+A
A-

المهارة أم الشهادة... لمن الأولوية في التوظيف؟

لا يمكن للثقافة العامة أن تحل محل العلم المقارن

الخبرة والاتقان يتفوقان أحيانا على الشهادات

دول شرق آسيا تركز على التدريب الاحترافي للفنيين

خريجو تقنيات المعلومات لا يحصلون بسهولة على وظائف

 

بعد أن وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا بتوجيه تعليمات لفروع الحكومة الفدرالية بالتركيز على المهارات بدل الشهادات الجامعية في اختيار الموظفين الفدراليين، اختلفت الآراء حول تفاوت أهمية الشهادات أم المهارات في التوظيف. وأشار مدير برنامج البحرين لأفضل الممارسات الحكومية إبراهيم التميمي إلى أن المهارة أهم من الشهادة هو شيء معلوم منذ زمن طويل وليس بسبب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فالشهادة هي عبارة عن معلومات منظمة، بينما المهارة هي الممارسة الحقيقية للعملية.

وأوضح  في مثال على ذلك أنه في العام 2002 أن خريجي بكالوريوس تقنيات المعلومات في العالم لا يحصلون بسهولة على وظائف، بينما خريجو برنامج سيسكو لهندسة الشبكات في 3 مستويات، فإن خريج برنامج CCNA يشغل وظيفة براتب يصل من 1200 دولار، في حين إن خريج البكالوريوس يحصل على راتب بمبلغ 1000 دولار، علما بأن شهادة الـ CCNA  دورة لمدة 6 أشهر، بينما البكالوريوس، فدراستها تمتد إلى 5 سنوات.

ولفت إلى أن الحصول على شهادة البكالوريوس وشهادة احترافية ليس مهمة في العالم، فإستراتيجيات دول شرق آسيا ترتكز على تدريب الفنيين على شهادات احترافية ودبلوم لاختزال الزمن والدخول بشكل عملي إلى السوق.

الإستراتيجية قديمة

وقال: “إن دولة الفلبين تعتمد في إستراتيجيتها منذ قديم الزمان على تخريج أفواج من الممرضين أكثر من تخريج الأطباء؛ لأن المعادلة في المستشفيات تشير إلى أن لكل طبيب 4 ممرضين، ولكل مهندس 4 رسامين للخرائط، إذ إن بعضهم يملكون دبلوما في الهندسة بينما يوجد آخرون يملكون شهادات لدورات “الاوتو كاد” للرسم الهندسي، وتعتبر هذه الدورة من دورات المهارة.

وتابع أنه في الفترة التي كان فيها طالبا في المرحلة الثانوية في بداية التسعينات كانت وزارة التربية والتعليم تخطط لأن يتم التدريب على التخصصات المهارية في المراحل المدرسية دعما لجهود التخطيط للسوق.

وبخصوص الأندية المحلية، فأشار إلى أن فريق كرة القدم بحاجة إلى مدرب واحد وفي ذات الوقت هو بحاجة إلى مساعدين كمعالج رياضي ومسعف ومحلل رياضي، وهؤلاء ذوو رواتب لا تقل عن 2000 دولار.

التطور العلمي

بدوره، رأى الخبير الاقتصادي أسامة معين أنه لا يمكن الاستغناء عن العلم بتاتا والتطور العلمي، فلا تطور للبلاد من دون العلم والتعلم.

وأوضح أن هناك أيضا معادلة مهمة في هذا السياق؛ فان العلم ليس فقط أن نحمل الشهادات، ولكن أن نعمل بها، وأن نتطور معها بالشكل الذي تكون هذه الشهادات نواة وأساسا للتطور العلمي والعملي، فما أحوجنا في بلادنا إلى ما يسمى بالبحث والتطوير وفي جميع المجالات، فهذا هو أساس الاستفادة من العلم وعليه، فان العلم والشهادة التي تقف عند الحصول عليها لا فائدة منها إلا بما يسمى التدرج الوظيفي، وعليه فان الخبرة العملية مع الأساس العلمي المتطور زمنيا لا يقل أهمية عن الشهادات العلمية”.

وأردف بأن الخبرة العملية في بعض المجالات المختلفة مهمة جدا وفي العديد من الأحيان تتفوق على الشهادات العلمية ولا تقلل من شأنها، فالخبرة الطويلة والاتقان يتفوقان أحيانا على الشهادات العليا.

