+A
A-

كتاب الشعلة الجديد.. مسيرة نصف قرن بحمل قلم الصحافة

“البحث عن الوقائع الحقيقية وحفظها للأجيال القادمة” مقولة رائعة للكاتب المعروف جورج أورويل، مؤلف الرواية العالمية المشهورة “مزرعة الحيوانات”، وهي الحكمة/‏‏‏ الشرارة التي قادت رئيس مجلس إدارة دار “البلاد” للصحافة، الوزير السابق، الزميل عبدالنبي الشعلة، لدفع كتابه الجديد لدواليب المطبعة.

“وقفات ومواقف.. وتجربتي مع القلم” كتاب الشعلة الجديد ضمن إصدارات الدار العربية للعلوم “ناشرون” في بيروت، حيث يوثق فيه مسيرة خمسة عقود من ممارسة الكتابة الصحافية، بدأت بوادرها في العام 1971 وهي مستمرة حتى اليوم.

يرسخ الكتاب الجديد علاقة الشعلة بمداد الصحافة، فقد كان الطالب النجيب بالهند ويقود رابطة طلبة البحرين هناك، وينكب بنشاطه الصحفي مع جرائد الزمن القديم بعقد السبعينات ثم أصبح مسؤولا عن مجلة “الحياة التجارية” التي تصدرها غرفة التجارة والصناعة بعد انتخابه بعضوية مجلس ادارة الغرفة لثلاث دورات ابتداء من العام 1983.

طرق الشعلة باب صحف السبعينات، ونشر مقاله الأول عن مشكلات طلبة البحرين في الهند بمجلة “المجتمع الجديد” لمالكها إبراهيم حسن كمال، وذلك في 8 نوفمبر 1971، وفي نفس الأسبوع نشر مقاله الثاني بعنوان “بعد دخول الصين الشعبية للأمم المتحدة.. مبالغات في الآمال والمخاوف” بمجلة “صدى الأسبوع” لمالكها علي سيار.

احتضن الراحل سيار موهبة الشعلة بالكتابة والتحليل وإجراء الحوارات مع الشخصيات، وفي العطلة الدراسية بالعام 1972 التقى رئيس تحرير “صدى الأسبوع” بالطالب العائد من الهند. وعندما حان موعد العودة إلى بومباي أعطى سيار ظرفا مغلقا للشعلة، وقال له إن فيه أتعابا عن المقالات التي كتبها والمقالات التي سيكتبها مستقبلا لمدة سنة كاملة. ووصفها الشعلة بأنها “أتعاب مقالات سنة كاملة!”.

عن تجربة الكتابة بمجلة سيار، يقول الشعلة إنه تعلم الكثير وكتب المقالات وأجرى التحقيقات الميدانية والمقابلات، وركز على مقابلة السفراء الذين بدأوا في تلك الفترة بالتوافد إلى البحرين وتقديم أوراق اعتمادهم بعد إعلان استقلال الدولة.

وأمضى الشعلة قرابة 50 عاما، وبالتحديد منذ العام 1971، حاملا قلم الصحافة، ولم يغمده إلا عندما حمل حقيبة الوزارة للفترة من 1995 ولغاية 2005.

وتحظى مقالات الشعلة بـ “البلاد” بمقروئية مرتفعة وتداول واسع لدى القراء من البحرين ودول الخليج.

 

حوار مع الفاضل مقاتل بحريني بالحرب السعودية اليمنية

عمل ربّانًا لسفينة.. حَرَسَ السواحل السعودية.. ونقل الجنود والذخيرة

الملك عبدالعزيز خلال لقائه مع ملك العراق فيصل بحضور عبدالرحمن القصيبي

 

أجرى الشعلة مقابلة مع مقاتل بحريني شارك بالحرب السعودية اليمنية، التي اندلعت بالعام 1932. ونشرت المقابلة في يوم الثلاثاء 6 يونيو 1972.

حوار الشعلة مع الحاج أحمد بن مبارك الفاضل جاء بعد مرور 40 عامًا على الحرب التي قامت بين الملك عبدالعزيز آل سعود والإمام يحيى حميد الدين حول منطقة نجران.

بدأ دور الحاج الفاضل عندما اشترى وكيل ملك السعودية عبدالعزيز آل سعود بالبحرين الحاج عبدالرحمن القصيبي بشراء واستئجار سفن بحرينية لنقل الجنود والذخيرة من الحاج الفاضل.

أبحر الفاضل من البحرين كربّان لإحدى هذه السفن، وتوجهت إلى مسقط ومنها المكلا ثم عبرت باب المندب ودخلت البحر الأحمر ورست في جيزان.

أجرى الشعلة حوارا مع رئيس وزراء الجمهورية اليمنية محسن العيني أثناء زيارته للهند ونشر الحوار بتاريخ 5 سبتمبر 1972

سأله الشعلة عن نوع المهمة التي أوكلت له. وأجاب الفاضل أن المهمة هي نقل الجنود والذخائر والأسلحة من ميناء جدة الى ميناء جيزان ثم إلى ميناء الحديدة فضلا عن حراسة السواحل السعودية واعتراض السفن التي تقترب منها وتفتيشها.

وهل كانت سفن البحرين هي السفن الوحيدة التي اشتركت في هذه العمليات؟.. يرد الفاضل باشتراك سفن وبواخر كثيرة إلى جانب سفن البحرين وكانت هناك سفن من الصومال وبواخر من انجلترا وفرنسا وإيطاليا ودول أوروبية أخرى.

