+A
A-

مجلة إيطالية كبيرة تتبع طريق اللؤلؤ البحريني وتاريخه

شكّلت صناعة صيد اللؤلؤ أهمية على مرّ التاريخ بالنسبة لاقتصاد البحرين، حيث كانت العاصمة السابقة المحرق مركزها العالمي، وتم تشييد مركز زوار طريق اللؤلؤ ضمن موقع مسار اللؤلؤ في المحرق البحرينية، والمدرج منذ عام 2012 على لائحة التراث الإنساني العالمي لليونسكو.

وسلط المركز على هذا التاريخ من خلال الحفاظ على عدد من المواقع والعديد من المباني، من منازل الغواصين المتواضعة إلى مساكن الفناء المرموقة، وتم ربط جميع هذه المواقع عبر مسار الزائر، مع مجموعة من الأراضي الخالية التي تُركت كأماكن عامة نظرا لعمليات الهدم التي طالت الأماكن الطبيعية. وبعد افتتاحه رسميا حين كانت المحرق عاصمة الثقافة الإسلامية عام 2018، يستمر المبنى الذي صمّمه المصمّم العالمي فاليريو أولجياتي في جذب انتباه أهم المجلات العالمية المُتخصّصة بالعمارة، ومن آخرها مجلة “دوموس” الإيطالية التي خصّصت مقال ضيف شرف التحرير في عددها الدوري الصادر في الربع الأول من هذا العام للحديث عن مركز الزوار. وبدأت المجلة مقالها “في قلب العاصمة السابقة للبحرين، تمت إعادة إحياء موقع له تراث تاريخي فريد من نوعه تكريما لصناعة اللؤلؤ في المدينة”، كما خصّصت للمقال صفحات حملت العديد من الصور التي تُبرز جماليات المبنى ومختلف مرافقه، وذكر مسار اللؤلؤ ومضمونه.

وفي المضمون الذي يعيد تاريخ اللؤلؤ إلى الواجهة، نقرأ أهمية هذا المبنى الذي يحافظ على مفهوم التراث والعمران البحريني، إذ يعكس في مختلف جوانبه عناصر عمرانية محلية، مكمّلا بذلك الطريق الذي تتابع هيئة البحرين للثقافة والآثار ترميم بيوته وتشييد الساحات والمواقف الخاصة به. كما يسرد المقال رؤية المهندس العالمي فاليريو في بناء موقع حديث يستخدم عناصر المباني التراثية ركيزة له، كأبراج الرياح الهوائية القديمة والموجودة في بيوت البحرين التراثية والتي على مثالها بنى عددا من الأبراج تعلو مركز زوار طريق اللؤلؤ حاملة السقف العالي للمبنى الذي يرتفع عشرة أمتار، وفيه فتحات خماسية تسمح لأشعة الشمس بالوصول إلى الأرض التي ما زالت تحمل بقايا السوق القديم والتراث المحلي. ومنها أطلال مبان وجدران طويلة من الحجر المحلي وبعض أعمدة بناء وبقايا سوق تقليدية، وكل ذلك ضمن الرؤية الخاصة للمهندس الذي أراد تسليط الضوء على العمق التاريخي للمكان وعلاقته بصناعة اللؤلؤ.

ويعكس مقال المجلة العالمية “دوموس” الغنى التاريخي لمدينة المحرق ولمسار اللؤلؤ بالتحديد، وأهمية مبنى مركز الزوار في قلب المدينة القديمة والذي جاء علامة استثنائية واضحة جذبت المُتخصّصين في العمران. كما يساهم هذا المقال في الترويج لمملكة البحرين ومواقعها التراثية الإنسانية وأهمية الاستعانة بالخبرات العالمية في عملية إبراز التاريخ المحلي وانتشاره عالميا.

وبحسب موقع العرب الالكتروني من لندن بعد آن طريق اللؤلؤ في البحرين هو طريق يمتد 3.5 كيلومتر، ويقع في جزيرة المحرق في البحرين الذي تم استخدامه من قبل غواصي اللؤلؤ خلال معظم تاريخ البحرين حتى أوائل ثلاثينات القرن العشرين عندما انهار سوق اللؤلؤ في البحرين نتيجة لإدخال صعود اللؤلؤ الصناعي من اليابان.

وبدأ صيد اللؤلؤ في البحرين منذ عام 2000 قبل الميلاد، ويتألف من 17 مبنى و3 حاضنة محار تقع بالقرب من البحر وجزء من الساحل وقلعة بوماهر في الطرف الجنوبي من المحرق. وقد اعتمد الطريق كموقع للتراث العالمي تابع لليونسكو في 30 يونيو 2012، وهو موقع التراث العالمي الثاني في البحرين بعد قلعة البحرين.

وذكر الغوص بحثا عن اللؤلؤ في البحرين لأول مرة في النصوص الآشورية التي يرجع تاريخها إلى ألفي عام قبل الميلاد في إشارة إلى عيون السمك من دلمون (الاسم القديم للبحرين). وأيضا تايلوس، وهو الاسم اليوناني للبحرين، حيث ذكر بلينيوس الأكبر أنها كانت شهيرة بالعدد الكبير من اللؤلؤ.

وجاء العصر الذهبي لصيد اللؤلؤ في ما بين عقد 1850 إلى عقد 1930 عندما كان اللؤلؤ أغلى من الألماس الذي جذب المشاهير أمثال جاك كارتييه إلى البلاد. وكان هناك حوالي 30 ألف غواص لؤلؤ بحلول نهاية عام 1930، كما كان صيد اللؤلؤ الصناعة الرئيسية في البحرين قبل اكتشاف النفط في 1932. وبعد انهيار صناعة اللؤلؤ تحوّل معظم الغواصين لقطاع النفط الذي تأسّس حديثا. ويحظر حاليا تداول اللؤلؤ الصناعي في البحرين، ويوجد عدد قليل من غواصي اللؤلؤ اليوم.

ويأخذ طريق اللؤلؤ الزائر في رحلة توثّق تاريخ حقبة زمنية في البحرين ومنطقة الخليج العربي كان اقتصادها يعتمد على اللؤلؤ، ويوضّح المسار الذي يعيشه اللؤلؤ البحريني من لحظة خروجه من قاع البحر حتى وصوله إلى الأسواق العالمية. ولذلك حاز موافقة “لجنة التراث العالمي” باليونسكو في دورتها الـ36 عام 2012، لاعتباره ثاني موقع للتراث العالمي في البحرين، بعد قلعة البحرين التي تمّ تسجيلها ضمن القائمة في عام 2005.

وقد اعتبرت اللجنة أن “الموقع هو ما تبقى من الماضي للتقليد الثقافي لصيد اللؤلؤ والثروة المتولّدة عن طريق الهيمنة على اقتصاد الخليج من القرن الثاني إلى عام 1930 عندما صنّعت اليابان اللؤلؤ الصناعي”.