+A
A-

70 % من القيادات الحكومية ترى أن مشكلة صنع القرار تكمن في إدارة المعلومات

أمل المرزوق:
أكد الخبير بمركز البحرين للتميز محمد بو حجي أن 70 % من القيادات الحكومية ترى أن مشكلة صنع القرار تكمن في إدارة المعلومات وليس قلة توافرها. وأضاف بوحجي أن أبرز نقاط القوة في العمل الحكومي البحريني هو توافر منظومة حكومية ذات بنية تحتية قوية، مدعومة بوجود الإنسان البحريني المحب لوطنه في كافة المواقع. أشار بوحجي إلى أن أهم ما يميز حكومة مملكة البحرين عن غيرها، هو توازنها في العلاقات مابين السلطات الثلاث “التنفيذية، والقضائية، والتشريعية”، لكنه رأى أن الحكومة في حاجة إلى أن تضغط على قياداتها وتقيسهم على كيفية صنع القرارات التي ترتقي بالمواطنين، (...) وأضاف “فيكافئ المتميز من تلك القيادات ويصحح المخطئ”. كما نوه بوحجي أنه من خلال البحث العلمي، تبين أن ما يتم تحت مسمى التدريب اليوم في المؤسسات الحكومية هو هدر واضح للأموال والطاقات، ويجب إعادة النظر فيه. وعلى صعيد متصل قال بوحجي “لم أؤمن يوماً واحداً بأن التغيير يأتي من خارج الحكومة أو من بيوت الخبرة أو المستشارين غير المواطنين”.
وذلك في حديث لـ “البلاد” هذا نصه:
كيف يمكن أن تلخص نتائج رسالة الدكتوراه التي أعددتها في مجال إدارة المعرفة وتأثيرها على تنافسية الحكومة؟
- الرسالة تدرس أثر تطبيقات إدارة المعرفة على تنافسية الحكومات والمؤسسات الحكومية من خلال تحريك القدرات الإبداعية والتعلمية لهذه المؤسسات. وقد تبين من خلال التقييم للممارسات التنافسية في الحكومة ومن خلال مشاركة 54 مؤسسة حكومية وشبه حكومية في البحث ولمدة ثلاثة سنوات إن الحكومة تحتاج أن تتعامل بجدية مع متطلبات تطبيقات إقتصاد المعرفة لكون تكون منافسة ومبدعة.. وإن هنالك عدم وعي بين صفوف القيادات العليا والوسطى بمتطلبات هذا النوع من التنافسية.

أين كانت أوجه النقص والقصور في العمل الحكومي من ناحية سرعة توفير المعلومات؟
- حكومة البحرين هي من أفضل الحكومات في المنطقة من حيث تقنية وإدارة المعلومات، وأقول هذا من الخبرة ومما تبين لي من البحث العلمي أيضا. ومن خلال بحث تم تطبيقه لسنوات متعددة 2009 و2010 و2011، وشارك به أكثر من 625 عينة من الإدارة العليا (من مستوى وكيل وزارة ووكلاء مساعدين ومديري عموم لهيئات ومديري إدارات ومن في مستواهم من المستشارين وغيره) ، ومن الإدارة الوسطى في كل الجهاز الحكومي (من مستوى رؤساء الأقسام ومن في مستواهم من المتخصصين).. تبين أن أكثر من 70 % من القيادات الحكومية لا ترى أنه يوجد هناك قلة توفر في المعلومات أو لكن هنالك مشكلة في إدارة المعلومات الكثيرة بمستوى يرتقي بصناعة إدارة سليمة للمعرفة ترتقي بتنافسية الحكومة من حيث الخروج بمبادرات واضحة وسليمة. كما تبين أن هنالك قصورا خطيرا في التبادل والنقل المعرفي بين الموظفين، وعدم وجود آليات واضحة تضمن النقل للمعرفة الضمنية المتراكمة للموظفين التاركين للخدمة الحكومية، بسبب عدم توفر بيئة تحفز الثقة المتبادلة.