أما كيف وجد قادة السعودية مهمة البحرينيين، يعلق الفاضل بأن دور سفن البحرين حاز على إعجاب قائد الجيش السعودي الأمير فيصل بن عبدالعزيز فازدادت المخصصات وارتفعت الرواتب فأصبح راتب ربان السفينة 60 ريالا بعد أن كان 40 بحسب الاتفاق الذي تم في البحرين.

 

من دوافع الفشل عدم تعلم الإنجليزية

المقال الأول عن مشكلات طلبتنا بالهند

الشعلة عندما كان رئيسا لرابطة طلبة البحرين بالهند ملقيا كلمة بتاريخ 21 ديسمبر 1971 بمناسبة إعلان استقلال دولة البحرين

“المشاكل التي يواجهها طلبة البحرين في الهند” أول مقال نشر للشعلة بصحيفة محلية خلال فترة دراسته بالهند، وكان يومها رئيسا لاتحاد طلبة البحرين بالعاصمة بومباي. نشر المقال في يوم الاثنين 8 نوفمبر 1971. ومن أبرز ما تضمنه ما يأتي:

“نلاحظ أن العديد من الشباب البحرينيين الذين يدرسون في الهند سرعان ما يعودون إلى بلادهم دون أن يحققوا مقصدهم أو يحصلوا على بغيتهم (...) وأول دافع من دوافع الفشل في الدراسة هو عدم تسلح الطالب البحريني بثروة كبيرة من اللغة الانجليزية، ونصيحتي أن يتقوى الطالب فيها قبل إقدامه على تجشم مشاق السفر إلى الهند (...) الدافع الثاني هو ما يحس به وما يسيطر عليه من جو نفسي بأنه يعيش في بلد أجنبي تختلف عاداته وتقاليده ودينه عن بلاده وترتبط بهذا الدافع مشكلة الأكل والسكن (...)”.

 

طباعة “رباعيات الخيام” بمطبعة هندية

رسالة نادرة من الشعلة للأديب الكبير العريض

العريض يسلم نسخة دستور البحرين للأمير الراحل بحضور سمو رئيس الوزراء

تتقاطع علاقة الشعلة بالأديب الكبير رئيس المجلس التأسيسي المرحوم إبراهيم العريض بأكثر من موقف. ومن أبرزها علاقة الاثنين بالهند. عندما تواجد الشعلة بالهند بدأ بكتابة مقالاته وإرسالها للصحف والمجلات بالبحرين، مستلهما في تجربته الجديدة سيرة الراحل العريض الذي نظم أجمل أشعاره العربية وهو في الهند.

وربما كثيرون لا يعلمون أن الشعلة أشرف على طباعة إحدى طبعات ديوان العريض الشهير “رباعيات الخيام” بمطبعة هندية، والذي تمت كتابة كل كلمة منه بالخط الفارسي بحسب رغبة الشاعر.

رسالة من الشعلة للأديب الراحل ابراهيم العريض من أرشيف إدارة المتاحف

يروي الشعلة بالكتاب علاقته مع قامة العريض الشامخة. وقال إنه كان سعيدا بتكليفه بتصميم وإعداد وطباعة كتاب العريض باللغة العربية في بلاد ليست عربية. وجرت بين الشعلة والعريض مراسلات عديدة، ومن بينها رسالة محفوظة بأرشيف إدارة المتاحف والتراث بهيئة الثقافة والآثار (وزارة الاعلام سابقا)، وموجهة من الشعلة للعريض في 31 أغسطس 1972، ومنشورة بالكتاب، ومنقولة من كتاب أصدره الشوري منصور سرحان عن مراسلات العريض الأدبية. شرح الشعلة للعريض الخطوات المطلوبة منه لمتابعة وإكمال عملية إنتاج الكتاب وطباعته وإصداره.

 

“الهنود لم يأتوا لمنافسة البحرينيين”

“الهنود لم يأتوا لمنافسة البحرينيين” هو العنوان الأبرز لحوار أجراه الشعلة مع القائم بالأعمال الهندي بالسفارة الهندية بالمنامة بعد تسليم أمير البحرين الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أوراق اعتماد أول سفير للهند في البحرين بعقد السبعينات.

نشرت المقابلة في يوم الثلاثاء 25 ابريل 1972.

وقال القائم بالأعمال شيري ناريم شارما –وهو رجل في عقد الخمسين- بحواره مع الشعلة أنه كان مديرًا للمركز التجاري الهندي في نيويورك ثم مديرًا للمركز التجاري الهندي في بغداد ثم قائمًا بأعمال حكومة الهند بالعراق حتى جرى تكليفه بمهمة الرجل الثاني بسفارة بومباي بالمنامة في مارس 1972.

سأله الشعلة عن رأيه بمنافسة الأيدي العاملة الهندية والفنيين الهنود في البحرين، وهل ستتأثر العلاقة بين البحرين والهند إذا طلبت حكومة البحرين من الهنود المنافسين مغادرة أراضيها، وجاء رد الرجل الدبلوماسي بأن الهنود الموجودين بالمنامة لم يأتوا لمنافسة أهل البلاد ولا من أجل مضايقتهم ولكن جاؤوا بموافقة ورغبة شعبها وحكومتها على أساس الاحترام المبادل والعمل بموجب الأنظمة والتقاليد السائدة في البلاد.

 

بروفايل عن الكتاب

  • 724 صفحة.
  • القسم الأول مقدمة مسهبة تستعرض تجربة الكاتب ودوافع انخراطه بالكتابة.
  • القسم الثاني تحت عنوان “تجربتي مع القلم” ويحتوي على المقالات والمقابلات والتحقيقات التي أجراها في بداية انشغاله أو تعلقه بالصحافة، والتي بدأ في كتابتها منذ العام 1971.