+A
A-

“الطراريد” تغزو “الفرجان”

تحكي صور القوارب وهي رابضة على أرصفة الشوارع والساحات العامة وبالقرب من المساكن والبيوت حكايات شعب عشق البحر، وامتهن الصيد منذ عشرات السنين، وتحكي أيضا تمسك الأبناء والأحفاد بمغامرات الصيد والبحث عن المجهول في غياهيب الأفق الأزرق البعيد.

وبالرغم من شحة الإمكانات المادية لدى البعض، وقلة الحيلة لربما، يظل القارب وتواجده كجزء أصيل من الهوية، والثقافة، واليوميات، بل الروح نفسها، هاجسا ملازما، يكمل فيه الفرد يومياته المكتظة بهموم الحياة والتزاماتها، ليسرح بين الأمواج بفكره، وبعاطفته، وأفكاره المبعثرة.

ويقول بو ناصر، وهو خمسيني متقاعد، بأن البحر كان ولا يزال ملجأه الأول والأخير في السراء والضراء والفرح والسعادة والابتسامة بعادة يومية بدأت منذ أكثر من 45 سنة حين كان يخرج للبحر مع والده، في قارب صيد صغير، بلحظات صنفها بالأجمل في حياته.

ويقول “أكثر علوم الرجال، ومفاهيمهم، تعلمتها من أبي هنالك، بين الأمواج، ومع الأسماك، وقبالة المستقبل المبهم المخيف، هنالك علمني أبي الصبر، ورباط الجأش والشكيمة، والهدوء في اتخاذ القرارات، والحكمة في مواجهة الفجائية منها، البحر هو صديقي الدائم والمستمر، وأنا أحبه حتى لو عرجت لمنزلي بصيد قليل، أو نادر”.

وما بين حكايات الأولين، وشباب اليوم، تظل القوارب شاهدا على تاريخ وطن وشعب، امتهن صيد اللؤلؤ، والسمك، والخيرات العامة في أحضان البحر، والذي ينتظر دائما زواره بكل شغف وسعادة واهتمام.