرساء حماية حقيقية وآلية حقيقية لحقوق الإنسان، وعدم تكرار الأخطاء مرتكز مهم لنجاح التجربة، حيث سيمكنها من أن تكون رائدة بالمنطقة، تجربة ستنفتح من خلالها البحرين لتحقيق إصلاحات قانونية ومؤسساتية مهمة ستستهم ببناء فكر جماعي لحقوق الإنسان.
ما الإنجاز الذي تطالبين المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان البحرينية أن تسعى لتحقيقه؟
يجب القضاء على كل التحديات عبر تزويدها بالصلاحيات الممكنة كافة؛ حتى تضمن أن تقوم بالأدوار المطلوبة منها لمراقبة السياسات القائمة، وبمقدمتها الحقوقية، ومدى مؤامة القوانين القائمة مع الاتفاقات الدولية التي ترتبط بمجال الحماية والشكاية في الادعاءات التي تتحدث عن سوء المعاملة والتعذيب بأماكن الاحتجاز وخارجه.
برأيك، هل بالإمكان تحقيق هذه المصالحة بظل التدخلات الإيرانية المستمرة بالشأن البحريني؟
لكل هذه الدواعي يجب أن تتم المصالحة الوطنية؛ لأنها التي ستضع حداً لتدخل أي طرف كان، إيراني أو غيره، وفي سياق السياسة داخل البحرين فإن الإصرار على كل الأطراف لإنجاح المصالحة هو الذي سيحد من هذه التدخلات، وإلا سيظل الوضع كما هو عليه، بل وستزداد وتيرة التدخل الإيراني.
مع تأكيد أنه يجب على كل الأطراف أن ينسوا كل الخلافات وأن يتوافقوا على برنامج مصالحة يتخطى الصدامات السابقة هو المطلب الرئيس هنا.
ما انطباعك عن الشوط الذي قطعته مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان منذ انجلاء أزمة 2011 المفتعلة؟
هي بداية البدايات، ومؤشر لبوادر إرادة سياسية حقيقية لمملكة البحرين بدخول سياسات متدرجة وانتقالية نحو انفتاح أكبر؛ لأن التعبير عن الإرادة السياسية الراهنة ليس كافيا، والمبادرات الحكومية هي التي تضمن ذلك بشكل أكبر.
ألا ترين أن محاولة استنساخ التجارب الديمقراطية الخارجية أمر صعب؛ نظراً للظروف السياسية الحرجة التي تمر بها المنطقة، والإذكاء الطائفي الإيراني، والتدخلات الإيرانية المستمرة بالشأن المحلي والعربي؟
المصالحة التي ندعو إليها لا تعني استنساخ التجارب الخارجية، أو تقديم التنازلات لطرف بعينه، أو إخضاع المصالحة لمسلسل التنازلات أو المساومة السياسية، فكل دولة لها خصوصيتها، نحن بالمغرب - مثالاً - حين أطلقنا مسلسل المصالحة والعدالة الانتقالية اعتمدنا على مبدأ الخصوصية بذلك، ولم نخرج عنها.
ماذا تعنين بالخصوصية هنا؟
أن يكون هناك توافق وإجماع للمشاركين بهذه المصالحة.
وماذا عن البحرين؟ بماذا تطالبين؟
مصالحة لا تخضع لمساومات ترجع بنتائج سلبية على الدولة ومكوناتها، وبأن تكون وفق ثلاثة مرتكزات، كشف الحقائق، إرادة حقيقية وصادقة من الجميع، وجبر الضرر المعنوي والفردي.
كيف تقرئين تحيز المنظمات الدولية المسيسة ضد البحرين الخالية من الانتهاكات وبمقدمتها منظمة هيومن رايتس ووتش، وغضها البصر عن المجازر الجماعية بسوريا والعراق الذي ذهب ضحيتها مئات الآلاف؟
المنظمات الدولية كالعفو وغيرها لا تضع البحرين لوحدها تحت المجهر، بل المغرب أيضاً، خصوصاً بالقضايا المتعلقة بالصحراء الغربية بشكل مبالغ فيه. وأفسر هذا الأمر على مستويين اثنين.
الأول ان تقارير المنظمات الدولية لا تنبني على مبادئ الرصد الدولي الصحيح والموضوعي، لماذا؟ لأنها وبتقاريرها تعتمد - بعض الأحيان - على تقارير الجمعيات المحلية، والثاني أن هذه الجمعيات لا تخضع تقاريرها للمنطق الموضوعي والحيادي والتقصي والتحري في الأحداث والادعاءات، خصوصاً ادعاءات التعذيب.
وعليه فهذه نتيجة حتمية، كون هذه التقارير لا تسير بأبعاد المدى الصحيحة، وفي بعض الحالات تكون هذه العملية لا تذهب لمداها بسبب القوانين المحلية، التي قد تحول لهذه المنظمات بالعمل الحر، هذا يكبلها، لذا تلجأ إلى المعلومات غير دقيقة -ببعض المرات - لمتابعة أوضاع حقوق الإنسان بمنطقة بعينها.
مبدأ الحماية الذي تطالبه المعارضة الراديكالية لنا هي من ينتسب لبني جلدتهم فقط، ما تعليقك؟
مبدأ المطالبة بالحماية - وفق المواثيق الدولية - يجب أن يشمل الجميع، الشرطي والمواطن والمقيم، ويجب أن توفر لهم جميعاً الحماية الكاملة، فهم متساوون بذلك.
أهم إشكال يعترض ملف المصالحة بالبحرين هو سقف المطالب للمعارضة الراديكالية، الذي يصل بمطالبتهم بإلغاء الدستور وحل البرلمان وإلغاء مجلس الشورى وحل الأجهزة الأمنية، ما رأيك؟
مسلسل المصالحة يعني الشروع والتوافق على إصلاحات تدرجية قابلة للمراجعة، ويجب أن نختار ما بين أن نسير باتجاه الإصلاح، أو باتجاه تغيير جذري، والأخير له مساره، ولا يمكن أن يتطابق مع مسلسل المصالحة.
رفع سقف المطالب والتغيير الجذري لا يمكن أن يحقق المصالحة الحقيقية، المصالحة تعتمد على تخفيض المطالب، ومقابلتها مع المطالب التي يفترضها التغيير على مستوى الهياكل السياسية والمؤسسات والحقوق والقوانين والتشريعات، وكذلك على مستوى الحكامة الأمنية.