ما هي التوصيات التي تقدمها لتلافي الضعف في سرعة الوصول إلى المعرفة؟ وكيف يمكن تطبيقها على أرض الواقع؟
- أولى التوصيات هو انتهاج المزيد من الضغط في طلب معلومات ومعرفة تتماشى مع متطلبات التطبيقات الميدانية من صناع القرار كمخططين ومطورين للقطاع الحكومي. فالمطلوب أن نضغط جميعًا لأن تكون مستوى نظم المعلومات والتي نحتاجها اليوم ترتقي بالقيم التي ننادي بها وهو أن تقيس مستويات العدالة الاجتماعية وجودة الحياة والتكامل والإدارة للمخاطر، وهذا سيسرع في سد الفجوة المعرفية في مؤسسات حكومة البحرين. فلا شك أن قناعات صانع القرار وعدم رضاه عن مستوى ما يحصل عليه من مادة خام ليصنع عليها قرارا إستراتيجيا ستحرك المياه الراكدة وتطور المسؤولين المعنيين بتحويل البيانات إلى معلومات وثم إلى معرفة ترتقي بسمعة المؤسسة الحكومية نفسها وتتماشى مع توقعات المستفيدين والمواطنين. كما أن الحكومة مطالبة بعمل برامج ومختبرات ميدانية تدفع وترفع من مستوى ثقافة التبادل المعرفي والثقة المتبادلة بين الموظفين وبين الموظفين والمواطنين.

من خلال خبرتك الدولية في عدة بلدان، بينها من دول مجلس التعاون وأخرى عالمية.. كيف ترى أداء العمل الحكومي البحريني مقارنة بغيره؟ وماهي أبرز نقاط القوة في العمل المحلي؟
- البحرين تمتلك من الطاقات الراقية والواثقة والمخلصة ما لا تمتلكه كل دول المنطقة وقد دخلت وعملت مع أكثر من 300 مؤسسة حكومية منذ العام 2000 وحتى اليوم وفي منطقة الخليج خاصة وفي دول مثل سنغافورة واليابان وحتى ترنداد وتوباغو. ما تملكه البحرين عموما وحكومة البحرين خاصة هو ما يردده مسؤولوها وهو العنصر البشري. فالبحريني والبحرينية (بدون مجاملة) هم أصحاب شخصية متكاملة لديهم نظرة عادلة للحياة. وهذا التقييم في العموم. ولذا أصحاب مثل هذه الشخصية حسب ما تعلمنا الحياة هم منتجون بلا شك لأنهم يرون الإنتاج جزءا من جودة الحياة إلا أننا في زمن أصبح به فارق بين الإنتاجية والتنافسية وحكومتنا تحتاج أن تعيد ترتيب أوراقها وفكرها وإجراءاتها بناء على المفاهيم الجديدة لهذا الفارق. البحرين تأخرت في خدمات رضا المتعاملين والمنطلقة من مفهوم “المعرفة” بما يريده المستفيدين منا في نهاية الأمر.. وسبقتنا دول في المنطقة يوما من الأيام كانت البحرين مرجعا لها.. ولذا جاء مركز البحرين للتميز ليعيد بناء ثقافة المجتمع المنافس.
أما أبرز نقاط القوة في العمل الحكومي اليوم في البحرين فهو توفر منظومة حكومية ذات بنية تحتية قوية، مدعومة بوجود الإنسان البحريني في كل المواقع. ومميزات حبه العملي لوطنه. كما أن تراكم الخبرات في المؤسسات الحكومية هو سلاح قوة لو أحسنت المؤسسات التعامل معه، وكذلك توفر خدمات البنية التحتية بتكاليف تشغيلية، أقل من الدول الأخرى في المنطقة تجعل المجتمع أكثر قدرة على الإستقرار على المدى الطويل، ولكن هذا لا يعني إن الجهاز الحكومي ومؤسساته يحتاج إلى الكثير من التطوير ولكن لا بد أن نقدر الجهود التي وصلت ببلادنا إلى هذا المستوى بالرغم من الإمكانات المحدودة.
إلا أهم ما يميز حكومة البحرين عن غيرها هو توازنها في الكثير العلاقات فمثلا نرى توازنا في العلاقات بين السلطات الثلاثة (السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية، والسلطة التشريعية) (بالرغم من فارق التجربة ومتطلبات الإصلاح في كل منها)، ونرى توازنا في القطاعات الثلاثة (الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني) بالرغم من نضوج كل منها.

