+A
A-

صورة فريدة للمريخ بسماء البحرين يوم إطلاق مسبار الأمل الإماراتي

مع الحدث التاريخي الإماراتي العربي الإسلامي العالمي، وهو إطلاق مسبار الأمل، الذي يهدف لكشف أسرار غلاف المريخ الجوي، وتحديدًا أسباب عدم وجود الأكسجين و الهيدروجين في هذا الكوكب، ومعرفة كيفية حدوث التغييرات الجوية فيه، وتبادل الغازات وغيرها، فقد حرص عضو الجمعية الفلكية البحرينية والمصور الفلكي السيد علي نامدار على تصوير هذا الكوكب من سماء مملكة البحرين في فجر يوم هذا الحدث (20 يوليو 2020) لتكون صورة تاريخية عند الفلكيين تستحق الاحتفاظ بها. والسيد علي نامدار هو صاحب مرصد زحل، وقد حصل على هذه الصورة - رغم عدم صفاء الغلاف الجوي - حيث احتاج بذل جهد كبير في التصوير لمدة ساعات. تم التقاط هذه الصورة عندما كان الكوكب على ارتفاع 60 ° في السماء باستخدام تليسكوب قطره 11 بوصة من نوع سيليسترون، وكاميرا فلكية خاصة بتصوير الكواكب، وكان قدر الكوكب - 2، وشروقه في سماء البحرين الساعة 2:10 صباحا وغروبه في الساعة 3:27 مساء، وعلى بعد 0.48364 وحدة فلكية، وسيكون مقابلا للشمس تماما في 13 أكتوبر 2020 حيث سيكون أكثر سطوعا بحوالي 16 مرة نظرا لقربه من الأرض (401 مليون كم).

والفريد في هذه الصورة الملتقطة في سماء البحرين هو اكتساء القطب الجنوبي باللون الأبيض، وهو حسب تفسير العلماء المختصين عبارة عن طبقات من الثلج مكدسة فوق بعضها البعض، ويتغير حجم هذه الطبقات وتكوينها طوال العام، رغم أنها دائمة في القطب الجنوبي؛ ففي صيف المريخ، يكون القطب الشمالي مغطى بشكل دائم بطبقات سميكة من الجليد المائي - في الغالب - أما في فصل الشتاء، وعندما تنخفض درجات الحرارة على الكوكب الاحمر إلى أقل من - 125°م، تصبح طبقات الجليد المائي أكثر سمكا مع خليط من ثاني اكسيد الكربون المتجمد (الثلج الجاف) حيث لاحظ العلماء انتثار الغبار والجليد بسبب الطقس العاصف على القطب الشمالي ليصل ارتفاع الجليد إلى أكثر من كيلو متر! أما في القطب الجنوبي فإن سماكة الجليد تصل إلى 8 أمتار، ويكون الجليد دائما فيه بعكس القطب الشمالي الذي يزداد وينخفض أو يزول بسبب تقلص ضغطه الجوي إلى الثلث. تجدر الإشارة أن غلاف المريخ الجوي فيه ثاني أكسيد الكربون، والنيتروجين، والارغون، وبخار الماء، وغازات أخرى، دون الهيدروجين والأكسجين، ومسبار الأمل (مسبار العالم) يسعى لمعرفة سبب ذلك!

إن كوكب المريخ، وهو أحد الكواكب الارضية أي التي لها أرضية صلبة، يمكن ملاحظته بشكل مباشر بالتفصيل من الأرض بالتلسكوب. ورغم أن المريخ أصغر من الارض، وبحجم 11  % من كتلة الأرض، و50 % أبعد من الشمس عن الأرض، فإن مناخه له أوجه تشابه مع الارض، مثل الأغطية الجليدية القطبية، كما أن درجة حرارة غلافه هي الأكثر من بين الكواكب التي تقارب كوكب الأرض (اقصى درجة حرارة في المريخ 24°م وأقل حرارة -133°م)، علما بأن حرارة الكوكب بدأت تنخفض وزادت الاغطية القطبية فيه.

وسيكون مسبار الأمل الإماراتي ربما الأكثر سخاء في توفير صور دقيقة لغلاف كوكب المريخ أثناء رحلته حول الكوكب كل 50 ساعة لدراسة غلافه الجوي بعد انطلاق أول رحلة جوية للمريخ (مارينز فور) في عام 1965 م، وكان مرور المسبار سريع لمدة يومين (15 - 14 يوليو 1965)، وكان محدودا من حيث مساهمته في حالة المعرفة بالمناخ المريخي، ثم تلته البعثات (مارينر 6، ومارينر7)، وأعقبها برنامج فايكنغ في عام 1975.

 

د. وهيب عيسى الناصر

رئيس الجمعية الفلكية البحرينية وأستاذ الفيزياء التطبيقية بجامعة البحرين