وأوضح أن هذا الطرح مهم جدا، ويجب العمل به مع الاستفادة الكاملة من الخبرات العملية في المجتمع، ويجب أن يكون هناك تكامل في جميع الجهات والمراحل مع التركيز على المهارات، وليس فقط المهارات الفردية في الصناعات اليدوية، بل المهارات ذات الخبرة في جميع المجالات الاقتصادية والتجارية وغيرها وبالطبع هناك مجالات لا يمكن أن تقتصر على الخبرة كالطب والهندسة إلا إذا صاحبتها خبرات عملية.

وأضاف: من رأيي أن نلتفت إلى المهارات والخبرات بشكل عملي وبشكل أفضل وأعمق ولا نتخلى عن الشهادات العلمية؛ لأنها أساس التطوير العلمي، وهنا يكمن الاستثمار الأفضل في الإنسان.

من جهته، أشار المستشار السياسي أحمد الخزاعي بأن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بخصوص اعتماد المهارات كأسلوب أساسي لتقييم الموظفين ليحل محل التقييم المعتمد حاليا والذي يعتمد على الشهادات الأكاديمية من المؤسسات التعليمية التي تتبع قوانين صارمة في تقييم طلبتها وتأسيسهم حسب أسس مدروسة ومعتمدة أثار جدلا واسع النطاق بالذات في الأوساط العلمية الأميركية، والمعنية أساسا بالتصريح التي اعتبرته حربا غير مباشرة على التعليم الأكاديمي عموما.

وقال: “الجدير بالذكر أن الرئيس ترامب قام في العام 2004 بتأسيس Trump University مع شريكاه، مايكل سيكستون وجوناثان سبيتانلي، حيث قامت الجامعة غير المعتمدة من قبل هيئات التعليم العالي بتقديم برامج في إدارة العقارات، وريادة الأعمال وخلق الثروة، والتي واجهت الكثير من الدعوات القضائية التي تتهمها أنها مؤسسة متخصصة بالنصب والاحتيال.

واستدرك بالقول: وهو ما يثير الجدل حول قدرة الرئيس على إدارة ملف شائك مثل ملف التعليم كما تثار الشبهات حول دوافعه؛ لأنه يحاول هدم ما قام به الرئيس الأسبق باراك أوباما في عدة ميادين، منها التعليم، خصوصا أن دايان جونز الوزيرة المساعدة للتعليم في حقبة الرئيس جورج بوش والتي استقالت آنذاك بسبب مشكلات طرأت بسبب سياسات الإدارة التي تسببت بمشكلات كبيرة جدا لمؤسسات التعليم العالي لها الفضل الأكبر وراء قيامه بهذا التصريح.

معايير للخبرات

واعتبر بأن المهارات الحياتية من الأمور الأساسية لأي موظف في أي مؤسسة، متسائلا هل تتفوق المهارات في أهميتها على الشهادات الأكاديمية.

وأوضح أنه في العام 2015 قامت محطة CNN الأميركية بنشر تحقيق عن العشر مهارات الأهم التي يبحث عنها أصحاب الأعمال في الموظفين، وهي مهارات التواصل، المهارات التحليلية والبحثية، الرغبة بالتعلّم، المرونة والقدرة على إدارة الأولويات، المهارات الشخصية، مهارات قيادية وسلوك إيجابي، التخطيط والتنظيم، التمتع بمعرفة حول مختلف الثقافات، التمتع بمهارات إبداعية والقدرة على حل المشكلات، والعمل بفعالية ضمن فريق.

ونوه الخزاعي إلى أن تلك المهارات عامة وصعب قياسها وقياس أدائها مقارنة بالشهادات الاكاديمية مما سيؤثر بشكل مباشر على الإنتاجية الفعلية للمؤسسات الربحية، وبالتالي على الاقتصاد ككل، أي أنها عوامل مساعدة لا يمكن الاستغناء عنها، لكن هل يمكن لجراح المخ مثلا أو مهندس الآلات الدقيقة أن يستعيض بالمهارات مقابل الدراسة الأكاديمية فطبعا لا، مما يأخذنا ذلك لمراجعة الفكرة من الأساس، ودراستها بشكل مستفيض، أي أنها يجب أن تدرس بشكل جدي وفي حال تم التوافق على تطبيقها في أي المجالات، فما هي المعايير الواجب توافرها في كل مجال على حدة، والأهم في أي العلوم يمكن تطبيقها، حيث تقسم العلوم اليوم إلى أقسام رئيسة، هي العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية، والعلوم الشكلية والعلوم البحتة، والعلوم التطبيقية.

وختم بالقول: أظن بأنه لا يمكن تفضيل الابتسامة على البحث العلمي ولا يمكن للثقافة العامة أن تحل محل العلم المقارن بحيثياته ودلالاته.