تدربت على يد المدرب العالمي في الإدارة ماساكي أماي، فماذا استفدت من هذه التجربة؟ وكيف يمكن أن تطوع ما تعلمته في تطوير الأداء الحكومي البحريني؟
السنساي (اي المعلم المبجل) ماساكي أماي علمني أن التغيير لا يتم إلا من خلال العمل الميداني والنزول إلى ما يسميه (الجمبا) (أي مكان أصل الخدمة)، بدون ذلك يعتبر كل ما نقوم به عمل ذات قيمه غير مضافة. وعلمني أن قناعات الناس هي المستهدف وهذا المستهدف لا يتغير ولا ينصاع إلا من خلال الربط والتحدي للقيم. هذا الرجل العجوز الحكيم للعلم كان 73 عامًا عندما إلتقيته لأول مرة في 2003 في الإمارات قبل أن أبدأ ألتقيه في الهند واليابان، وكان يمشي أمامنا بين تطاير النار وشدة الحرارة في أحد المصانع.. وكان همه إدارة القناعات.. وهو ما صنع القناعة منذ حينها لدي أننا كمسلمين نحتاج أن نكون هكذا (قيادة بالقدوة وميدانيين)، وليس منظرين أو ناقلين أو مثرثرين!
مدرسة السنساي أماي هي مدرسة الحياة والتي كما أقول عنها هي أنك تمتحن وتوضع في تحدي ثم تتعلم، عكس المدارس الغربية التي تقوم على التعلم ثم الامتحان. والقطاع الحكومي يحتاج أن يكون لديه هكذا ممارسة تصنع التطوير السليم والمستمر في القطاع الحكومي والتي تقوم على حب البحث والتجربة لكي تكون لدينا مؤسسات منافسة وتساهم في صناعة بحرين ترتقي إلى العالمية في ممارساتها وأثرها على الحياة وهو ما نقوم به حاليًا من خلال ثقافة المختبرات التي تتحدى طريقة التفكير وتدفع إلى إعادة النظر في القيمة المضافة التي تقدمها المؤسسة الحكومية نحو الوطن والمجتمع.

غالباً ما نقرأ تصريحات عن ضرورة التركيز على الاستثمار في البشر، هل يمكنك أن تشرح لنا ماذا يقصد بهذا الاستثمار؟ وكيف يمكن تحقيقه فعلياً لا ورقياً؟
هنالك فرق في طرق الاستثمار في الأصول البشرية - فأنت تستثمر في الخدمات والمنتجات التي تستطيع أن تقدمها لك العقول البشرية والأيدي العاملة (بناء على مستواياتها)، وأنت تستثمر بهذه الأصول مباشرة لكي ترفعها لمستويات جديدة تخرج لك بها بإبداعات جديدة، وأنت تستثمر لكي تصنع لها تعلما يحدث لها تغيير في قناعات وثقافاتها، وأنت تستثمر بها لكي تستطيع أن تدير على مستوى المعرفة، وأنت تستثمر بها أخيرا لكي تشكل قيمة اقتصادية ومن معرفة متداخلة ترفع من مستوى مستقبل التوجهات القادمة التي ستخرج بها إستتنتاجات وممارسات هذه الأصول البشرية.
كل هذا الاستثمار المهم، بل والذي هو في غاية الأهمية ليس موجودا وممنهجا بشكل واضح وسليم ومنتظم اليوم في المؤسسات الحكومية. بل إنني أدعي من خلال الخبرة العملية ومن خلال البحث العلمي أن كل ما يتم تحت مسمى التدريب اليوم في المؤسسات الحكومية هو هدر واضح للأموال والطاقات وما هو إلا بناء جيل يظن في نظري أنه جاهز للإنتاجية ولكنه لا يعرف كم هو غير جهاز تماما للمنافسة التي ترتقي بطاقاته.
فما الفائدة أن نستثمر في الأصول البشرية المواطنة وهي قد لا تكون ترغب في أن تعمل فيما تخصصت بهن ومالفائدة أن نستثمر في تخصص ما بينما نحتاج في خدماتنا تخصصا آخر أهم، وما الحاجة أن نستثمر في طاقات ونحن لا نضع لها البرامج المصاحبة التي تمتحن وتمحص وتثبت ما تعلمته، ومالفائدة أن ندرب ونحن لا نقيس حجم التطبيق والتغيير الذي تم لصالح الجهة التي استثمرت في التدريب وبطريقة عملية وليس حسابية.

بعد سنوات على إطلاق مشروع التميز، ما هي الخطوة القادمة؟
- بعد 4 سنوات منذ بدء برنامج البحرين للتميز، اليوم نحن أكثر نضوجا وقدرة كبحرينيين على منافسة العديد من الحكومات في المنطقة، بالرغم مما نعانيه من عدم التزام بعض المؤسسات المهمة في برنامج البحرين للتميز. والخطوات القادمة أصبحت أكثر وضوحًا هو الاستمرار في المزيد من المختبرات الميدانية التطبيقية التي تحقق التنافسية للمؤسسات المتعاونة مع المركز وبحيث نصنع منها مؤسسات نموذجية ترتقي للعالمية. وتعكس صراحة لقيادة الحكومة من هم المسؤولون والمؤسسات التي تريد أن تصنع الفارق للبحرين وتسعي لتحقيق الأثر المطلوب من الجهاز الحكومي. ولكن بتوجيه من سمو رئيس الوزراء سيتم التركيز على الدائرة الخضراء بجانب مختبر التنافسية بالذات لكل المؤسسات الحكومية، وحيث سيتم السعي لوصول هذا المحاولات الاصلاحية ليلمس اثرها المواطن والمستفيد.

ماذا أضاف مشروع مركز البحرين للتميز للعمل الحكومي في البحرين؟ وكيف يمكن أن تتطور هذه التجربة؟
- مشروع مركز البحرين للتميز هو مشروع إدارة تغيير وإصلاح وتجديد لثقافة الأداء في العمل الحكومي خاصة وفي كل القطاعات عامة. حتى الآن أرى أن المشروع لم يحقق ما نصبو إليه من تغير كامل في ثقافة المؤسسات الحكومية، ولكنه بدأ يؤثر كثيرا على الإدارة العليا والوسطى للمؤسسات الحكومية المشاركة بشكل كبير. إلا إن نجاحنا هو يكمن في بناء نماذج حقيقية وميدانية تبين حجم الأثر والفاعلية والكفاءة والسرعة التي من الممكن أن تتحقق في مختلف المجالات.

يقال بأن مملكة البحرين متراجعة في العمل الإبداعي، حتى على مستوى الدول العربية.. ما هي الأسباب من وجهة نظرك؟ وكيف يمكن معالجة هذا الأمر؟
- ما يقال عن تراجع البحرين في العمل الإبداعي هو حقيقة، وإذا نظرت بحجم التغير الذي يحدث في الحكومات فسترى اليوم الحكومات في الدول المتقدمة تستعد أن تدخل في الإقتصاد التشاركي Sharing Economy والذي يقوم على الاقتصاد المنطلق من الممارسات الإبداعي والتعلمية، بعد أن تثببت نفسها في اقتصاد المعرفة. فنحن متأخرون جدا بلا شك، وبالرغم من نمونا المستمر إلى أن هذا النمو لم يحرك ساكنا في محور الإبداع في كل القياسات الدولية الرئيسية سواء التي ترد من تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي أو من تقارير برنامج الأمم المتحدة للإنماء أو من خلال تقارير البنك الدولي. وهذا ما أسميه الفارق الكبير بين النمو والتطور. فالإبداع يحتاج إلى ثقافة وممارسة وحب للبحث والتطوير، بدءا بمراكز للبحث والتطوير. انظر إلى الجهاز الحكومي مثلا فلن تجد به مركزا واحدا للبحث والتطوير غير ما أوجده ديوان رئيس الوزراء مؤخرا ومدعوما من مركز البحرين للتميز الميدانية وهذه خطوة للأمام.
ولكننا لكي نحقق تقدمًا في الإبداع نحتاج أن تكون لدينا مبادرات تعكس روح الإبداع في قطاعات الإنتاج الثلاثة، ونحتاج أن نرى القطاع الأكبر وهو الحكومة لديها برامج قياس وتطوير ترتقي بالمجتمع ومتطلباته.. وتعزز من روح الإبداع بداخله.
كيف يمكن تحسين آليات صنع القرار من خلال تعزيز إدارة المعرفة؟ بشكل عام وعلى نطاق مملكة البحرين على وجه خاص؟
- الحكومة تحتاج أن تضغط على قياداتها وتقيسهم كيف يصنعون قرارات ترتقي بالمواطنين فيكافئ المتميز ويصحح المخطئ. نحن نعرف أن صناع القرار داخل الحكومة ليسوا هواة احصائيات لكن نعرف أيضا أن القرارات السليمة بحاجة إلى فهم الأساس المنطقي والمعرفي وراء كل هذه القرارات التي تكون في الوقت والمناسب وهذه هي القيادة. إدارة المعرفة هي القوة والسر الكامن لتفوق الحكومات في العالم وليس المعرفة.
تحسين آليات صنع القرار هو تعليم جميع القيادية الوسطى والدنيا لمراحل كيفية بناء نماذج للتواصل والمعرفة تحرك وتضغط على صانع القرار في مراحل نسميها (القرصة) أو تستطيع أن تسميها صناعة الحاجة أو الرغبة في صناعة القرار في إتجاه ما وبناء على عملية من التحليل والتعليل والتعلم من المعلومات المتداخلة والذي يجب أن تعرض عليه بشفافية ليتحرك إلى مستوى جديد من الإرادة في صناعة القرار.
الحل الذي أراه للتحرك نحو الأمام أن تبدأ كل وزارة بمشاريع صغيرة تقدم بها نماذج في صنع القرار. وتبين ما هي التغييرات التنظيمية التي كانت معوقا في طريق صناعة القرار، لا سيما أننا نعرف إن صناعة القرار المبني على إدارة المعرفة تتطلب التزامًا كبيرًا في توفير المعلومات وحكرها وفي هياكل أكثر وضوحا على دائرة الصلاحيات. وكما يجب أن يتحرك الجهاز الرقابي الإداري في داخل الحكومة وفي ديوان الرقابة لقياس قيمة وسرعة دوران وتكلفة صناعة القرارات لكل عملية وأن ينبه للخسائر المادية والمعنوية والحضارية في التأخر في صناعة قرارات سليمة في الوقت المناسب كانت ممكن أن تكون فرص للتطور للمملكة البحرين، وهذه هي الملايين الحقيقية التي يجب أن يضغط عليها أيضا نواب الجهاز التشريعي.

ما هي أفضل طرق تقييم أداء العمل الحكومي؟ هل بواسطة جهات قياس خارجية أم داخلية؟ وكيف يمكن اقتراح تطوير الأداء لكل مؤسسة بما يخلق التكاملية في الطرح والعمل؟
- لم أؤمن يومًا واحدًا أن التغيير والتوصيات الحقيقية تأتي من خارج الحكومة أو من بيوت خبرة أو مستشارين غير مواطنين. ولم أؤمن كذلك بكل جهات الإعتماد والإعتراف والجهات المانحة للشهادات التي نستجلبها في كثير من الأحيان لنروي عطشا شخصيا أو مؤسسيا لنشوة الانتصار وليس لتطوير حقيقي، حتى في الدول المتقدمة والتي نستخدمها كمرجع كالحكومة الكندية والسنغافورية والسويسرية والأسترالية مثلا تجد أن مساحة الفجوة بين ما يريده المواطن وبين ما تحققه الحكومة دائما.. وستجد ذلك واضحًا في الصحف اليومية وهذه سنة الحياة التي نعيشها اليوم. لكن أهم المحركات التي تغير الحكومات التي أرى أن على مؤسساتنا الحكومية تطويرها بشرعة هي قدرتها على بناء ممارسات الإستماع السليم للمعنيين (سواء من داخل أو خارج المؤسسة)، وعكسه من خلال برامج ترضي الغالبية. وهذا يعني أن المواطن أيضا يجب أن يتغير من خلال مشاركته الفاعلة وترشيد التوقعات التي لا تنظر للحاضر واليوم ولكن تنظر للمستقبل وبشكل متوازن. هذا التغير في المواطن أيضا مسؤولة عنه الحكومة التي يجب أن تحرك لديه حب الاعتماد على الذات والنظرة إلى أن البحرين مملكة محدودة الموارد وأن عليه أن يساهم هو في تجدد مواردها من خلال دفع الذات إلى الاستقلالية مع استمرار الترشيد للأداء الحكومي. الحياة ليس دور الحكومة فقط، وكلما كنا متحضرين فهمنا أن الحياة هي أنا ما أريده لنفسي، وثم الحكومة، ومنظمات المجتمع المدني، وبجانب مسؤوليات القطاعات الأخرى والسلطات الأخرى هي تشكل لي كيف سأعيش الحياة.. وقد حان الوقت للمجتمع البحريني أن نفكر هكذا، ولا نرسم كل حياتنا حول دور الحكومة. هنا الفجوة ستنغلق وللأبد إن شاء الله!